موازنة جديدة تتخلى عن ضوابط اقتصادية فرضها بوتفليقة

المشروع الجديد يفتح باب الاقتراض الخارجي إضافة لوقف عملية طبع العملة المحلية لسد العجز والتخلي عن قاعدة 51/49 للشراكة مع الأجانب في القطاعات غير الاستراتيجية ويفرض ضريبة على الثروة لأول مرة.

الجزائر - قضى قانون الموازنة العامة الجزائري للعام المقبل، على أهم قرارات التسيير المالي للبلاد، التي عمل بها الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لسنوات، قبل أن تطيح به انتفاضة شعبية في أبريل/نيسان الماضي.
وقبل أيام، وافقت الحكومة على مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2020، وتتحضر لإحالتها على غرفتي البرلمان لمناقشتها نهاية أكتوبر/تشرين أول الجاري.
وتوقعت الموازنة العامة الجزائرية للعام 2020، عجزا بنسبة 2.7 بالمئة، ونسبة نمو عام بـ 1.8 بالمئة.
وبخصوص النفقات الإجمالية، فقُدرت بـ 7772 مليار دينار (65 مليار دولار)، وإيرادات في مستوى 6239 مليار دينار (52 مليار دولار)، أي بعجز يقدر بـ 1533 مليار دينار (12.7 مليار دولار).
وتضمن مشروع قانون الموازنة الجديد فتح الحكومة باب الاقتراض الخارجي الذي ظل مغلقا بقرار من بوتفليقة منذ 15 سنة، إضافة لوقف عملية طبع العملة المحلية لسد العجز.
كما أعلن القانون التخلي عن قاعدة 51/49 للشراكة مع الأجانب في القطاعات غير الاستراتيجية، وسمح للمواطنين مجددا باستيراد سيارات مستعملة من الخارج، وفرض ضريبة على الثروة لأول مرة.
الاقتراض الخارجي
ورد في بيان لرئاسة الوزراء، أن قانون الموازنة العامة 2020، سيعمل على تنويع مصادر تمويل الاقتصاد، من خلال فتح إمكانية اللجوء إلى التمويل الأجنبي.

الجزائر ستعمل على تنويع مصادر تمويل الاقتصاد

وحسب المشروع، فإن الاستدانة الخارجية يمكن أن تكون لدى المؤسسات المالية الدولية، من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية المربحة (في إشارة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي).
ويعد مشروع الموازنة هذا، الأول بعد رحيل الرئيس بوتفليقة، مطلع أبريل/نيسان الماضي.
ولجأت الجزائر إلى استدانة خارجية في تسعينات القرن الماضي تحت إشراف صندوق النقد الدولي، قدرتها أطراف غير رسمية بـ 32 مليار دولار، وترتب عنها إجراءات تقشفية تسببت في غلق آلاف المؤسسات، وتسريح عشرات الآلاف من العمال.
ومنتصف العقد الماضي، قررت الجزائر دفع ديونها الخارجية مسبقا، بقرار من بوتفليقة، حيث لا تتجاوز الديون نحو 3.9 مليارات دولار، وتمثل نسبة ضئيلة من الناتج الداخلي الخام.
وفي 2012، أقرضت الجزائر صندوق النقد الدولي 5 مليارات دولار، كما أقرضت عدة دول عربية وإفريقية وفي أمريكا اللاتينية مئات الملايين من الدولارات، وألغت في 2013، ديونها المستحقة لها على 14 دولة إفريقية، والمقدرة بـ902 مليون دولار.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2016 اقترضت الجزائر بشكل محدود من البنك الإفريقي للتنمية (مليار دولار) في إطار مشاريع للطاقة.
وفي 2017، أصدر بوتفليقة أوامر لحكومته بالامتناع عن الاستدانة الخارجية، وإقرار خطط لطبع الدينار (العملة المحلية) فيما عرف بالتمويل غير التقليدي.
وقف طباعة العملة

