منظمات حقوقية دولية تُدين ضغوطات تركيا ولبنان على اللاجئين السوريين
بيروت – تخشى منظمات حقوقية دولية من احتمال ألا يكون برنامج إعادة اللاجئين السوريين من لبنان طوعياً كما يُقال، في وقت تتزايد فيه المخاوف من نموذج سياسة إكراه مطبقة بالفعل في تركيا التي يعيش فيها 3.6 مليون سوري فروا من بلادهم.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها فهمت أن عمليات الإعادة الوشيكة للاجئين من لبنان إلى سوريا، ستتم من خلال الآلية نفسها التي تقوم من خلالها تركيا بترحيل اللاجئين إلى شمال سوريا.
وكثف البلدان المضيفان، تركيا ولبنان، هذا العام ضغوطهما على اللاجئين للمغادرة.
وفيما فشل البرلمان اللبناني الإثنين للمرة الرابعة على التوالي في انتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل انقسامات عميقة تثير مخاوف من فراغ في سدة الرئاسة، قال الرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر تشرين الأول إن جهاز الأمن العام في البلاد سيسهل العودة الطوعية للاجئين السوريين، استئنافا لدوره الذي يقوم به منذ عام 2018 في إعادة نحو 400 ألف فروا من العنف في أعقاب احتجاجات 2011 ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
والأربعاء من المتوقع أن يُغادر أول دفعة من لاجئين سوريين عائدين من لبنان إلى ديارهم بموجب خطة جديدة، لكن قليلين فقط من اللاجئين في المخيمات المتهالكة بسهل البقاع في وسط البلاد أبدوا استعدادا لتسجيل أنفسهم.
وبحث جهاز الأمن العام اللبناني مع السلطات في دمشق ما إذا كان هؤلاء الأفراد صدرت بحقهم أي أوامر اعتقال، قبل أن يوفر لهم النقل عبر الحدود.
ولم تؤيد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذه العملية لكن ممثليها كانوا متاحين لتلقي تساؤلات اللاجئين، ويحتمل أن يؤدوا الدور نفسه هذه المرة.
وقالت السورية منال (29 عاما)، التي تعيش حياة صعبة في مخيم سهل البقاع "كيف بدنا نروح وفيه حرب؟".
وقالت ديانا سمعان، باحثة الشؤون السورية في المنظمة الحقوقية العالمية، إن "سوريا ليست آمنة للعودة". وخلصت المنظمة إلى أن من عادوا قبل ذلك تعرضوا لانتهاكات حقوقية من بينها الاحتجاز والتعذيب والاغتصاب والاختفاء القسري.
وذكرت أنّه ليس من المرجح أن يكون لدى اللاجئين الذين يبدون رغبتهم في العودة معلومات دقيقة عن الأمن وتوافر الخدمات في بلداتهم.
فمسقط رأس منال، في محافظة دير الزور بأقصى شرق سوريا، مقسم إلى مناطق بين الفصائل المتحاربة، مثله مثل معظم أنحاء البلاد.
ويشن متشددون إسلاميون هجمات كر وفر هناك، بينما يسيطر الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة على بعض المناطق وتسيطر الجماعات المسلحة المتحالفة مع الحكومة على مناطق أخرى.
وفقدت منال ولديها في غارة جوية هناك منذ عدة سنوات. وفرت إلى لبنان مع ابنتيها، وتكسب ما يزيد قليل عن دولارين في اليوم من حرفة فرز الحطب لبيعه للمواقد.
وقالت لرويترز "أفضل نعيش بالذل من إنه أخسر ناس أكثر بحياتي. أنا مش مستعدة أخسر بناتي للحرب".
في تركيا: صاروا مرعوبين من مُجرّد الخروج
في غضون ذلك، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات في تركيا اليوم الاثنين بالاحتجاز التعسفي لمئات اللاجئين السوريين وترحيلهم هذا العام، في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية المتمثل في عدم إجبار طالبي اللجوء على العودة إلى بلد قد يتعرضون فيه للاضطهاد.
وقالت المنظمة إن السلطات التركية اعتقلت سوريين في الشوارع والمنازل وأماكن العمل ثم ضربتهم وأرغمتهم على توقيع وثائق تفيد برغبتهم في العودة طواعية وأجبرتهم على الدخول إلى سوريا تحت تهديد السلاح.
وكان بعضهم من مناطق تسيطر عليها الحكومة لكن تم الدفع بهم إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة حيث اندلعت اشتباكات هذا الشهر.
وأحجمت وزارة الداخلية التركية عن الرد على طلب رويترز التعليق.
وقال سافاش أونلو مدير الهيئة التركية المعنية بشؤون الهجرة لهيومن رايتس ووتش إن مزاعمهم "لا أساس لها" وإن تركيا تمتثل لقانون الهجرة الدولي.
وقالت نادية هاردمان الباحثة لدى هيومن رايتس ووتش لرويترز إن اللاجئين السوريين في تركيا صاروا الآن "مرعوبين من الخروج. الرجال على وجه الخصوص يقولون إن الخوف من المرور على نقاط التفتيش يذكرهم بسوريا".
واحتجزت السلطات مهند، وهو سوري يبلغ من العمر 30 عاما يعيش في تركيا، لعدة أيام بعد الإمساك به في محافظة غير تلك التي سجل فيها للحصول على وضع الحماية.
وبعد التهديد بترحيله إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، حيث أنه من المطلوبين هناك، ألقت به السلطات مع عشرات السوريين الآخرين في ساحة لتخزين الخردة على مسافة تبعد ساعات عن منازلهم.
ويتجنب مهند الآن ركوب المواصلات العامة لتفادي احتجازه مرة أخرى.