مناصرو ميليشيات إيران يقتحمون السفارة الأميركية في بغداد

مسؤولان في وزارة الخارجية العراقية يؤكدان إجلاء السفير الأميركي وموظفين آخرين من السفارة.

بغداد - هاجم محتجون عراقيون الثلاثاء البوابة الرئيسية للسفارة الأميركية في بغداد منددين بالضربات الجوية الأميركية التي استهدف الأحد قواعد لفصيل عراقي موال لإيران، واحرقوا أعلاما وحطموا كاميرات مراقبة، بحضور قادة وعناصر من ميليشيا الحشد الشعبي، وسط صمت حكومي مريب.

وقال مسؤولان في وزارة الخارجية العراقية إنه تم إجلاء السفير الأميركي وموظفين آخرين من السفارة في العاصمة بغداد، قبل أن يتمكن محتجون من اقتحام حرم السفارة.

واجتمع آلاف من المتظاهرين وعناصر تابعة لفصائل شيعية موالية لإيران للمشاركة في موكب تشييع مقاتلي كتائب حزب الله الـ25 الذين قضوا في الغارات الأميركية ثم اتجهوا نحو البوابة الرئيسية للسفارة الأميركية في بغداد وهم يهتفون "الموت لأميركا".

وتمكن المحتجون من عبور جميع حواجز التفتيش دون صعوبة في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين.

وتدخل عناصر الأمن العراقيون بحذر عند بوابة السفارة فيما لجأ المتظاهرون إلى العنف.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر قادة من الحشد الشعبي من بينهم زعيم ميليشيات "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وهادي العامري أمين عام منظمة "بدر" خلال توجههم نحو السفارة الأميركية في بغداد لمساندة المحتجين.

و"عصائب أهل الحق" هي ميليشيا شيعية مدعومة من إيران، وحزب سياسي يعمل بشكل أساسي في العراق وسوريا، وقد تورطت الحركة في أعمال عنف طائفية، وجرائم حرب في كل من البلدين.

وأسس الخزعلي الحركة عام 2006 ويتراوح عدد أفرادها بين 7 آلاف و10 آلاف عضو حسب مركز "مشروع مكافحة التطرف"، وتعتبر هذه الميليشيا ضمن الأقوى في العراق ولديها ذراع سياسي باسم "الصادقون"، وهي كتلة برلمانية كانت تحت القيادة المؤقتة لكتلة "دولة القانون" التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وكان الخزعلي أحد أكثر المطلوبين لدى القوات الأميركية، بعدما نفذت عصائب أهل الحق هجوما في كربلاء أودى بحياة خمسة جنود أميركيين في يناير 2007.

وفي مارس 2007، تم اعتقال الخزعلي على أيدي القوات متعددة الجنسيات في العراق، لكن تم الإفراج عنه في يناير 2010، ضمن صفقة لتبادل الأسرى.

وعاد الخزعلي لقيادة العصائب عسكريا وسياسيا منذ إطلاق سراحه في 2010، وبعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في ديسمبر 2011، تركز نشاط العصائب على تجنيد عناصر من أجل دعم نظام بشار الأسد في سوريا.

ونفذت الميليشيات أكثر من 6 آلاف هجوم على القوات الأميركية والعراقية خلال فترة الوجود الأميركي في العراق في عمليات معقدة تضمنت خطف رهائن غربيين.

وتسعى الميليشيات التي تواصل حمل السلاح خارج الدولة إلى دعم النفوذ الإيراني الديني والسياسي في العراق، والحفاظ على الهيمنة الشيعية على العراق، والإطاحة بأي قوات أجنبية في العراق.

 ومنذ انطلاق الاحتجاجات في العراق بداية أكتوبر الماضي، حاولت جميع الميليشيات الموالية لإيران أبرزها عصائب أهل الحق والحشد الشعبي قمع الاحتجاجات واتهمها الحراك الشعبي وخاصة زعيمها  الخزعلي بارتكاب انتهاكات بحق المتظاهرين والمساهمة في قمعهم وقتل عشرات المحتجين.

وتعتبر العصائب واحدة من بين أكبر ثلاث ميليشيات عراقية مدعومة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وتظهر الميليشيا ولاءها لإيران وللمرشد الإيراني علي خامنئي، بشكل علني. وتعمل المجموعة سواء في العراق أو سوريا تحت إشراف فيلق القدس الإيراني، الذي يقوده قاسم سليماني.

والخميس الماضي، كشف مسؤول أمني عراقي رفيع لموقع الحرة أن سليماني هو من أمر بشكل مباشر بتعيين الفريق الركن تحسين العبودي الملقب بـ"أبو منتظر الحسيني"، مسؤولا عن أمن المنطقة الخضراء حيث توجد السفارة الأميركية وسط بغداد، ضمن "مخطط يستهدف ترويع البعثات الدبلوماسية في البلاد".

