مونديال 'أم الألعاب' اختبار كشف للعالم حقيقة قطر

توثيق شاشات وسائل الإعلام العالمية لتعرض حياة المشاركين في بطولة ألعاب القوى للخطر يؤكد الاتهامات التي وجهت سابقا ضد النظام القطري بشأن الظروف القاسية التي يعيشها العمال الوافدين خلال بناء المنشآت الرياضية.
ملاعب بمدرجات فارغة وتأخير المباريات لتغطية فشل أنظمة التبريد
انسحاب المشاركين بسبب الحرارة يلقي الضوء على معاناة العمال الأجانب
أثيوبيا تمنع عدائيها المشاركين في البطولة من خوض أي سباقات لثلاثة أشهر

الدوحة - شنت الصحافة العالمية هذا الأسبوع، هجوما لاذعا على السلطات القطرية متهمة إياها بـالكذب والمغالطة بشأن الترويج لقدرتها على تنظيم بطولة ألعاب القوى الحالية، تمهيدا لمونديال 2022.

وقالت صحيفة "لاديباش" في مقال تحت عنوان "مونديال ألعاب القوى 2019: قطر كذبت على طول الخط"، إن "حصيلة البطولة التي تقام حاليا في قطر كارثية".

وأضافت أن الرياضيون المشاركون في البطولة كانوا يتهافتون على ميكروفونات الصحفيين الموجودين في الملاعب للتنديد بوضعهم المزري بسبب فشل أنظمة التبريد التي استخدمتها قطر لمواجهة موجة الحر الشديدة.

وانتقدت الصحيفة الفرنسية رؤية "العدائين المشاركين في الماراثونات وهم يتساقطون كالذباب تحت أعين المسؤولين 'غير المسؤولين' الذين حاولوا من بعيد غض النظر عما يجري في ستاد خليفة الدولي.

وأشارت "لاديباش" إلى أن الإحصاءات والأرقام التي قدمتها قطر بشأن الحضور الجماهيري كانت مثيرة للسخرية وبعيدة جدا عن الواقع.

وقالت إن مدرجات الملاعب خلال الأيام الماضية من البطولة التي انطلقت يوم الجمعة الماضي، بدت فارغة إلا عدد قليل من الجمهور كان معظمه من شرق إفريقيا (أوغندا وإثيوبيا وكينيا) بالإضافة إلى بعض العمال الوافدين الذين تم حثهم على الحضور بكثافة.

والأسبوع الماضي، قال المدير العام للبطولة ونائب رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى إن مبيعات تذاكر البطولة تسير على نحو جيد، لكن اللافتات والإعلانات الرئيسية في الدوحة كانت تركز أكثر على الترويج والتسويق لنهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها قطر في عام 2022، أكثر من بطولة ألعاب القوى.

لكن مدرجات الملاعب القطرية التي بقيت أجزاء كبيرة منها فارغة، بدت خلال تتويج العدائين الفائزين لافتة على شاشات التلفزيون العالمية التي اعتادت تسجيل متابعة كبيرة من قبل الجمهور لبطولة "أم الألعاب".

وردا على استفسارات وسائل الإعلام بشأن الحضور الجماهيري، اكتفت اللجنة المحلية المنظمة بالقول في بيان أصدرته الاثنين، إنها تبذل جهودا مضاعفة لتأمين إقبال جماهيري أكبر خلال الأيام المتبقية من البطولة.

من جهته تنصل الاتحاد الدولي لألعاب القوى من جزء من المسؤولية قائلا إنهم بذلوا قصارى جهدهم لتقليل المخاطر المرتبطة بالحرارة إلى الحد الأدنى، بما فيه تعيين خبراء طبيين بارزين لمراقبة الأحوال الجوية، وزيادة عدد الموظفين الطبيين في الموقع، وزيادة عدد نقاط توزيع المرطبات في مسار الماراثون.

وكان العديد من الرياضيين، السابقين والحاليين، قالوا إن مدرجات ستاد خليفة الدولي بدت شبه خاوية خلال الجولة النهائية لسباق 100 متر عدو رجال، السبت. وحضر أقل من ألفي شخص الجولة النهائية لسباق 100 متر عدو نساء الأحد.

مدرجات بقيت فارغة رغم كل المحاولات الحثيثة لسد الشغور
مدرجات بقيت فارغة رغم كل المحاولات الحثيثة لسد الشغور

وألقى المسؤولون القطريون باللوم في ضعف الإقبال الجماهيري، على استمرار المنافسات حتى وقت متأخر من أجل تحقيق أغراض البث التلفزيوني الحي إلى جميع أنحاء العالم.

ولكن الصحفي الفرنسي أوليفييه تروشو وصف خلال برنامج حواري على شبكة "بي إف إم تي في" بطولة العالم لألعاب القوى في قطر بـ"الرحلة نحو العبث"، منتقدا تعمد تغيير مواعيد المنافسات إلى وقت متأخر من الليل لتفادي مواجهة الفشل في التنظيم.

وسخر تروشو من نظام التبريد الذي استخدمته السلطات القطرية في ملاعب خالية من الجمهور، قائلا إن "الملاعب المكيفة لم نرها مكشوفة ويدخلها الهواء إلا في قطر".

وأضاف الصحافي الفرنسي أن فشل تنظيم بطولة "أم الألعاب" كشف عدم قدرة الإمارة الخليجية الصغيرة على استضافة بطولات كبرى.

