ميقاتي رئيسا لوزراء لبنان للمرة الرابعة في مهمة إنقاذ صعبة

رئيس الوزراء اللبناني المكلف يدعو جميع القوى إلى تنحية خلافاتهم جانبا والتعاون لتخفيف الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد، بينما يتوقع أن يكون عمر حكومته قصيرا حيث تنتهي ولاية ميشال عون الرئاسية بعد أشهر قليلة.
ميقاتي: لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب
الأزمة المالية الطاحنة في لبنان أكبر من أن تحل في أشهر

بيروت - كلف الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الخميس بعد استشارات نيابية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اليوم الخميس بتشكيل حكومة جديدة مما يبقي الملياردير السنّي على رأس حكومة تواجه انهيارا ماليا داخليا منذ ثلاث سنوات.

ودعا رئيس وزراء المكلف اليوم الخميس الفصائل السياسية المختلفة في البلاد إلى تنحية خلافاتهم جانبا والتعاون لتخفيف الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد.

وفي كلمة ألقاها في القصر الرئاسي في بعبدا عقب تكليفه بتشكيل حكومة جديدة دعا ميقاتي البرلمان إلى إقرار اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع وقت ممكن. وقال "بكل صدق وإخلاص وتجرّد أمدّ يدي إلى الجميع من دون استثناء، بإرادة وطنية طيبة وصادقة. الوطن بحاجة اليوم إلى سواعدنا جميعا. لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وأنانياتنا إذا خسرنا الوطن".

وأضاف "لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب. أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا.. ساعدوا أنفسكم لنساعدكم".

وكان متوقعا على نطاق واسع أن يلجأ الرئيس اللبناني الذي تنتهي ولايته في أكتوبر/تشرين الأول، إلى هذا الخيار دون عناء في البحث عن شخصية أخرى قد لا تتوافق عليها القوى السياسية التي تتنازع على حصص في الحكومة الجديدة.

ومن المتوقع أيضا أن يكون عمر حكومة ميقاتي الجديدة قصيرا جدا بالنظر إلى أن التكليف يأتي قبل أشهر من انتهاء ولاية عون الرئاسية، فيما سيبقى تشكيل الحكومة أمرا غير مضمون فلبنان اعتاد على المناكفات السياسية التي تطيل فترة التأليف.

ومن المتوقع ايضا أن يواجه لبنان عقدة أخرى في الأشهر القليلة القادمة وهي عقدة الرئاسة التي يتولاها حسب النظام الطائفي شخصية من المسيحيين الموارنة وعادة ما يتم اختيارها من قادة الجيش.

وبتكليف ميقاتي لتشكيل الحكومة تكون هذه الولاية الرابعة له كرئيس للوزراء وهو المنصب الذي ينبغي أن يتولاه مسلم سنّي في ظل نظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان. وتستمر الحكومة في تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة. وجاءت ولاياته السابقة كرئيس للوزراء في أوقات الأزمات حيث تم تكليفه بتشكيل حكومة لأول مرة في عام 2005 عندما استقالت الحكومة في أعقاب اغتيال رفيق الحريري. واستمرت حكومة ميقاتي آنذاك لمدة ثلاثة أشهر حتى إتمام الانتخابات البرلمانية التي فاز بها سعد الحريري نجل رفيق الحريري وحلفاؤه بالأغلبية.

وعندما أطاح حزب الله الشيعي وحلفاؤه بالحكومة التي يقودها الحريري عام 2011 ، تولى ميقاتي المنصب مرة أخرى. واستقال في عام 2013 بعد خلافات مع حزب الله الذي كان له نفوذ كبير بدعم من حلفائه.

وجاءت تسميته الثالثة في عام 2021 بعد أن تخلى الحريري عن جهود تشكيل حكومة بسبب خلافات مع الرئيس ميشال عون المدعوم من حزب الله.

نجيب ميقاتي
نجيب ميقاتي

وتولت حكومة ميقاتي السلطة في سبتمبر/أيلول وتعهدت بتأمين صفقة مع صندوق النقد الدولي وإجراء انتخابات برلمانية في موعدها في العام التالي.

