موسكو وواشنطن لا تغادران مربع التوتر رغم بوادر ايجابية

الرئيس الأميركي الجديد تحدث فورا عن مواضيع تثير التوتر مع نظيره الروسي وطلب من أجهزة الاستخبارات الأميركية التدقيق في كافة الأعمال المنسوبة إلى روسيا كان ترامب قلل من أهميّتها.
بايدن يُظهر صرامة مع بوتين بعد ازدواجية ترامب حيال موسكو
الاتفاق على تمديد المعاهدة النووية لا تفتح الباب لتحسين العلاقات
إدارة بايدن تبدو أكثر وحدة في موقف حازم من روسيا

واشنطن - أبدى الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن في أول أسبوع من توليه السلطة، صرامة حيال موسكو لإنهاء ازدواجية التعامل مع روسيا التي كانت سائدة في عهد سلفه دونالد ترامب بما يفتح صفحة توترات جديدة في العلاقات بين الخصمين الدوليين وبما لا يترك فسحة لتحسين العلاقات الباردة بينهما.

وصحيح أن بايدن حقق انجازا دبلوماسيا باتفاق مع روسيا على لتمديد معاهدة 'نيو ستارت' النووية لخمس سنوات، لكن من دون أن يعيد الدفء للعلاقات المتوترة على الدوام.

ومعاهدة نيو ستارت وهي آخر اتفاق ثنائي للحدّ من الأسلحة النووية وكان سينتهي العمل بها في مطلع فبراير/شباط.

وذكّر رئيس مجموعة 'أوراسيا' للأبحاث إيان بريمر بأن "ترامب كان يريد بالطبع أن تكون له علاقة شخصية أفضل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين" مشيرا إلى ميله لـ"حبّ الحكام المستبدين".

وأوضح هذا الخبير أن "أحاديّة" ترامب من جهة دفعته إلى عدم الاكتراث للاتفاقات الدولية، بما في ذلك في مجال التسلح، "من دون أن يكون على دراية تامة" بطابعها "الاستراتيجي"، مضيفا أنه من جهة أخرى "جميع المحيطين بترامب كانوا معارضين لتقارب مع روسيا"، سواء من جانب إدارته أو في الكونغرس أو في وسائل الإعلام المحافظة.

ويرى بريمر أن نتيجة ذلك كان الرئيس الجمهوري السابق "غير قادر على تحسين العلاقات فعليا" مع روسيا وهي حاليا في أدنى مستوياتها منذ انتهاء الحرب الباردة قبل ثلاثين عاما.

وفي مشهد معاكس، يبدو سجلّ خلفه الديمقراطي الذي يعتزم أن يكون حازما مع رئيس الكرملين، أفضل، إلا أن الاتفاق حول تمديد العمل بمعاهدة 'نيو ستارت' لا يعكس بالضرورة ما سيحصل في المستقبل.

وتاريخيا، الحدّ من التسلح هو أحد المجالات النادرة التي لدى القوتين العظميين مصلحة في التوافق عليها. ويعيد بايدن هذا التقليد الدبلوماسي الذي كان الملياردير الجمهوري قد وضعه جانبا خلال عهده.

ويرى وليام بومرانز من مركز ويلسون للأبحاث أن "نيو ستارت كانت ثمرة ناضجة" رغم أنها "اتفاق معزول"، مضيفا "أنا متشائم حيال إمكانية أن تكون هذه المعاهدة نقطة انطلاق لعلاقات أفضل".

في الواقع، تبدو اللهجة التي أوحى بها الرئيس بايدن وفريقه المؤلف من عدة "صقور" في وجه روسيا، تُنذر بالتحدي.

ومن دون الوصول إلى حدّ دعوة ترامب إلى التقارب بشكل سري من الروس، حاول رؤساء سابقون آخرون في الماضي، كسر الجليد مع بوتين. وقال جورج بوش الابن إنه بعد أن نظر في عيني بوتين "أخذ فكرة عن روحه"، فيما دعا باراك أوباما إلى "إعادة ضبط" العلاقات.

في المقابل، تحدث الرئيس الجديد فورا عن مواضيع تثير التوتر مع نظيره الروسي وطلب من أجهزة الاستخبارات الأميركية التدقيق في كافة الأعمال المنسوبة إلى روسيا والتي قلّل ترامب من أهميّتها: التدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016 والهجوم لإلكتروني الهائل مؤخرا وحتى الاشتباه بدفع "مكافآت" لعناصر طالبان لقتل جنود أميركيين.

والموضوع الخلافي المطروح حاليا هو مصير المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي قالت دول غربية إنه وقع ضحية محاولة اغتيال قادتها موسكو من خلال تسميمه. وقد أوقف لدى عودته إلى روسيا في منتصف يناير/كانون الثاني.

وتتابع واشنطن عن كثب الاعتقالات الجماعية وارتباك السلطات الروسية مقابل التظاهرات التي أثارها اعتقال نافالني.

وقال وزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن الأربعاء "أنا مندهش لرؤية إلى أي مدى رجل واحد نافالني، يقلق الحكومة الروسية على ما يبدو وحتى يخيفها". ولم يستبعد فرض عقوبات جديدة على موسكو.

ويرى بريمر أن "إدارة بايدن موحدة أكثر" من إدارة ترامب "حول رسالة الحزم وموحدة أكثر مع حلفائها أيضا، ما سيسمح على الهامش بممارسة مزيد من الضغط على بوتين"، معتبرا أن وحده الضغط الداخلي يمكن أن يجعل الكرملين يحقق تقدما.

ويقول وليام بومرانز "ينبغي أن يعمل الطرفان لتحسين العلاقات وفلاديمير بوتين لم يعطِ أية إشارة لرغبة في تغيير مضمون العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا"، بعيدا عن دعواته المكررة إلى "التطبيع".