من جانبه قال موقع "ميديا بارت" الفرنسي إن الزخم والترويج الإعلامي الذي كانت قطر تنتظره من خلال استعراض الرفاهة في المنشآت الرياضية لإثبات قدرتها على استضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، تحول في الأيام الأولى من بطولة العالم لألعاب القوى إلى إهانة على الملأ للإمارة الخليجية والاتحاد الدولي لألعاب القوى على حد سواء.

وتطرق الموقع في تقرير تحت عنوان "بطولة العالم لألعاب القوى في قطر: فساد مزعوم، إخفاق مؤكد"، إلى تذمر الرياضيين وحتى عدد من السياسيين من أجواء البطولة التي وصفها بـ"السخيفة" بسبب "تكليف مسؤولين دوليين لتنظيم بطولة عالمية في بلد صغير يتميز بدرجات حرارة عالية وليس لديه تقاليد رياضية".

يذكر أن ملف إسناد قطر حق استضافة بطولة ألعاب القوى الحالية يبحث فيه القضاء الفرنسي، حيث وجهت اتهامات لبابا ماساتا دياك نجل السنغالي لامين دياك الرئيس السابق للاتحاد الدولي لألعاب القوى، بتلقى رشاوى تقدر بـ 4.5 مليون دولار من أجل التأثير في الأصوات بالاتحاد لمنح قطر حق استضافة البطولة.

وقالت صحيفة "ذا غارديان" في تقرير نشرته الجمعة، إنها اطلعت على وثائق تثبت تورط قطر في الفضيحة التي يجري التحقيق فيها منذ سنوات من قبل قضاة فرنسيين.

صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية سلطت هي الأخرى الضوء على فشل تنظيم البطولة العالمية في قطر بتقرير حمل عنوان "المتنافسات في الماراثون يتسابقن في الجحيم في الدوحة".

وقال الكاتب آلان ميرسييه في التقرير إن الظروف التي مر بها الرياضيون غير إنسانية.

وتعليقا على انسحاب نحو نصف العداءات المشاركات في ماراثون السيدات الأحد الماضي، قالت صحيفة "تيليغراف" البريطانية  الحادثة بـ"المشاهد المروعة لعدة متسابقات ينهَرْن من شدة الوهن".

ورغم أن السباق بدأ في منتصف الليل، كانت العدّاءات تصارعن حرارة 30 درجة مئوية ومستويات رطوبة تفوق 80 بالمئة".

انسحاب كبير للمشاركين في الماراثونات حفاظا على حياتهم
انسحاب كبير للمشاركين في الماراثونات حفاظا على حياتهم

وأمس الثلاثاء، حذر الاتحاد الإثيوبي لألعاب القوى العدائين والعداءات الإثيوبيين المشاركين في سباقي ماراثون الرجال والسيدات من البطولة من خوض أي سباقات على مدار ثلاثة شهور قادمة وإلا سيتعرضون للعقوبات.

وقال الاتحاد الإثيوبي في بيان إن هذا القرار يرجع لأسباب صحية وأن "خرق القرار سيؤدي لعواقب وخيمة".

ويأتي القرار بعد الجهد الكبير الذي بذلته العداءات في ماراثون السيدات نظرا لارتفاع درجة الحرارة رغم بدء فعاليات السباق في منتصف الليل، وهو ما ينتظر أن يطبق أيضا على سباق ماراثون الرجال المقرر يوم السبت المقبل.

وفشلت العداءات الثلاث الإثيوبيات المشاركات في إنهاء سباق الماراثون الذي شهد انسحاب 28 من 68 عداءة شاركت في السباق.

ومع توثيق شاشات وسائل الإعلام العالمية وشهادات الصحافيين حول هذه التفاصيل، وضعت الدوحة نفسها في موقع لا تحسد عليه، حيث أكدت بطولة العالم لألعاب القوى الاتهامات التي وجهت سابقا ضد النظام القطري بشأن الظروف القاسية التي يعيشها العمال الوافدين لاستكمال بناء تلك المنشآت الرياضية.

وكان مسؤول من منظمة العفو الدولية قد أكد الجمعة، أن الإصلاحات التي اعتمدتها قطر بخصوص تسوية حقوق مليوني عامل أجنبي يعملون في المنشآت الرياضية الفخمة لا ترقى إلى الوعود التي قطعتها الدولة الخليجية على نفسها.

وقال ستيفن كوكبرن نائب مدير قسم القضايا الدولية في منظمة العفو "حدث تحسن طفيف لكن بوجه عام اكتشفنا أنه لم يحدث تقدم حقيقي وأن العمال يدفعون ثمن ذلك".

وفي تقرير سابق وثقت المنظمة حالات نحو ألفي عامل يعملون في ظروف قاسية في منشآت رياضية تبنيها قطر استعدادا لمونديال 2022، كما أنهم  لم يحصلوا على أجورهم وقد أجبر أغلبهم على العودة لبلادهم دون الحصول عليها.

وقالت المنظمة الحقوقية "بالرغم من الوعود الكبيرة للإصلاح التي تعهدت بها قطر قبل مونديال 2022، إلا أنها تبقى مرتعا لبعض أرباب العمل المجردين من المبادىء".

وأعادت صحيفة  "ذا غارديان" هذا الأسبوع ملف العمالة الوافدة إلى قطر إلى الواجهة وقالت في تقرير تحت عنوان "المئات من العمال يموتون بسبب الحرارة في طفرة البناء في قطر"، إن "هؤولاء العمال معرضون لخطر الموت".

وكانت السلطات القطرية قد قالت إنها تمنع العمال من العمل في الأماكن غير المظللة من الساعة 11:30 صباحا وحتى 03:00 عصرا في الفترة من يونيو/حزيران وحتى أغسطس/آب.