وكانت وسائل إعلام عراقية ذكرت أن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي كلف مستشاره العسكري لشؤون الحشد الشعبي "أبو منتظر الحسيني"، بمنصب قائد الفرقة الخاصة التابعة لرئاسة الوزراء خلفا للفريق الركن عبدالكريم التميمي الذي سيشغل منصب قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب.

سليماني أمر بتعيين مقرب من الحرس الثوري مسؤولا عن أمن المنطقة الخضراء

وأكد المسؤول الأمني العراقي أن "قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني طلب، عن طريق مساعده الحاج حامد، من عادل عبدالمهدي، إصدار أمر ديواني يضمن تكليف الفريق الركن تحسين العبودي بمنصب قائد الفرقة الخاصة المكلفة بحماية المنطقة الخضراء".

وأضاف المسؤول، أن "العبودي استلم مهامه قائدا للفرقة الخاصة فور دخول العراق في مرحلة الفراغ الدستوري يوم الأحد 22 ديسمبر".

وتابع أن السبب في ذلك يعود إلى "عزم إيران إحكام السيطرة على المنطقة الخضراء التي تضم مكاتب الرئاسات العراقية الثلاث ومباني السفارات الأميركية والبريطانية والسعودية وباقي السفارات والبعثات الدبلوماسية".

وأشار إلى أن "استلام هذا الضابط للقيادة الأمنية العليا للمنطقة الخضراء يوجه رسالة واضحة مفادها أن الحرس الثوري الإيراني، وبالتعاون مع حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، فرض سطوته الأمنية والاستخبارية والعسكرية على آمن هذه السفارات".

وأكد المسؤول أن الحسيني بدأ منذ الأسبوع الماضي "بإصدار تصاريح دخول لأفراد ميليشيات مدعومة من إيران للمنطقة الخضراء المحصنة أمنيا، كما أجرى تغييرات في صفوف القوات المنتشرة في المنطقة وجلب ضباطا كانوا يعملون معه في السابق وأسند إليهم مهام استخبارية".

ويأتي هذا التصعيد من قبل الميليشيات التابعة لإيران على إثر الضربات الجوية التي نفذتها القوات الأميركية ليل الأحد ضد مواقع لكتائب حزب الله في غرب العراق وأسفرت عن مقتل 25 شخصا، ردا على مقتل أميركي في هجوم صاروخي استهدف قاعدة في شمال العراق فيها جنود أميركيون.

ال
وكلاء إيران فتحوا المنطقة الخضراء أمام الفوضى

ويقول مراقبون أن الهجوم الصاروخي يأتي مباشرة بعد تحصين الفصائل العراقية نفسها من قبل التعيينات الاحترازية التي أمرت بها طهران خشية أن تقوم واشنطن بدعم رئيس وزراء غير مضمون في حكومة انتقالية أو حكومة طوارئ مدعومة من الجيش العراقي".

والعبودي الذي تم تعيينه مسؤولا عن أمن المنطقة الخضراء هو أحد ضباط العمليات الخارجية (الاستخبارات) لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ويعد من أبرز قيادات منظمة "بدر" بقيادة هادي العامري، وكان يشغل منصب مدير عمليات الحشد الشعبي قبل توليه منصب مستشار رئيس الوزراء لشؤون الحشد الشعبي في أغسطس الماضي".

وقال معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني في 9 ديسمبر الجاري، إن العبودي الملقب بـ"أبو منتظر الحسيني" شارك في خلية الأزمة التي أمرت بعمليات القتل وبالهجمات على محطات التلفزيون" خلال الاحتجاجات التي اندلعت في العراق منذ أكتوبر الماضي.

وارتدى المحتجون الذين توجهوا إلى السفارة الأميركية الزي الرسمي لقوات الحشد الشعبي المؤلفة من فصائل موالية لإيران من أبرزها كتائب حزب الله، وباتت تشكل جزءا من القوات الأمنية.

وبين المحتجين نساء يلوحن بأعلام عراقية وأخرى للحشد الشعبي.

وحمل محتجون لافتات كتب على إحداها "البرلمان يجب أخراج القوات الأميركية وإلإ سيتم طردهم" فيما كتب على أخرى "أغلقوا السفارة الأميركية في بغداد" و"إلى أميركا.. سنرد بقوة".

كما كتب المحتجون على جدار السفارة الخارجي عبارات بينها "سيكون الرد بحجم عقائدنا" و "كنا وما زلنا مقاومة" و "كلا كلا أميركا .. كلا كلا إسرائيل" وأخرى "نعم نعم للحشد".

كما علقوا أعلام عدد من فصائل الحشد الشعبي على الجدار الخارجي للسفارة.