موديرنا على اعتاب ثورة لقاحات الإنفلونزا
نيويورك – أعلنت شركة موديرنا الأميركية للتكنولوجيا الحيوية، الإثنين، عن نتائج إيجابية في المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب السريرية على لقاحها الجديد ضد الإنفلونزا الموسمية "mRNA-1010"، ما يمثل خطوة بالغة الأهمية في مشروعها الطموح لتطوير لقاح مشترك يحمي من كل من الإنفلونزا وفيروس كوفيد-19.
وقالت الشركة في بيان رسمي إن اللقاح أظهر فاعلية أعلى من اللقاحات الموسمية التقليدية المصرّح بها حاليا، خصوصا لدى البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاماً، وهي الفئة الأكثر عرضة للمضاعفات الحادة. وأضاف البيان أن هذه النتائج تدعم جهود "موديرنا" لتقليل العبء الصحي والاقتصادي للإنفلونزا، التي لا تزال تشكل تهديداً موسمياً رغم توافر لقاحات لها منذ عقود.
وفي تعليق له على هذه النتائج، قال الرئيس التنفيذي للشركة ستيفان بانسل: "تمثل نتائج فاعلية المرحلة الثالثة إنجازاً محورياً في سعينا لتوفير لقاحات أكثر تطوراً وفاعلية"، مشيراً إلى أن شدة موسم الإنفلونزا في شتاء 2024-2025 تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى لقاحات تستجيب بسرعة وبدقة للسلالات الفيروسية المتغيرة.
تقنية mRNA: مستقبل اللقاحات
اللقاح الجديد يعتمد على تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، وهي التقنية التي اشتهرت عالمياً بفضل لقاحات كوفيد-19 التي طورتها "موديرنا" و"فايزر/بيونتيك" خلال الجائحة. وتتيح هذه المنهجية تحديث مكونات اللقاح بسرعة ودقة لتتناسب مع السلالات الفيروسية المنتشرة فعلياً، على خلاف اللقاحات التقليدية المعتمدة على تعطيل الفيروس، والتي تتطلب وقتاً أطول في التحضير والإنتاج.
جرعة واحدة سنوية
ويعزز هذا التطور قدرة العالم على الاستجابة لوباء إنفلونزا مستقبلي، ويقرب من تحقيق هدف طال انتظاره: لقاح مركب ضد كوفيد-19 والإنفلونزا معاً، يمكن أن يُعطى بجرعة واحدة سنوية.
موسم قاتم يؤكد الحاجة
جاء هذا الإعلان في أعقاب موسم إنفلونزا استثنائي من حيث الحدة، إذ سجلت الولايات المتحدة أعلى معدلات دخول المستشفى المرتبطة بالإنفلونزا منذ أكثر من 15 عاماً. وتشير بيانات "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" الأميركية إلى أن أكثر من 600 ألف أميركي احتاجوا للعلاج في المستشفيات، بينما عولج نحو 30 ألف شخص في فرنسا بسبب الفيروس نفسه.
هذا الواقع دفع خبراء الصحة إلى التحذير من خطر التقليل من شأن الإنفلونزا، التي تتسبب سنوياً في وفيات تُقدر بعشرات الآلاف، خاصة بين كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
منافسة محتدمة في سوق تقليدي
مع هذه النتائج، تسعى "موديرنا" إلى فرض وجودها في سوق لقاحات الإنفلونزا الذي طالما هيمنت عليه شركات عملاقة مثل "سانوفي" الفرنسية و"جي إس كيه" البريطانية. وتراهن الشركة الأميركية على تقنيتها الثورية لتغيير قواعد اللعبة في سوق تقدر قيمته بمليارات الدولارات سنوياً.
وفي الوقت الذي تتوسع فيه مشاريع أبحاث اللقاحات المعتمدة على mRNA لتشمل أمراضاً أخرى كفيروس RSV، والسرطان، والأمراض النادرة، يبدو أن ما كان يُعد قبل سنوات قليلة مجرّد رهان علمي طموح، بدأ يتحول إلى واقع ملموس يحمل وعوداً بتحول جذري في مجال الطب الوقائي.