مودي في السعودية بحثا عن شراكات أوسع
الرياض - أكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي يزور السعودية لإبرام العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات خاصة مجالي الطاقة والدفاع أن المملكة تمثل أحد أهم شركاء الهند الاستراتيجيين، مشيداً بالدور القيادي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تعزيز التحولات النوعية داخل البلاد فيما تشهد العلاقات بين البلدين أفضل مراحلها وسط تعاون وشراكة غير مسبوقة.
ويستفيد البلدان من تاريخ طويل من الشراكة وتوافق الرؤى يشأن العديد من القضايا في المنطقة والعالم بينما يعتبر الرئيس الاميركي دونالد ترامب كل من نيودلهي والرياض حليفان مهمان لبلاده.
وتأتي زيارة مودي – وهي الثالثة له إلى المملكة –في إطار زخم متصاعد للعلاقات الثنائية منذ إطلاق مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين عام 2019، والذي مثّل نقطة تحول في مسار التعاون المشترك حيث أشار في بيان قبل وصوله " تقدر الهند بشدة علاقاتها الطويلة والتاريخية مع المملكة العربية السعودية التي اكتسبت عمقا استراتيجيا وزخما في السنوات الأخيرة" مضيفا "لقد طورنا معا شراكة جوهرية ومفيدة للطرفين".
وأشاد في لقاء صحفي مع صحيفة عرب نيوز " بما وصفه بـ"الدفء الشخصي والثقة المتبادلة" بينه وبين ولي العهد السعودي، مشيراً إلى أن اللقاءات السبعة التي جمعتهما أسفرت عن تفاهمات استراتيجية عمّقت الشراكة بين نيودلهي والرياض. مضيفا ان الامير محمد ترك لديه "انطباعاً عميقاً" في كل لقاء، نظراً إلى رؤيته الطموحة التي تقود السعودية إلى تحولات لافتة تواكب أهداف رؤية المملكة 2030.
وأكد أن العلاقة الخاصة بين القيادتين تنعكس بشكل مباشر على المسار المتسارع للتعاون الثنائي، مشدداً على أن السعودية لم تعد مجرد شريك اقتصادي، بل "حليف موثوق وصديق استراتيجي" لبلاده.
وفي الجانب الاقتصادي، شدد مودي على أن العلاقات التجارية بين البلدين تشهد نمواً متواصلاً، لافتاً إلى أن السعودية تُعد خامس أكبر شريك تجاري للهند معربا عن تفاؤله بأن تشهد التجارة الثنائية نمواً إضافياً خلال المرحلة المقبلة، مع اقتراب إبرام معاهدة استثمار ثنائية تهدف إلى تسهيل تدفقات الاستثمار بين البلدين.
وتحدث عن تكامل واضح بين رؤية السعودية 2030 ومبادرة "الهند المتقدمة 2047"، مشيراً إلى أن قطاعات الطاقة، الزراعة، الأمن الغذائي والأسمدة تمثل ركائز رئيسية للتبادل التجاري، بالإضافة إلى ازدهار التجارة في المنتجات الاستهلاكية مثل الأرز الهندي والتمور السعودية.
وأوضح أن الشركات الهندية تلعب دوراً نشطاً في مشاريع البنية التحتية والتكنولوجيا داخل المملكة، في حين أن الهند تمثل فرصة استثمارية واعدة للشركات السعودية، خصوصاً في مجالات الاقتصاد الأخضر، الطاقة المتجددة، الابتكار، والخدمات اللوجستية.
السعودية لم تعد مجرد شريك اقتصادي بل حليف موثوق وصديق استراتيجي
كما أعلن رئيس الوزراء الهندي أن الصناعات الدفاعية الهندية أصبحت مفتوحة أمام الشراكات السعودية، مؤكداً أن بلاده بدأت بالفعل تصدير معدات دفاعية متطورة إلى الرياض كاشفا أن التعاون الدفاعي بين البلدين يشمل تنظيم مناورات بحرية وبرية مشتركة، والتنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب والتطرف وتمويله، بالإضافة إلى الأمن السيبراني وعمليات التصدي للتهريب.
وقال إن الهند تعتبر السعودية "قوة استقرار إقليمية"، مؤكداً أن الشراكة في المجال الدفاعي تتعزز مع مرور الوقت، بدعم من الثقة المتبادلة، مشيراً إلى رغبة نيودلهي في تعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين في هذا المجال.
وفي ملف الطاقة، اعتبر مودي أن العلاقة بين الهند والسعودية لا تقتصر على الجانب التجاري في النفط والغاز، بل تتجه نحو شراكة استراتيجية في مشروعات المصافي والبتروكيماويات، وكذلك التحول إلى الطاقة النظيفة مشيرا إلى أن بلاده تطمح إلى توليد 500 غيغاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وهي تسعى للعمل مع المملكة في مشاريع الهيدروجين الأخضر وكفاءة الطاقة وسلاسل التوريد.
وأكد أن ربط شبكات الكهرباء بين الهند والسعودية هو أحد المشاريع قيد الدراسة في إطار مبادرة الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والتي أُطلقت في قمة مجموعة العشرين عام 2023. تُعدّ السعودية موردا رئيسيا للنفط إلى الهند، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، منذ سنوات.
وفي ما يتعلق بـ"الممر الاقتصادي"، قال مودي إن المشروع الطموح يمثل "طريق الحرير الجديد" للقرن الحادي والعشرين، ويهدف إلى تعزيز الترابط اللوجستي والرقمي والتجاري بين الهند وأوروبا مروراً بالشرق الأوسط. وأكد أن السعودية والهند ستؤديان دوراً محورياً في إنجاح هذا المشروع، لا سيما في ما يتعلق بتطوير البنية التحتية وسلاسل الإمداد وتسهيل التجارة.
كما أعرب عن فخره بالإنجازات السعودية في استضافة معرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، مشيراً إلى أن هذه الأحداث تفتح آفاقاً جديدة أمام الشركات الهندية للمشاركة في مشاريع البنية التحتية والتقنيات الذكية مؤكدا أن شركات بلاده تملك الخبرة والكفاءة للمساهمة في هذه المشاريع العملاقة، داعياً في الوقت نفسه الشركات السعودية إلى استثمار الفرص الواعدة في الهند، التي تشهد نمواً متسارعاً في قطاعات متعددة.
كما شدد على أن العلاقات الهندية-السعودية دخلت مرحلة استراتيجية متكاملة، قائمة على الاحترام المتبادل والتكامل الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذه العلاقة "جاهزة للمستقبل"، وتستند إلى تعاون وثيق في الأمن والطاقة والاقتصاد والبنية التحتية.
وقال "نحن لا نعمل فقط من أجل حاضر شعوبنا، بل من أجل أجيال قادمة ستستفيد من هذه الشراكة الرائدة".
وتستضيف المملكة الخليجية أكثر من مليوني مواطن هندي، لطالما لعبوا دورا محوريا في سوق العمل، حيث ساهموا في بناء العديد من المشاريع الضخمة في البلاد، مع إرسال مليارات الدولارات من التحويلات المالية إلى بلادهم سنويا.
وخلال الزيارة التي تستغرق يومين، من المقرر أن يلتقي مودي بأفراد من الجالية الهندية، حسب ما أفاد مكتبه.