العملة الجزائرية
الجزائر اعتمدت سابقا خيار التمويل غير التقليدي لسد العجز وسداد الدين الداخلي

ومن قرارات قانون الموازنة التي قضت على إرث بوتفليقة، الإجراءات المتعقلة بوقف طبع الدينار (العملة المحلية)، كمصدر لتمويل الاقتصاد وسد العجز.
وكانت الجزائر اعتمدت خريف 2017 خيار التمويل غير التقليدي لسد العجز وسداد الدين الداخلي، من طرف حكومة رئيس الوزراء السابق أحمد أويحي، المحبوس حاليا في قضايا فساد.
ووفق بيانات سابقة للبنك المركزي الجزائري، فقد تم طبع ما قيمته 6556 مليار دينار ما يعادل 56 مليار دولار، ما بين أكتوبر/ تشرين أول 2017، ومارس/ آذار 2019.
ولا يستبعد مراقبون أن تضخ الحكومة نحو 3100 مليار دينار (قرابة 26 مليار دولار)، في الاقتصاد، تم طبعها في إطار التمويل غير التقليدي ولم تستعمل بعد.
قاعدة 51/49
ونص مشروع الموازنة العامة للجزائر، التخلي عن قاعدة 51/49 الإجبارية في مشاريع الشراكة الأجنبية.
وورد في القانون، أنه يهدف لتحسين مناخ الأعمال وجاذبية الاقتصاد من خلال رفع القيود المنصوص عليها في إطار قاعدة 49/51 بالمائة، المطبقة على الاستثمارات الأجنبية في الجزائر.
وتطبق الجزائر حاليا قاعدة شراكة أجنبية منذ يوليو/تموز 2009، تقوم على أساس منح 51 بالمائة للطرف الجزائري، و49 بالمائة للجهة الأجنبية، وهذا في كافة المشاريع والقطاعات الاقتصادية.
ويتوقع متابعون للاستثمارات الأجنبية في الجزائر، أن يستثنى قطاع المحروقات والطاقة والمناجم والاتصالات، على الأقل، من إلغاء قاعدة 51/49، باعتبارها قطاعات إستراتيجية وحساسة.
ولطالما لاقت قاعدة 51/49 انتقادات من خبراء جزائريين، وسفراء ومسؤولي دول أجنبية وممثلي شركات كبرى تنشط في البلاد.
استيراد السيارات

المشروع الجديد يسمح للمواطنين مجددا باستيراد سيارات مستعملة من الخارج
المشروع الجديد يسمح للمواطنين مجددا باستيراد سيارات مستعملة من الخارج

ورفعت الموازنة العامة للعام الجديد، الحظر عن استيراد السيارات المستعملة من أوروبا خصوصا، بعد تجميد استمر منذ 2006، بقرار اتخذته حينها حكومة رئيس الوزراء أحمد أويحي.
ونص المشروع على "السماح للمواطنين المقيمين، باستيراد السيارات ذات محركات بنزين، التي تقل مدتها عن ثلاث سنوات (لم تتعد مدة استعمالها في الخارج 3 سنوات)، على نفقتهم الخاصة، مقابل دفع الحقوق والرسوم المقررة قانونا".
وكانت حكومة أويحي بررت في 2006، وقف استيراد السيارات المستعملة، بحماية البيئة والقضاء على المركبات القديمة، وفتحت باب استيراد المركبات الجديدة وخاصة الآسيوية.
ضريبة على الثروة
وتضمنت الموازنة العامة أيضا، بندا بفرض ضريبة على الثروة والممتلكات لأول مرة، بعد أن أسقط المقترح في أكثر من مناسبة من طرف نواب البرلمان خلال حقبة بوتفليقة.
وستمس هذه الضريبة الممتلكات من عقارات (مباني وأراضي) إضافة للأرصدة المالية المودعة في البنوك.
وكان نواب الأغلبية في البرلمان الجزائري، قد أسقطوا في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 مقترحا في قانون الموازنة لفرض ضريبة على الثروة.