موسكو تعزز قدرات مؤسستها العسكرية بمحاربي فاغنر

الكرملين يتجنب دورة جديدة من التجنيد الإجباري، ويريد استعادة القدرة القتالية لفاغنر بعد التمرد ومقتل زعيمها.

لندن – كشف تقييم استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية، أن وزارة الدفاع الروسية أسست نظاما جديدا يسمح للمحاربين القدامى في فاغنر بالحصول على وثائق هوية خاصة بالمحاربين القدامى ومكافآت متناسبة أيضا، وذلك في إطار دمج فاغنر ضمن هيكل قيادة قوات الحرس الوطني الروسي (المعروفة بـ روسغفارديا) والحد من التجنيد الإجباري الذي أثار سخطا شعبيا.

وأفاد التقييم الاستخباراتي البريطاني بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا، الخميس، بأنه تم إصدار وثائق إثبات هوية رسمية لعدد من المحاربين القدامى في مجموعة فاغنر الروسية الخاصة في 14 من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وهي المرة الأولى التي يتم فيها الاعتراف رسميا بعناصر فاجنر كمحاربين قدامى. ويشير هذا على الأرجح إلى قيام الإدارة الروسية بإعادة تأهيل بعض عناصر فاغنر، بحسب ما ورد في التقييم.

ويأتي ذلك بعد فترة طويلة من حالة عدم اليقين بشأن كيفية تعامل الإدارة مع عناصر المجموعة الموالية لروسيا في أعقاب تمردها وما أطلقت عليه اسم "المسيرة من أجل العدالة"، والتي باءت بالفشل في حزيران/يونيو الماضي.

وتنشر وزارة الدفاع البريطانية تحديثا يوميا بشأن الحرب، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 من شباط/فبراير عام 2022 وتتهم موسكو لندن بشن حملة تضليل بشأن الحرب .
ووفقًا للمحاربين القدامى والمدونين العسكريين، تعمل القوات المسلحة الروسية على زيادة جهودها لتجنيد المحاربين القدامى في مجموعة فاغنر شبه العسكرية. ومن ثم يحاول الكرملين تجنب دورة جديدة من التجنيد الإجباري. كما يريد استعادة القدرة القتالية لهذه القوة بعد التمرد ومقتل زعيمها.

وقال أربعة معتقلين روس سابقين قاتلوا مع مجموعة فاغنر في شرق أوكرانيا، إنهم تلقوا مكالمات ورسائل تعرض عليهم عقودًا عسكرية جديدة في الأسابيع الأخيرة، مما يؤكد التقارير الأخيرة من المدونين العسكريين الروس. وقال ثلاثة من قدامى المحاربين إنهم تمت دعوتهم على وجه التحديد للانضمام إلى روسغفارديا.

وكان الهدف في الأصل أن تكون قوة حرس خلفي، لكن أهمية روسغفارديا زادت منذ غزو أوكرانيا تحت قيادة فيكتور زولوتوف، الحارس الشخصي السابق للرئيس فلاديمير بوتين. وقد أمر بوتين بتعبئة واسعة النطاق منذ بداية الغزو واستدعاء مئات الآلاف من القوات من خلال التجنيد الإجباري، لكنه امتنع عن تنفيذ مشروع آخر على نفس النطاق ويرجع ذلك جزئياً إلى تجنب إثارة السخط العام.

وجاء في نص التوظيف الذي تلقاه أحد المحاربين القدامى في فاغنر واطلعت عليه صحيفة نيويورك تايمز "أصبحت فاغنر رسميًا وحدة تابعة لروسغفارديا”. وتقول المصادر أن هذا التوجه جزء من جهود روسغفارديا لتقديم نفسها على أنها خليفة فاغنر، وهي قوة شبه عسكرية مترامية الأطراف مؤيدة للكرملين وبلغ عدد عناصرها في ذروتها عشرات الآلاف من المقاتلين في ثلاث قارات.

