من جحيم الإخوان إلى ظلام إيران

ما لم تعلنه قطر في أي وقت أنها كانت دائما جزءا من المحور الإيراني.

ليس صحيحا القول إن دولة قطر مستهدفة من أحد من جيرانها العرب.

الصحيح أن قطر وجدت في كراهية إيران للعرب مناسبة لكي تتحالف معها في مواجهة عدو خليجي مفترض.

تلك معادلة ليست جديدة. ولا علاقة لها بالمقاطعة العربية التي بدأت من سنتين. ذلك لأن علاقة قطر بجماعة الاخوان المسلمين تعود إلى عقد التسعينات من القرن الماضي. ولم تعد علاقة تلك الجماعة بإيران خافية على أحد.

ما لم تعلنه قطر في أي وقت أنها كانت دائما جزءا من المحور الإيراني.

ولكن ما فعلته قطر في سوريا يفند ذلك الاستنتاج؟

سؤال وجيه يمكن الإجابة عليه بسؤال آخر "مَن قال إن إيران لا ترغب في تدمير سوريا؟" وإذا ما وضعنا علاقات قطر الطيبة بإسرائيل في الميزان، تبدو إيران مستفيدة من ذلك. ليست سوريا أهم من إسرائيل في سياق المشروع الإيراني الذي يحظى بمباركة جماعة الإخوان المسلمين.

كان طبيعيا أن تجد قطر "الاخوانية" نفسها في قطر القريبة من إيران.   

إيران ترغب في تدمير سوريا. فسوريا المدمرة هي سوريا التي يمكن اخضاعها بيسر ما دام الهدف بالنسبة لإيران هو التهام الشرق العربي ومجاورة إسرائيل. يومها سيجلس الشرق الأوسط على الاثافي الثلاث. إيران وإسرائيل وتركيا ولا وجود للعرب على الخارطة السياسية.

لا أعتقد أن قطر وهي تسعى الى التماهي مع متطلبات المشروع الإيراني تدرك أبعاد ذلك المشهد الكارثي الذي هو بالتأكيد ليس في مصلحتها.

إيران تستعمل قطر في مشروعها فيما القطريون لاهون عن ذلك في تغذية الأوهام الإخوانية عن الخطر الذي يشكله العرب.

لم تكن المقاطعة العربية إلا جرس انذار لم تتعامل معه قطر بطريقة جادة. فهي حين اعتبرته خطوة معادية زلت عن الطريق التي يمكن أن تقودها إلى مراجعة سياساتها التي أدت إلى تدمير سوريا وتمكن الإيرانيين منها.  

لم يكن الخوف على سوريا وحده هو الدافع لقيام المقاطعة. كان هناك خوف حقيقي على قطر وليس منها. ذلك لأن القوى الظلامية المتمثلة بجماعة الإخوان المسلمين وتفرعاتها تبيت لقطر ما تبيته للآخرين من شرور. فهي قوى غادرة ولا ترحم من جهة تعصبها لمنطلقاتها النظرية القائمة على أحكام تضع الآخرين كلهم في قائمة الكافرين الذي يستحقون الموت.

ما من أحد يمكن أن يكون بمنجى من الجحيم الإخواني إذا ما تمكن الإخوان من السلطة ولن يكون مصير قطر أفضل حالا من مصائر الآخرين.

اما إذا كانت قطر تفكر بطريقة مختلفة فكان عليها أن تقنع الآخرين بصواب سياساتها التي صار الآخرون يعتقدون أنها تسبب لهم الضرر وتقود المنطقة الى الحضن الإيراني.

في كل ما فعلته في مواجهة الأزمة لم تقترب قطر من الأسباب التي دعت الآخرين إلى مقاطعتها بل لجأت إلى الهجوم امعانا في تكريس وترسيخ تلك الأسباب. ولم يكن في ذلك ما ينفع على مستوى تفكيك الأزمة والعمل على حلها. بل العكس هو ما جرى.

لقد تبين للآخرين أن قطر حالة ميؤوس منها. وهو أمر لا يدخل في مصلحة قطر إلا إذا كان هدف قطر أن تُترك في عزلتها لتفعل ما تشاء.   

لم يقل القطريون إنهم على حق في تبنيهم للإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا وفي اصطفافهم إلى جانب إيران في مشروعها التوسعي على حساب العالم العربي وفي دعمهم الإعلامي للتيارات الظلامية المسلحة التي نشرت الإرهاب.

لم يطرحوا الأسباب التي تجعلهم يعملون في الخفاء والعلن على زعزعة الامن والاستقرار في دول الربيع العربي.

كل ما فعلوه أنهم ركزوا على سيادتهم الوطنية التي لم يهددها أحد وحريتهم في اتخاذ قرارهم السياسي المستقل التي لم يمسسها أحد.

ما الذي يعنيه ذلك الأسلوب؟

هو اعتراف ضمني بالحقيقة. حقيقة أن قطر لا تجد نفسها في الصف العربي. وهو أمر مؤسف فعلا. فالخصومات بين الأخوة شيء والاصطفاف وراء مشروع يهدف إلى تدمير العالم العربي والحاقه بسلطة كهنوتية بائدة هو شيء آخر.

لم يرحم القطريون أنفسهم حين مشوا وراء جماعة الإخوان المسلمين التي فتحت أمامهم باب الظلام الإيراني. وتلك طريق لا رجعة فيها.