مكافحة الهجرة تشقّ أجهزة حكومة السرّاج

البحرية الليبية تهدد بالإفراج عن المهاجرين بعد إنقاذهم، متهمة جهاز مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق بعدم الاستجابة لجهود خفر السواحل في عمليات إنقاذ المهاجرين في البحر.

لا سلطة فعلية لحكومة الوفاق على مراكز إيواء المهاجرين
مراكز استقبال المهاجرين في ليبيا مناطق خارجة عن سيطرة القانون
حكومة السرّاج تقاوم للاحتفاظ بسلطة هشّة في غرب ليبيا
الفشل يلاحق حكومة الوفاق في معالجة المعضلات الاجتماعية والأمنية

طرابلس - اتهمت البحرية الليبية اليوم الجمعة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التابع لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني بعدم الاستجابة لجهود خفر السواحل في عمليات إنقاذ المهاجرين في البحر، موضحة أنها قد تضطر مستقبلا إلى الإفراج عن المهاجرين بعد إنقاذهم.

وتسلط هذه التطورات الضوء على حجم الخلافات بين أجهزة حكومة الوفاق التي يقودها رجل الأعمال فايز السرّاج والتي تقاوم للاحتفاظ بسلطتها في غرب ليبيا تحت ضغوط الميليشيات وانفلات السلاح وعجزها عن حل المعضلات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية.

وتتهم قوى منافسة بينها السلطة المؤقتة في شرق البلاد المدعومة من البرلمان الليبي (في طبرق) وقوات الجيش الوطني، حكومة الوفاق بارتهان العاصمة للميليشيات المسلحة ومنها جماعات إسلامية متشددة.

ويتم استقبال المهاجرين الذين ينقذون في البحر بداية من قبل منظمات غير حكومية تقوم بتقديم العناية والغذاء لهم، قبل أن يتولى أمرهم جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في وزارة داخلية حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة.

ويتم لاحقا توزيعهم على مراكز إيواء بدون أن يكون لهم حرية التحرك. وتصف المنظمات غير الحكومية تلك المراكز بأنها أشبه بمناطق خارجة عن سيطرة القانون، يعيش فيها نحو 5200 شخص وفق المنظمة الدولية للهجرة. ودعت المنظمة الشهر الماضي السلطات الليبية إلى الإفراج عن جميع المهاجرين واللاجئين داخل مراكز الإيواء.

احتجاز وايواء المهاجرين في ليبيا معضلة تثقل على حكومة الوفاق الليبية
احتجاز وايواء المهاجرين في ليبيا معضلة تثقل على حكومة الوفاق الليبية

ولا يمكن للبحرية أن تمارس سلطتها سوى في الموانئ وهي ملزمة بإبقاء المهاجرين تحت سيطرتها قبل تسليمهم إلى سلطات وزارة الداخلية.

لكن يضطر المهاجرون في بعض الأحيان إلى الانتظار أياما في المرافئ في ظروف سيئة وبدون مأوى قبل أن تتولى السلطات أمرهم، وفق ما أكد المتحدث باسم البحرية الليبية العميد قاسم أيوب في بيان.

وأوضح العميد قاسم أن التفكير في الإفراج عن المهاجرين يأتي "عقب العديد من المخاطبات لجهاز مكافحة الهجرة ووزارة الداخلية"، لكن بدون "استجابة فورية في مسألة تسلم المهاجرين".

وأكد إدراك "الأسباب والصعوبات التي يعاني منها الجهاز"، لكنه تابع "نخشى مستقبلا أن نضطر إلى إخلاء سبيل المهاجرين بعد إنقاذهم".

وحذر المتحدث باسم القوات البحرية من عدم "تحمل أية تبعات تطرأ نتيجة عدم قيام أية جهة وطنية بمسؤولياتها في مكافحة ظاهرة الهجرة، ما قد يؤدي إلى تفاقمها في المستقبل وزيادة تدخل المنظمات والتدخل الخارجي في غياب رؤية وموقف ليبي واضح ومحدد تجاه مكافحة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن القومي وسيادتنا الكاملة".

وأشار إلى أن خفر السواحل تمكنوا الأربعاء الماضي من "إنقاذ 45 مهاجرا من جنسيات مختلفة، بينهم ثمانية نساء وطفلان كانوا على متن قارب مطاطي على بعد حوالي 55 ميلا شمال غرب طرابلس"، موضحا أنه لم يتم نقلهم إلى مركز إيواء جنزور في ضاحية طرابلس الشرقية إلا بعد 24 ساعة.

وطالب بالعودة إلى العمل بالقانون رقم 19 العائد للعام 2010 وإلغاء قرار مجلس الوزراء رقم 386 للعام 2014 بشأن إنشاء جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وقال مبررا مطلبه بالعودة إلى القانون القديم "لا يعقل أن يعطل قرار قانونا وأن ننصاع لضغط المنظمات الدولية وأن نجعل القرار الليبي في هذا الشأن رهينة بيد تلك المنظمات وتحت رحمة تفسيراتها للقانون الدولي الإنساني وتحت رحمة غزو غير مسبوق لمتسللين بطريقة غير قانونية للأراضي الليبية تحت مظلة ومسمى مهاجرين".

وينص القانون المذكور على فرض عدد من العقوبات المالية والتأديبية تصل للسجن والإبعاد بحق كل المهاجرين غير الشرعيين وعلى عقوبات مالية كبيرة والسجن بحق كل ليبي متورط في عمليات الاتجار بالبشر، لكن اندلاع الثورة في ليبيا عام 2011 تسبب بتعطيل تطبيق القانون الذي لم يدخل قط حيز التنفيذ.

وأكدت البحرية الليبية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بفايسبوك أنها لن تتخلى عن مسؤوليتها في إنقاذ أرواح المهاجرين، لكنها حذّرت في المقابل من أنها "لن نتحمل أية تبعات تطرأ نتيجة عدم قيام أية جهة وطنية بمسؤولياتها في مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية".

وقالت "نحن نعلن ونعلم المسؤولين وكل من يهمه الأمر أن القوات البحرية وحرس السواحل خاصة لن يستطيعوا التخلي على مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية والقانونية في قيامهم بأعمال إنقاذ الأرواح في منطقة البحث والإنقاذ الليبية وخاصة بعد أن أعلنتها السلطة البحرية الليبية في شهر يوليو 2017، فإنقاذ الأرواح في البحر والاستجابة الفورية لإشارة الاستغاثة من صميم أعمالنا اليومية لا يمكن التخلي عنها مهما كانت الأسباب والمبررات".

وأشارت إلى أن التزاماتها المهنية كقوات بحرية تساعد في فرض السيادة الليبية في تلك المنطقة و"منع عودة المنظمات الدولية غير الحكومية التي تترصد في المنطقة وتبحث عن ذرائع لتعود من جديد بالقرب من مياهنا الإقليمية وبالتالي عودة طوفان قوارب المهاجرين غير الشرعية وزيادة أعداد الضحايا في البحر".

 وتابعت "نجد أنفسنا قد عدنا لنقطة البداية بعد كل المكتسبات الني تحققت خلال السنة والنصف الماضية من انخفاض عدد القوارب وعدد المهاجرين غير الشرعيين المغادرين من الساحل الليبي بنسب تجاوزات 60 بالمئة وإنخفاص ملحوظ في عدد الضحايا من المهاجرين غير الشرعيين المغرر بهم".

وغرقت ليبيا في فوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وتشهد حاليا نزاعا بين قوى سياسية متخاصمة والعديد من المجموعات المسلحة، لكن البلد يبقى مع ذلك نقطة عبور أساسية للمهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا.