من الرئاسة إلى الجيش حوار طرشان مع المحتجين الجزائريين

الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح يتحدث عن أزمة الجزائر في وقت يطالبه فيه المحتجون بالرحيل كونه من أحد المتسببين فيها مع نظام بوتفليقة الذي عمل ضمن آلياته.

الجزائر - توجه الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح الذي يواجه رفضا شعبيا، برسالة إلى الطلاب بمناسبة عيدهم الوطني الموافق لـ 19 مايو/أيار من كل عام، قال فيها إن بلاده تعيش "مرحلة تبشر بمستقبل واعد وأنها "ستخرج من أزمتها الراهنة أكثر صلابة".

ونشرت وكالة الأنباء الرسمية رسالة عبالقادر وجاء فيها أن "الجزائر تعيش مرحلة تبشر بآفاق واعدة في مستقبل تعود فيه الكلمة للشعب السيد لاختيار حكامه في ظل ضمانات حقيقية لمنافسة نزيهة وعادلة".
وأوضح بن صالح، الذي عيين رئيسا مؤقتا للبلاد بعد استقالة بوتفليقة، في 2 أبريل/نيسان الماضي، أنه على قناعة من أن البلاد "ستنهض من كبوتها وتخرج من محنتها معافاة صلبة بفضل المخلصين من أبنائها البررة الذين تجردوا من هوى النفس وأقبلوا بعزمٍ على بناء وطنهم لكي ينعم شعبهم بالأمن والاستقرار وبالسكينة والازدهار".

وكان بن صالح يشير إلى أزمة تعيشها البلاد بسبب انتفاضة شعبية انطلقت في 22 فبراير/ شباط الماضي ضد ترشح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة وأرغمته على الرحيل نهائيا مطلع أبريل/نيسان الماضي.

واليوم الأحد، تظاهر نحو ألفي طالب جزائري بمناسبة عيدهم الوطني للمطالبة برحيل كافة رموز نظام بوتفليقة وبينهم بن صالح الذي خلفه مؤقتا لتسعين يوما وفق الدستور، لكن الشارع يرفض أيضا انتخابات الرئاسة التي دعا إليها والمقررة في الرابع يوليو/تموز المقبل.

وقبل أيام، أعلن بن صالح، خلال استقباله لرئيس الوزراء نورالدين بدوي الذي يطالب المحتجون برحيله أيضا، تمسكه بإجراء انتخابات الرئاسة في موعدها، رغم رفضها شعبيا ومن طرف جل أطياف المعارضة في البلاد.
واعتاد الطلاب على التظاهر كل يوم ثلاثاء منذ بداية الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة، إلا أنهم استغلوا هذه المرة ذكرى يوم الطالب في 19 أيار/مايو 1956 حين ترك الطلاب الجزائريون مقاعد الجامعات والتحقوا بحرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي.

وبدأ تجمع الطلاب أمام الجامعة المركزية بوسط الجزائر العاصمة، وحاولوا تنظيم مسيرة نحو مقر المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) لكن الشرطة المنتشرة بكثافة منعتهم بالقوة مستخدمة الهراوات.

وردّد الطلاب في وجه قوات الأمن "يا للعار يا للعار" وهم يحاولون الهرب من ضربات الهروات، نحو الشوارع المجاورة لشارع زيغود يوسف حيث مقر البرلمان.

كما ردّد الطلاب المتجمعون في ساحة البريد المركزي، التي أصبحت نقطة التقاء كل المتظاهرين، شعار "ماكانش انتخابات يا العصابات" (لا للانتخابات أيتها العصابات).

الشارع لفظهم
الشارع لفظ الباءات الثلاثة

وأصبح رفض الانتخابات مطلبا ملحّا للحركة الاحتجاجية كما في التظاهرة الكبرى كل يوم الجمعة، وهو ما عبرت عنه كذلك ثلاث شخصيات بارزة، داعية القيادة العسكرية إلى الحوار.

وتساءل كل من أحمد طالب الإبراهيمي وزير الخارجية الأسبق، والمحامي علي يحيى عبدالنور المناضل من أجل حقوق الإنسان والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، "كيف يمكن أن نتصور إجراء انتخابات" تنظمها "مؤسسات ما زالت تديرها قوى غير مؤهلة معادية للتغيير البناء؟".

ويبدو أن الصيام والحرارة في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان، لم يؤثرا على التعبئة الكبيرة للطلاب، كما لم يؤثر الانتشار الكبير لقوات الأمن في وسط العاصمة.

ومنذ استقالة الرئيس بوتفليقة، عاد الجيش لأداء دور محوري في الحياة السياسية وأصبح رئيس أركانه الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في الدولة وهو الذي خدم مع بوتفليقة 15 سنة.

ولم تهدئ هذه الاستقالة غضب الشارع الذي أصبح يطالب برحيل كل "النظام" الموروث من عهد بوتفليقة الذي عمّر عشرين سنة في الحكم.

وتتوالى خلال الأيام الأخيرة دعوات لقيادة الجيش، من أجل فتح حوار سياسي لتجاوز الانسداد القائم، لكن المؤسسة العسكرية تلتزم الصمت إزاء هذه التطورات كما سبق وأن رفضت أي حل خارج الدستور.

ودعت 46 منظمة وجمعية جزائرية، الأحد، قيادة الجيش إلى فتح حوار مع الطبقة السياسية والمجتمعية من أجل إيجاد حل توافقي للأزمة، وعدم إجراء انتخابات الرابع من يوليو/تموز. 
وأصدرت الجمعيات والمنظمات بيان عقب اجتماع لها بالعاصمة تحت عنوان "اللقاء التشاوري للمجتمع المدني إسهاما في حل الأزمة السياسية للبلاد".
وورد في الوثيقة "ندعو مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، إلى فتح حوار صريح مع ممثلي المجتمع المدني والطبقة السياسية لأجل إيجاد حل سياسي توافقي يستجيب للطموحات الشعبية في أقرب الآجال".
وسابقا دعت قيادة الجيش إلى فتح حوار مع مؤسسات الدولة، لتوفير الظروف لتنظيم انتخابات في أقرب الآجال، بشكل أعطى الانطباع أنها غير متمسكة بموعد الرابع من يوليو، الذي ترفضه المعارضة والحراك الشعبي.