من هو عبدالله حمدوك الذي أطاح به الجيش

رئيس الوزراء السوداني كان ينظر له على أنه رجل التوافق القادم من الوسط الاقتصادي محملا بآمال كبيرة لانتشال السودان من براثن الأزمة المالية لكن إرث البشير ونوايا العسكر كانا أكبر من أن يصمد في وجههما.
حمدوك عمل في منظمات دولية وإقليمية
تقدم حمدوك مظاهرات مؤيدة للحكم المدني عجّلت بالانقلاب العسكري
يُحسب لعبدالله حمدوك توقيع اتفاق سلام مع المتمردين بعد عقود من الصراع

الخرطوم - يجسّد الخبير الاقتصادي عبدالله حمدوك الذي أعفي الاثنين من مهامه كرئيس للوزراء واعتقل أو وضع قيد الإقامة الجبرية، أول ضحية لسيطرة الجيش على السودان، مع سقوط رهانه عل التوافق وعلى الشراكة بين العسكريين والمدنيين من أجل قيادة البلاد إلى الديمقراطية.

سُمّي رئيسا للحكومة في أغسطس/اب 2019 إثر اتفاق على تقاسم السلطة بين الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى سقوط عمر البشير بعد ثلاثين عاما من حكم السودان بقبضة من حديد.

وعمل حمدوك الذي يبلغ اليوم الثالثة والستين من العمر في منظمات دولية وإقليمية، لا سيما كمساعد الأمين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة في أديس أبابا.

وظهر للمرة الأخيرة مساء الأحد إلى جانب المبعوث الأميركي إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان في الخرطوم، مشددا على ضرورة استكمال العملية الانتقالية نحو حكم مدني في البلاد التي حكمها عسكريون بشكل شبه متواصل منذ استقلالها في 1956.

وقبل بضعة أيام، ارتدى لباسا تقليديا وظهر في شريط فيديو وهو يحيي المتظاهرين المطالبين بحكم مدني، وواعدا إياهم بتحقيق "أهداف الثورة: الحرية والسلام والعدالة".

وبعد محاولة انقلاب فاشلة الشهر الماضي، اتخذ نبرة جدية ليحذر من الانقسامات العميقة داخل السلطة، معتبرا أن العملية الانتقالية تمرّ "في أسوأ أزماتها".

وقال مكتبه اليوم الاثنين إنه "اختطف مع زوجته من مقر إقامتهما وتم اقتيادهما إلى جهة مجهولة"، متهما "قوى عسكرية" بذلك. ودعا المكتب الشعب السوداني إلى التظاهر "لاستعادة ثورته" التي قام بها في 2019 وأدت إلى الإطاحة بالبشير.

ودرس رئيس الوزراء الذي عزله الجيش، الاقتصاد الزراعي في الخرطوم، ثم حصل على ماجستير من جامعة مانشستر في بريطانيا.

ويتحدّر حمدوك من جنوب كردفان، الإقليم الواقع في جنوب السودان والذي شهد كما النيل الأزرق ودارفور، نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية في عهد البشير ومتمردين استمر سنوات.

وصل إلى الخرطوم في أغسطس/اب 2019 قادما من أديس أبابا، بعد ثورة لم يشارك فيها على الأرض، لكنه تبنى أهدافها. وتسلّم حكومة مكلفة إقامة مؤسسات ديمقراطية في البلاد، بينها برلمان لم ير النور، واقتراح حل اقتصادي قادر على وقف التضخم المتسارع والفقر المزمن.

ونجح الاقتصادي المتمرس في المؤسسات الدولية في الحصول من صندوق النقد الدولي على محو لديون السودان الضخمة مقابل تطبيق سياسة تقشف كلفته خسارة جزء كبير من شعبيته.

ولم يساعد هذه الشعبية واقع أن السلطات الانتقالية لم تحاكم بعد المسؤولين في عهد البشير وأولئك الذين قمعوا انتفاضة 2019 بالدم.

ونجحت حكومته في توقيع اتفاق سلام مع مجموعات متمردة كانت لا تزال تحمل السلاح في مواجهة القوات الحكومية في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بينما وافقت واشنطن على إزالة اسم السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب بعد أن وافقت الخرطوم على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وشارك حمدوك في الماضي في مبادرات سلام إفريقية للتوسط في نزاعات في دارفور وكردفان والنيل الأزرق.

وعمل لصالح البنك الإفريقي للتنمية وهو معروف بوضع سياسات تحفز النمو الاقتصادي في إثيوبيا في ظل حكومة ميليس زيناوي.

ولدى تسلمه الحكم، وعد السودانيين البالغ عددهم 45 مليونا بالعمل على إيجاد "سياسات جيدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية".

ويتمتع حمدوك بصورة رجل يلتزم بالشفافية وحسن الإدارة، لا سيما منذ أن رفض في 2018 منصب وزير المال الذي عرضه عليه البشير.

لكن حكومته لم تنجح خلال الأشهر الماضية في التجاوب مع مطالب السودانيين في تأمين حاجات أساسية، بعد أن أقفل متظاهرون مناهضون لحكومته الطرقات التي تربط مرفأ بورتسودان في شرق البلاد والذي تصل عبره الإمدادات بشكل رئيسي، ببقية مناطق السودان. وزاد الغضب الشعبي وتزايد الفقر في بلد يفتقر إلى بنية تحتية، من هشاشة وضعه.

وكان يشعر أن ثمة شيء يتم تدبيره من قبل العسكر وحذّر في تصريحات سابقة من فوضى دموية وأشار كذلك إلى خلافات داخل المؤسسة العسكرية وإلى نزاعات ستؤثر حتما على المسار الانتقالي.