مورو يطالب الغنوشي بتوحيد التونسيين لا تقسيمهم

مراقبون يرون ان تصريحات مورو تعكس مدى الفجوة بينه وبين الغنوشي مشددين على أن النهضة باتت تقف على مشارف الإفلاس السياسي.
صورة الغنوشي ما انفكت تأخذ نسقا تصاعديا لتهتز أكثر فأكثر
مورو يحاول مخاطبة النهضة من داخلها محاولا دفعها إلى التفاعل

تونس ـ خرج عبدالفتاح مورو نائب ريس حركة النهضة عن صمته تجاه تمسك النهضة بيوسف الشاهد رئيسا للحكومة ليطالب بتطبيع الحركة نفسها مع المشهد السياسي مشددا على أن راشد الغنوشي مطالب بأن يتحمل مسؤوليته في توحيد التونسيين لا في تقسيمهم.

وشدد مرور في حوار مع قناة "فرنس 24 " على أن "النهضة تحتاج اليوم إلى أن تطبع وضعيتها في البلاد من خلال الانفتاح على المشهد السياسي المتعدد فكريا وسياسيا.

وجاءت تصريحات مورو في أعقاب تصريحات عماد الخميري الناطق باسم النهضة التي حملت إمعان الحركة في انتهاج سياسة لي ذراع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج 2 تحت يافطة المحافظة على الاستقرار السياسي.

والخميس جدّد المكتب التنفيذي للنهضة، تمسك الحركة بالاستقرار الحكومي وبالتعجيل بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الواردة في بالوثيقة ورأى الخميري المحافظة على الاستقرار الحكومي فيه مصلحة لتونس وشعبها".

ولم يجدد الخميري موقف النهضة من الشاهد غير أن تأكيده على التمسك بالاستقرار الحكومي يستبطن سياسيا أنها متمسكة بموقفها الذي عمق الأزمة السياسية. ويبدو، كما يذهب إلى ذلك محللون أن، هكذا تمسك دفع بمورو إلى مطالبة الغنوشي بانتهاج سياسات جديدة منفتحة على الأطراف السياسية والمدنية والنأي عن التعنت.

وشدد مرور على أن "الغنوشي يتحمل مسؤوليته بشأن توحيد التونسيين وتجميعهم ولا تقسيمهم من خلال التفاعل مع الإيجابي مع القوى السياسية والمدنية من أجل إنجاح المسار الديمقراطي".

ويستبطن تشديد مرور على أن النهضة تحتاج إلى ن تطبع مواقفها وطريقة أدائها مع أوضاع البلاد اتهاما ضمنيا بأن الغنوشي لم يقد بالحركة سوى إلى مزيد من الانطوائية ومراكمة الخصوم وتشنيج العلاقة مع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج.

وخلافا للغنوشي يتمتع مورو الذي يشغل نائب رئيس البرلمان بعلاقات واسعة مع غالبية مكونات الخارطة السياسية والمدنية وهو يحظى بنوع من الثقة من قبل خصوم الغنوشي وفي مقدمتهم القوى العلمانية ترفض التواصل معه.

انتقادات للغنوشي

ويجاهر مورو بمناهضة رئاسة الغنوشي للنهضة وبعدم رضاه عن الطريقة التي يديرها بها حتى أنه يذهب إلى القول بأن "الغنوشي يدير النهضة كما لو أنها شركة عائلية".

ويلتقي موقف القيادي الأكثر انفتاحا على تضاريس الخارطة السياسية والأكثر جرأة في محاولات قطع الطريق أمام الغنوشي للانفراد بالقرار مع جيل جديد داخل التنظيم يسعى إلى دمقرطة الحركة ووضع حد لسطوة الغنوشي.

وقال القيادي عبدالحميد الجلاصي "إن التحولات الاجتماعية والسياسية التي يشهدها المشهد السياسي بصفة خاصة والأوضاع العامة بصفة عامة تفرض اليوم على النهضة أن تتفاعل بإيجابية مع مختلف القوى السياسية والمدنية".

وشدد الجلاصي وهو يتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين يقول "هناك تفاعلات اليوم داخل الحركة باتجاه تطوير النهضة وتفعيل الممارسة الديمقراطية والانفتاح".