وأصبح ميقاتي شخصية مركزية أكثر منذ أن أعلن الحريري الزعيم السنّي الرئيسي في لبنان لفترة طويلة، في يناير/كانون الثاني تعليق دوره السياسي.

وتوصلت حكومة ميقاتي إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان، مشروطا بالإصلاحات التي لا تكترث بها الفصائل السياسية منذ فترة طويلة.

في مايو/أيار، وافقت حكومته على خطة تعافي تهدف إلى معالجة فجوة بأكثر من 70 مليار دولار في النظام المالي، لكنه عبر عن إحباطه من فشل البرلمان في تمرير القوانين اللازمة لتنفيذ الخطط وإحراز تقدم على مسار صندوق النقد الدولي.

وتشمل هذه القوانين تعديل قواعد السرية المصرفية ومراقبة التحويلات المالية إلى خارج لبنان. كما اعترضت البنوك على خطة التعافي المالية. وينظر النقاد إلى ميقاتي على أنه جزء من النخبة التي دفعت لبنان إلى أتون الأزمة.

وأشار ميقاتي في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي إلى دعمه لحاكم البنك المركزي المخضرم رياض سلامة الذي يواجه تحقيقات فساد في لبنان وفي عدة دول أوروبية. وفي مقابلة في مايو/أيار، قال رئيس الحكومة إنه لم يعد يعارض استبدال سلامة.

وميقاتي معروف بعلاقاته الدولية لا سيما في دول الخليج التي استثمرت في السابق بكثافة في لبنان، لكنها تجنبت ذلك منذ فترة طويلة بسبب نفوذ حزب الله.

وواجه أزمة دبلوماسية العام الماضي عندما سحبت دول الخليج سفراءها بسبب انتقاد وزير متحالف مع حزب الله للسعودية وحلفائها بشأن حرب اليمن.

وفي سعيه لإصلاح العلاقات أشار إلى أن الوزير يجب أن يستقيل. كما انتقد الأمين العام لجماعة حزب الله لمهاجمته العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ولاتهامه المملكة بـ"دعم الإرهاب".

وفي أبريل/نيسان، عاد السفراء الخليجيون بعد تصريحات ميقاتي أصر فيها على أن لبنان يجب أن يركز على "إنهاء جميع الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية" التي تؤثر على دول الخليج. كما حصلت حكومته على دعم فرنسي

وينحدر ميقاتي من طرابلس التي صنفت أفقر مدينة على البحر الأبيض المتوسط حتى قبل بدء الأزمة المالية في عام 2019.

وجنى هو وشقيقه طه أموالهما من الاتصالات وبناء شركة إنفستكوم خلال الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990 والتوسع في غرب إفريقيا والشرق الأوسط.

وفي عام 2006 باع ميقاتي حصصه في مجال الاتصالات لمجموعة 'إم.تي.إن' في جنوب إفريقيا مقابل 5.5 مليارات دولار. وفي عام 2007 شارك في تأسيس مجموعة إم1 مع استثمارات تشمل الاتصالات.

وصنفت فوربس ميقاتي وطه في المركز الرابع كأغنى عرب هذا العام وقدرت ثروة نجيب بنحو 3.2 مليارات دولار بزيادة 700 مليون دولار عن عام 2021. وقد أثارت اهتماماته التجارية بعض الجدل.

ووجه قاض لبناني اتهامات ضده في 2019 لتحقيق مكاسب غير مشروعة من خلال قروض الإسكان المدعومة من الدولة. ونفى متحدث باسمه تلك الاتهامات في ذلك الوقت.

وعقدت مجموعة إم1 شراكة مع مجموعة شو بيان بو في ميانمار لشراء عمليات ميانمار لشركة الاتصالات السلكية واللاسلكية النرويجية تيلينور. وتخشى بعض جماعات الحقوق المدنية من أن الصفقة قد تضع بيانات المستخدم في متناول المجلس العسكري.

وقالت مجموعة إم1 في بيان إن كلا من إم1 وفرعها في ميانمار، إنفستكوم (بي.تي.إي) ، لن ييسرا أو يسمحا بطلبات الاعتراض غير القانونية أو المعدات في ميانمار.