موجات الحرّ تزداد حدة في ظلّ التغير المناخي

وضع استثنائي في أوروبا الشمالية حيث تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن يتخطى معدّل الحرارة الدرجات السائدة.
موجة الحرّ تطال هذه المرة النصف الشمالي من الكرة الأرضية برمته تقريبا
الحرائق أودت مؤخرا بحياة نحو 80 شخصا في اليونان
موجات الحرّ الأخيرة تتوافق مع الاتجاهات الطويلة الأمد الناتجة عن ازدياد نسبة الغازات الدفيئة
نصف سكان العالم سيتعرضون لموجات حرّ قاتلة بحلول 2030، حتّى لو التزم العالم بتطبيق اتفاق باريس
2017 من أسوأ الأعوام في ما يخص الحرائق في أوروبا
الحرارة بلغت 30 د درجة مئوية عند مستوى الدائرة القطبية

باريس– يتوقّع خبراء أن تصبح موجة الحرّ الشديد التي يشهدها النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مع ما ينتج عنها من حرائق في اليونان واسكندنافيا، ظاهرة سائدة في ظلّ الاحترار المناخي.
وقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة "نيتشر كلايمت تشاينج" أن نصف سكان العالم سيتعرضون لموجات حرّ قاتلة بحلول 2030، في مقابل 30% اليوم، ذلك حتّى لو التزم العالم بتطبيق اتفاق باريس.

في اليونان حيث أودت الحرائق مؤخرا بحياة نحو 80 شخصا، وفق الحصيلة الأخيرة، من الشائع أن تكون الحرارة مرتفعة صيفا.
غير أن الوضع استثنائي في أوروبا الشمالية حيث تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن يتخطى معدّل الحرارة الدرجات السائدة حتى مطلع آب/أغسطس، من إيرلندا إلى دول البلطيق مرورا باسكندنافيا.
وقد بلغت الحرارة 30 درجة مئوية عند مستوى الدائرة القطبية. وقد اضطرت السويد، على سبيل المثال، إلى الاستعانة بتعزيزات أوروبية لاحتواء الحرائق وهي تشهد الصيف الأشد حرا منذ قرنين ونصف القرن على الأقل.
والأمر سيان في اليابان أيضا حيث تخطت الحرارة 35 درجة مئوية في بعض المواقع الأسبوع الماضي، ما أودى بحياة 40 شخصا. ولم تفلت سيبيريا من موجة الحرّ هذه، شأنها في ذلك شأن الولايات المتحدة حيث تخطت الحرارة 40 درجة مئوية في لوس أنجليس في مطلع تموز/يوليو.
ويقول أندرس ليفرمان عالم المناخ في معهد بوستدام للأبحاث المناخية (بي آي كاي) في ألمانيا "يشهد الكوكب عموما موجات حرّ في أجزاء منه … لكن موجة الحرّ تطال هذه المرة النصف الشمالي من الكرة الأرضية برمته تقريبا. وإنه لأمر مذهل بالفعل".
ويوضح عالم المناخ الفرنسي جان جوزيل "من الصعب أن ننسب كلّ ظاهرة فردية مباشرة إلى الأنشطة البشرية”.
غير أن موجات الحرّ الأخيرة "تتوافق مع الاتجاهات الطويلة الأمد الناتجة عن ازدياد غازات الدفيئة تركيزا"، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
ويقول بيورن سامست من المركز النروجي للأبحاث حول المناخ "سيسيرو" في تصريحات لإذاعة "ان آر كاي" النروجية "على أي حال كنا سنشهد صيفا حارا وجافا، نظرا إلى أن حرارة الأرض ازدادت درجة مئوية واحدة مما كانت عليه قبل مئة عام، لذا فإن تداعيات الحرّ والجفاف صارت أسوأ".
ويمكن من حيث المبدأ إجراء أبحاث لمعرفة إن كانت ظاهرة ما لتحدث من دون التغير المناخي. وللمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر الماضي، خلصت دراسة نشرت نتائجها في دورية الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية إلى أن الاحترار وحده مسؤول عن درجات الحرارة القياسية التي شهدها العالم سنة 2016 وعن موجة الحرّ الشديد التي ضربت آسيا.
لكن السؤال الأهم يقضي بمعرفة إن كانت هذه الظواهر القصوى ستزداد تواترا في حال لم تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ويردّ ليفرمان عليه بالإيجاب.
جاء في التقرير الصادر سنة 2012 عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن نماذج المحاكاة خلصت إلى اشتداد الظواهر القصوى في العقود المقبلة.
ومن المرتقب أن تزداد موجات الحرّ والجفاف والفيضانات والأعاصير تواترا واشتدادا وأن تطال أصقاعا إضافية، حتّى لو تقيّد العالم ببنود اتفاق باريس المناخي الذي يهدف إلى احتواء الاحترار بدرجتين مئويتين على أقصى تقدير مقارنة بما قبل الثورة الصناعية.
وقد أظهرت دراسة نشرت سنة 2017 في مجلة "نيتشر كلايمت تشاينج" أن نصف سكان العالم سيتعرضون لموجات حرّ قاتلة بحلول 2030، في مقابل 30% اليوم، ذلك حتّى لو التزم العالم بتطبيق اتفاق باريس.
ويؤكّد جان جوزيل أن موجات الحرّ مثل تلك التي أودت بحياة 70 ألف شخص سنة 2003 قد تصبح ظاهرة شائعة بعد 2050 أو 2060.
ومع ازدياد الرياح حرّا والنبات جفافا، قد يزداد خطر اندلاع الحرائق.
وقد اعتبرت المفوضية الأوروبية أن العام 2017 كان من أسوأ الأعوام في ما يخص الحرائق في أوروبا حيث أتت النيران على 800 ألف هكتار في البرتغال واسبانيا وإيطاليا. وتوقعت دراسة أوروبية أن تزداد المساحات المعرضة للحرائق في أوروبا الجنوبية خلال القرن الحادي والعشرين بنسب متفاوتة بحسب اشتداد الاحترار.