وكان الجلاصي نافس الغنوشي منافسة شرسة في رئاسة الحركة خلال المؤتمر الأخير في خطوة رأى فيها المراقبون بداية نهاية سطوة الغنوشي على قيادة الحركة.

ويقول خصوم الغنوشي سواء منهم النهضويين أو العلمانيين أن النهضة أصبحت رهينة لدى رئيسها الذي لم يراكم فقد اعداء من العلمانيين بل راكم أيضا عداء جزء هام من قيادات وكوادر وقواعد الحركة التي تتطلع إلى المشاركة في صناعة القرارات.

وقال مورو إنه حاول مخاطبة النهضة من داخلها محاولا دفعها إلى التفاعل مع الشأن العام ومع المشكلات الحقيقة التي يعاني منها التونسيين لكنهم لم يصغوا إلى صوته. وأضاف يقول" لما فشلت جهودي من الداخل قررت أن أخاطب النهضة من الخارج" مشيرا إلى أن هناك جيل جديد من النهضة متعطش للديمقراطية وللتغيير".

وتذمر مورو في أكثر من مناسبة من أن الغنوشي لا يسمع ولا يصغي إلى أفكاره بشأن تطوير النهضة حتى أنه فكر جديا في الاستقالة من الحركة لافتا أن شعار "الإسلام هو الحل" الذي ترفه الحركة ليس سوى مجرد شعار" متهما النهضة ببيع الأوهام.

 وخلال تطرقه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2019 شدد مرور على أن النهضة عليها ألا تقدم مرشحا من قياداتها وإنما ترشح شخصية سياسية من خارجا لأنها ليست قوة تستطيع أن تستقطب كل الأطراف.

 ويرى متابعون لشأن النهضة أن تصريحات مورو تأتي في سياق المسؤولية التاريخية التي تتحملها النهضة وجميع القوى بشأن الأزمة السياسية والهيكلية في ظل عودة اتحاد الشغل إلى تصعيد خطابه تجاه يوسف الشاهد.

والسبت حمل نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد النداء والنهضة مسؤولية الأزمة السياسية مشددا يقول "يوجد من يريد اتخاذ خطوات بالقوة ومن دون توافقات" وشدد يقول "أقول لهم على جثتها ان يتم تمرير أي قرار دون توافق وطني".

غير أنه لافت بالمقابل إلى أن الاتحاد يواصل المشاورات "بحنكة ورصانة" مع مختلف الأطياف السياسية للخروج من الأزمة الحادة والتي انعكست سلبا على المواطنين.

 وخلال تعرضه لدعم حركة النهضة لإقالة لطفي براهم من وزارة الداخلي لم يتردد مورو في القول بأن عملية الإقالة تستبطن توجها يستهدف مؤسسات الدولة المدنية.

وطالب الغنوشي باحترام مؤسسات الدولة وأن تظهر النهضة في مظهر الحركة التي تجمع التونسيين لا في مظهر تقسيمهم في إشارة إلى خروجها على الإجماع الوطني بشأن إجراء تغيير عميق وشامل من خلال تركيز تركيبة حكومة جديدة.

ولأول مرة يكشف مورو عن موقفه من التحالف بين النداء والنهضة إذ شدد على أن "حسابات النهضة ورهانها على التحالف لتوفير الاستقرار السياسي رهان أثبتت الأحداث فشله" لا فتا إلى أنه " لا يوجد تحالف بين حزبين وإن كل ما هناك "تحالف بين شيخين".

ورأى الجلاصي أن "النهضة وفي ظل الأزمة الحالية وأيضا في ظل الاستحقاقات القادمة باتت أكثر مطالبة بأن يعكس أدائها مشاغل الطبقة السياسي وكافة التونسيين". ووصف مراقبون تصريحات مورو بأنها تعكس مدى الفجوة بينه وبين الغنوشي مشددين على أن النهضة باتت تقف على مشارف الإفلاس السياسي.

ويضيف المراقبون معلقين على تصريحات مرور قائلين إن صورة الغنوشي ما انفكت تأخذ نسقا تصاعديا لتهتز أكثر فأكثر لا فقط لدى التونسيين بل أيضا لدى التنظيم نفسه.

وشدد عبد الفتاح مورو على أن تونس في أمس الحاجة اليوم إلى طرف يفكر وينتج الأفكار في عالم منفتح على جميع المستويات يفرض على النهضة التفاعل معه".