ولعبت فاغنر، التي تعتمد بشكل كبير على المعتقلين الذين تم تجنيدهم مقابل العفو، دورًا رائدًا في الحملة الروسية التي استمرت أشهرًا للاستيلاء على بلدة باخموت في شرق أوكرانيا. ومنح سقوط المدينة في أيدي روسيا في شهر مايو/أيار الماضي، الكرملين انتصاره العسكري الوحيد المهم خلال أكثر من عام من القتال.

لكن التنافس الشخصي بين مؤسس فاغنر يفغيني بريغوزين والقيادة العسكرية الروسية العليا وصل إلى ذروته بعد فترة وجيزة، عندما أطلق بريغوزين تمردًا في يونيو/حزيران، وأرسل عدة آلاف من القوات في مسيرة فاشلة إلى موسكو.

وبعد التمرد، قاد بريغوزين الموالين له إلى المنفى في بيلاروسيا المجاورة، لكنه استمر في السفر داخل روسيا لإدارة شؤونه هناك. وفي أغسطس/آب توفي هو وأقرب قادته في حادث تحطم طائرة في وسط روسيا، وهو الحدث الذي وصفته أجهزة المخابرات الغربية بأنه اغتيال، بينما نفى الكرملين أي تورط له، ووصف مقتله بأنه حادث.

ويُنظر إلى زولوتوف على نطاق واسع على أنه أحد المستفيدين الرئيسيين من سقوط بريغوزين.
وقبل الحرب، اقتصرت روسغفارديا على مراقبة الأحداث العامة وتفريق المظاهرات. وخلال الغزو، عبرت قواتها الحدود إلى أوكرانيا للمساعدة في الهجوم.

وتقول مصادر غربية أن بوتين منذ فترة طويلة حرض كبار المسؤولين ورجال الأعمال ضد بعضهم البعض، وهو نظام من المنافسات الذي سمح لخلاف بريغوزين مع الجيش بالتفاقم. وفسر بعض المحللين قرار تعزيز روسغفارديا على أنه وسيلة لتوحيد الفصيل الموالي، خاصة بعد فشل الجيش الروسي في إبداء مقاومة كبيرة أمام متمردي فاغنر عندما اقتربوا من العاصمة في يونيو/تموز. وأكد موظف إقليمي في روسغفارديا، شريطة عدم الكشف عن هويته، أن القوة العسكرية أنشأت مؤخرًا لواء خاصًا لإيواء المعتقلين السابقين الذين قاتلوا مع فاغنر.

ويبدو أن أعضاء سابقين آخرين في مجموعة فاغنر قاموا بالانضمام إلى وحدة أخمات التكتيكية التابعة لروسغفارديا، ومقرها الشيشان في جنوب روسيا. وأصدر التلفزيون الحكومي الروسي هذا الشهر مقطع فيديو يُزعم أنه يُظهر جلسة تدريبية لأعضاء فاغنر السابقين الذين يقاتلون الآن في منطقة أخمات الأوكرانية.

وتوفي معتقل سابق يُدعى أليكسي فيليانتسيف والذي خدم سابقًا مع فاغنر، في سبتمبر/أيلول في أوكرانيا بعد إعادة تجنيده في أخمات، وفقًا لرفيق سابق ومنشور لوالدته على وسائل التواصل الاجتماعي. كما سعى الجيش الروسي وهو منافس آخر لروسغفارديا منذ فترة طويلة، إلى جذب قدامى المحاربين في فاغنر، وفقًا لشخص مقرب من وزارة الدفاع الروسية، الذي تحدث عن السياسة الداخلية مشترطا عدم الكشف عن هويته.

وقالت وزارة الدفاع، التي تشرف على الجيش إنها صادرت مئات القطع من أسلحة فاغنر الثقيلة في أعقاب التمرد. بعد وقت قصير من وفاة بريغوزين، حيث التقى بوتين بأحد كبار قادة فاغنر الباقين على قيد الحياة ونائب وزير الدفاع لمناقشة إنشاء “وحدات تطوعية” جديدة داخل القوات المسلحة الروسية.