ملعب العباسيين بدمشق ينتظر عودة ألقه الرياضي

نظام بشار الأسد يحول الملعب من منصة للفرح إلى نقطة عسكرية وما تزال أرضيته ومستودعاته شاهدة على حجم الدمار.

دمشق - على أرض ملعب العباسيين بدمشق دفن نظام بشار الأسد المخلوع أحلام عشاق كرة القدم السورية، بعد أن حول هذا الصرح الرياضي إلى نقطة عسكرية تستهدف المدنيين في معظم أحياء دمشق ليصبح مصدرا للآلام والأحزان على مدى سنوات طويلة طالت حربها الحجر والبشر.

ولا تزال مشاهد الدمار والخراب تهيمن على الملعب، بعد أن حوّله النظام البائد من ساحة للرياضة والاحتفالات الجماهيرية إلى قاعدة عسكرية خلال سنوات الحرب، تاركًا خلفه بقايا القذائف والذخائر في قلب الملعب.

ويقع ملعب العباسيين في موقع استراتيجي يربط وسط العاصمة بالأحياء التي انتفضت ضد النظام المخلوع مثل القابون وجوبر وزملكا، مما جعله نقطة محورية خلال الأحداث التي شهدتها سوريا منذ عام 2011.

وكان الملعب يعتبر رابع أكبر ملعب كرة قدم في سوريا من حيث السعة بعد استاد حلب الدولي واستاد مدينة الاسد الرياضية في اللاذقية وملعب خالد بن الوليد في حمص.

كما أن الملعب يُعد أقدم منشأة رياضية في سوريا، وقد كان قبل اندلاع الاحتجاجات مركزًا للمباريات الدولية والبطولات الكبرى. وبدلاً من أن يبقى مركزًا رياضيًا، تحول إلى قاعدة للجيش، حيث نُصبت فيه بطاريات المدفعية التي استهدفت بشكل رئيسي أحياء الغوطة الشرقية، بما فيها القابون وجوبر وزملكا.

واستضاف الملعب قداسا كبيرا أقامه البابا يوحنا بولس الثاني في ثاني يوم من زيارته إلى سوريا في 7 مايو/أيار 2001، حضره عشرات الآلاف من الأشخاص. كما استضاف الملعب نهائي كأس غرب آسيا في عام 2002 بين العراق والأردن.

وقال مدير الملعب إياد سلطان للوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" إن ملعب العباسيين من أقدم الملاعب في سوريا فقد أُنشئ منذ العام 1957 وتم تحديثه مرتين آخرها عام 2011 أي قبل اندلاع الثورة بقليل، وتتسع مدرجاته إلى ما يقارب 40 ألف متفرج، وهو الملعب الوحيد القادر على استضافة المباريات الدولية، وقد حوله النظام البائد إلى أرض جرداء لا تصلح لشيء.

اليوم، ما تزال أرضية الملعب ومستودعاته شاهدة على حجم الدمار، حيث تنتشر الألغام والحفر وبقايا القذائف والمدفعيات، في مشهد يجسد آثار العمليات العسكرية التي شهدها المكان.

وتحدث اللاعب السابق في المنتخب السوري لكرة القدم نبيل السخني للأناضول عن الذكريات الجميلة التي عاشتها جماهير دمشق وسوريا في هذا الملعب قبل عام 2011، مشيرا إلى أنه ارتدى قمصان عدة أندية في الدوري السوري، معبرًا عن حزنه لتحول الملعب إلى ثكنة عسكرية منذ عام 2012، حيث خرج عن الخدمة الرياضية.

وتابع "خضنا أكثر من مباراة نهائية هنا. لعبنا 3 نهائيات لكأس الجمهورية وسط حضور جماهيري غفير وأجواء دراماتيكية لا تُنسى. كان للملعب طابعًا خاصًا"، موضحا أن النظام المخلوع لم يستخدم الملعب كقاعدة عسكرية فقط، بل جعله مركزًا مؤقتًا للاعتقال، مضيفا "تحول الملعب إلى مكان لقصف الأبرياء. لا أحد يعرف عدد الضحايا الذين سقطوا داخله أو نتيجة القصف المنطلق منه".

ولفت السخني إلى أن الحال لم يختلف كثيرًا في باقي المنشآت الرياضية، قائلا "باستثناء ملعبي الجلاء والفيحاء، معظم المرافق الرياضية تحولت إلى أماكن للحرب والقمع، وهو ما ألحق ضررًا بالغًا بالناس والمنطقة"، محذرا من الخطر المستمر الذي تشكله الذخائر غير المنفجرة الموجودة حتى اليوم داخل أرضية الملعب.

وتعاقب عدد من الاتحادات التي اجتهدت بالأقوال لا بالأفعال على إعادة ترميم ملعب العباسيين، وقدمت العديد من الدراسات التي كانت تتلاءم مع ما يتمناه النظام البائد، لكن جميع مشاريعهم منيت بالفشل وبقي الملعب صامدا رغم آثار الدمار الكبيرة التي لحقت به بانتظار عودته إلى النشاط الرياضي الذي عهده.

وأشار السخني إلى أن "البنية التحتية الرياضية كلها خارج الخدمة. الملعب انتهى تقريبًا، ويحتاج إلى إعادة بناء شاملة"، مؤكدا أن إعادة بناء البنية التحتية الرياضية تمثل أولوية قصوى حاليًا، قائلا "نسعى لإعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية بما يليق بسوريا. هذا المشروع لن يكون من أجل البلاد فقط، بل من أجل كل من ضحّى".

وأفاد أن سوريا بحاجة إلى من يمد لها يد العون لتعود دولة آمنة، متابعا "نحن الآن في طور العمل على هذا الملف. وزير الرياضة يجري مباحثات مع دول الجوار ودول الخليج لدعم هذه الجهود. نشكر كل من يمد لنا يد المساعدة"، معربا عن أمله في أن تعود الرياضة السورية إلى سابق عهدها، قائلا "نحن اعتزلنا كرة القدم، لكن الأجيال القادمة ستعيش تلك الأيام الجميلة من جديد، بمشيئة الله وفضله".