مواقف متباينة في إيران بعد فوز ترامب في سباق الرئاسة
طهران - أثار فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية ردود فعل متباينة بين أفراد الشعب في إيران، فبينما يخشى البعض من تفاقم احتمالات اندلاع حرب وصعوبات اقتصادية يأمل آخرون في أن يؤدي موقفه المتشدد إلى تغيير سياسي في طهران.
وقالت ربة منزل تدعى زهرة (42 عاما) "أنا سعيدة للغاية بفوز ترامب. وآمل أن يواصل ممارسة ضغوطه القصوى على الجمهورية الإسلامية وأن يؤدي ذلك إلى انهيار هذا النظام".
ويخشى بعض الإيرانيين مثل المعلم المتقاعد حميد رضا من المزيد من الضغوط الاقتصادية في ظل وجود الجمهوري في البيت الأبيض إذا استمر في نفس السياسة الصارمة التي تبناها في ولايته الأولى.
وقال رضا (66 عاما) في مدينة رشت الشمالية "أشعر بخيبة أمل بسبب فوز ترامب. فهذا يعني المزيد من الضغوط الاقتصادية وخطر اندلاع حرب مع إسرائيل. أنا أشعر بقلق عميق".
وذكر نادر (34 عاما) وهو موظف حكومي وأب لطفلين في مدينة الأهواز الجنوبية "لا يهمني من هو الرئيس الأميركي. همي الرئيسي هو الاقتصاد الإيراني. إذا ألغوا العقوبات عن ايران فسيكون ذلك أمرا جيدا".
وقالت باراستو وهي طالبة تبلغ من العمر 21 عاما في طهران "الجميع سعداء، وأنا متحمسة. ترامب زعيم لا يقبل الهراء وسيضغط على الحكام الدينيين. وهذا أمر جيد للشعب الإيراني الذي يسعى إلى قيادة ديمقراطية".
وعلى غرار زهرة وحميد رضا ونادر، رفضت باراستو الكشف عن هويتها بالكامل بسبب حساسية الأمر.
وعلى الملأ، قلل الزعماء السياسيون الإيرانيون من أهمية نتيجة الانتخابات الأميركية على سياسات طهران. لكن الشاغل الرئيسي للمؤسسة الحاكمة هو احتمال أن يسمح ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرب المواقع النووية الإيرانية، وتنفيذ "اغتيالات" وإعادة فرض سياسة "الحد الأقصى من الضغوط" من خلال فرض عقوبات مشددة على قطاع النفط في البلاد، بينما يرى البعض أن الرئيس الأميركي سيكون حذرا بشأن احتمال اندلاع حرب.
وقال رضا محمدي أحد أعضاء ميليشيا الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني في مدينة أصفهان بوسط البلاد "ترامب رجل أعمال ويدرك أن إيران قوية ويمكنها تحويل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا تعرضت للهجوم. إنه يريد إنهاء الحروب في المنطقة وليس تأجيجها".
في عام 2018، انسحبت إدارة ترامب آنذاك من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع ست قوى كبرى وأعادت فرض عقوبات قاسية عليها مما دفع الجمهورية الاسلامية إلى انتهاك القيود النووية التي نص عليها الاتفاق، مثل إعادة بناء مخزونات اليورانيوم المخصب وتخصيبه إلى درجة نقاء أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع الإنتاج.
وفشلت الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق، لكن ترامب قال في حملته الانتخابية في سبتمبر/أيلول "يتعين علينا التوصل إلى اتفاق لأن العواقب مستحيلة. علينا التوصل إلى اتفاق".
وكانت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بسبب برنامج طهران النووي هي التي أجبرت إيران على التوصل إلى الاتفاق النووي لعام 2015، والذي وافقت بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات.
وقال مسؤولان إيرانيان لم يكشفا عن هويتهما إن موقف ترامب الصارم قد يجبر الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي له الكلمة الأخيرة في السياسة الخارجية والنووية للبلاد، على الموافقة على محادثات "سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة" مع الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي للصحفيين بعد الإدلاء بصوته "لا أريد إلحاق الضرر بإيران، ولكن لا يمكن أن تمتلك أسلحة نووية".
ولم يستبعد محللون وخبراء إيرانيون إمكانية حدوث انفراجة بين طهران وواشنطن "دون استعادة العلاقات الدبلوماسية".
وقال المحلل سعيد ليلاز "إن إيران ستتصرف وفقا لمصالحها الخاصة، ومن الممكن إجراء محادثات سرية بينها وواشنطن، وإذا أزيلت التهديدات الأمنية ضد الجمهورية الإسلامية فإن كل شيء ممكن".
وفي الوقت الذي تواجه فيه طهران عدوها اللدود إسرائيل، تشعر القيادة الدينية بالقلق أيضا إزاء احتمال اندلاع حرب شاملة في المنطقة، حيث تخوض تل أبيب صراعات مع جماعات متحالفة مع إيران في غزة ولبنان.
وفي خطاب انتخابي ألقاه في أكتوبر/تشرين الأول، أعلن ترامب عدم رغبته في خوض حرب مع الجمهورية الاسلامية، لكنه قال إن الدولة العبرية يجب أن "تضرب البرنامج النووي الإيراني أولا ثم تقلق بشأن البقية في وقت لاحق"، ردا على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
وردت تل أبيب بشن غارات جوية على أهداف عسكرية إيرانية، وخاصة مواقع لإنتاج الصواريخ في 26 أكتوبر/تشرين الأول.
وضمن ترامب (78 عاما) اليوم الأربعاء العودة مجددا إلى البيت الأبيض بعد حصوله على أكثر من 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة للفوز بالرئاسة، بحسب توقعات شركة إديسون ريسيرش للأبحاث.