منظمات أممية تحذر من انهيار كارثي يتربّص بلبنان

دراسية أممية تشير إلى أن الصراع يخلف دمارا هائلا في اقتصاد لبنان، متوقعة أن تتجاوز نسبة الفقر 90 بالمئة في المناطق الجنوبية.

بيروت - حذرت منظمات أممية اليوم الاثنين من أن لبنان على حافة الهاوية ومعرض لانهيار كارثي جراء الغارات الإسرائيليّة الأخيرة عليه، ودعت إلى تدخل دولي عاجل لإنهاء النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية.
ويأتي هذا التحذير في دراسة مفصلة أصدرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، بشأن الضربات الإسرائيليّة التي استهدفت لبنان.
وتدعو الدراسة، التي تحمل عنوان "الأثر متعدّد الأبعاد للاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان"، إلى تدخّل دولي عاجل لإنهاء النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية، ولاستعادة الاستقرار في المنطقة بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ورسمت الدراسة صورة قاتمة للخسائر البشرية، ففي يوم 23 سبتمبر/أيلول الجاري، قتلت الغارات الجويّة الإسرائيلية 569 شخصًا، وأصابت 1850 آخرين، بينهم 50 طفلًا و94 امرأة، وهو ما يمثل واحدة من أكثر الخسائر البشرية الناجمة عن غارات جوية في يوم واحد خلال القرن الحادي والعشرين.
وفي ذلك اليوم بدأت إسرائيل "أعنف وأوسع" هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، لا يزال مستمراً.
ورأت الدراسة أن ارتفاع عدد الضحايا والمصابين "دفع النظام الصحي المُنهك أساسًا في لبنان إلى حافة الهاوية".
وأضافت "في حين تحاول المستشفيات التكيّف مع الوضع، أدى النزوح الجماعي لأكثر من 200 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، إلى خلق أزمة إنسانية حادة، كما أدى إلى تقييد الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية".
وبحسب تقرير وحدة إدارة مخاطر الكوارث بالحكومة اللبنانية بلغ عدد النازحين المسجلين في مراكز الإيواء المعتمدة في لبنان حتى الاثنين، 146 ألفا و400 شخص، فيما بلغ عدد مراكز الإيواء 834، تشمل مدارس حكومية ومجمعات تربوية ومعاهد مهنية ومراكز زراعية وغيرها موزعة في مختلف المحافظات.
وقالت الدراسة إن "الصراع يخلف دمارًا هائلًا في اقتصاد لبنان، حيث من المتوقّع أن ترتفع معدّلات الفقر في المناطق الجنوبية بشكل كبير".
وتوقعت أن تصل نسبة الفقراء إلى 94 بالمئة في محافظة النبطية و87 بالمئة في محافظة جنوب لبنان، "وهما المنطقتان اللتان عانتا من وطأة الدمار بعد أن تضرر أو دُمّر أكثر من 23 ألف منزل في أرجائهما".
وفي هذا السياق، قالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي إن "هذا النزاع دمّر ليس فقط البنى التحتية، بل أيضًا نسيج المجتمع ذاته".
وأردفت "إن تدمير المنازل والمدارس والمرافق الصحية، إلى جانب النزوح الواسع النطاق، يؤدي إلى تآكل رأس المال البشري وشرخ التماسك الاجتماعي".
وأكدت دشتي أن إنهاء النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية "أمر بالغ الأهمية لرفاهية شعوب المنطقة ولاستقرار".
ولفتت الدارسة إلى أن قطاعات اقتصادية رئيسية في لبنان تضررت بشدة، مضيفة "قد تتجاوز خسائر قطاع السياحة، شريان الحياة الحيوي، 3 مليارات دولار، في حين قُضي على القطاع الزراعي بسبب استخدام القنابل الفوسفورية الحارقة".
وحذرت الدراسة من أن "مثل هذا الاستهداف المنهجي للأصول الزراعية يهدد الأمن الغذائي وسبل العيش في المجتمعات الريفية، مما يعقّد أي جهود للتعافي"، مشيرة إلى أن "مؤسسات الدولة الهشّة في لبنان تكافح لمواجهة التداعيات"، محذرة من أن الصراع المستمر، إلى جانب تضاؤل الموارد العامة والافتقار إلى الدعم الدولي، يدفع الحكومة نحو انهيار محتمل.
وأشارت إلى أن الجهود المبذولة لإدارة الأزمات الإنسانية والتنموية باتت "مستنزفة"، داعية إلى "اتباع نهج منسّق للتعافي وإعادة الإعمار مخصص للمنطقة بدعم من المجتمع الدولي، وذلك لضمان مسار مستدام للمضي قدمًا في المناطق التي مزّقتها الحرب في لبنان".
ومنذ 23 سبتمبر/أيلول الجاري تشن إسرائيل أعنف وأوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، ما أسفر حتى ظهر الاثنين عن ما لا يقل عن 962 قتيلا، بينهم أطفال ونساء، و2778 جريحا، وفق رصد الأناضول لبيانات السلطات اللبنانية، ووسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية.
ويستمر دوي صفارات الإنذار في أنحاء إسرائيل، إثر إطلاق كثيف من حزب الله لصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وسط تعتيم من الرقابة العسكرية الإسرائيلية على الخسائر البشرية والمادية، حسب مراقبين.