ميليشيات إيران تُحول ذكرى مقتل سليماني إلى محاكمة للكاظمي

آلاف العراقيين من أنصار الحشد الشعبي يرددون هتافات منددة بالولايات المتحدة وبرئيس الوزراء العراقي متهمين إياه بأنه "جبان وعميل لواشنطن" في حملة تحريض تنذر بمواجهة أشدّ مع الكاظمي.
قادة بارزون في الحشد يدفعون لتأليب الرأي العام على الكاظمي
كتائب حزب الله تؤجل اقتحام سفارة "الشرّ" الأميركية
ميليشيات إيران تخطف الشارع العراقي من حراك مندد بالنفوذ الإيراني

بغداد - حولت الميليشيات الموالية لإيران تظاهرات حاشدة اليوم الأحد في الذكرى الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، إلى محاكمة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حيث ردد الآلاف هتافات تتهمه بالعمالة للولايات المتحدة وبالجبن.

تظاهر آلاف العراقيين مرددين هتافات من بينها "كلا كلا أميركا" و"الانتقام"ّ، ففي ساحة التحرير وسط بغداد، تجمع الآف وغالبيتهم من الموالين للحشد الشعبي التحالف الذي يضم فصائل شيعية أُدمجت مع القوات الأمنية، للتنديد أيضا بالكاظمي الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات حين تمت تصفية سليماني والمهندس والذي دخل في مواجهة مع تلك الميليشيات تحت عنوان حصر السلاح بيد الدولة.

ويحاول قادة الحشد الشعبي البارزون باستمرار الإشارة إلى أن الكاظمي الذي تولى مهامه في أعقاب احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول غير المسبوقة، يقف إلى جانب المتظاهرين المناهضين للسلطة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.

ويعيش العراقيون حاليا في ظل توتر حاد وهم يراقبون بحذر ما قد يحدث في الأسابيع المقبلة بين طهران وواشنطن.

وتبدو الاحتجاجات موجهة أكثر للضغط على رئيس الوزراء والتمهيد للإطاحة بحكومته على الرغم من أن عنوانها الرئيسي توجيه رسالة للولايات المتحدة من خلال الوعيد بالانتقام لمقتل سليماني والمهندس.

وتعهدت كتائب حزب الله اليوم الأحد بعدم اقتحام السفارة الأميركية وسط بغداد. وقال أمينها العام أبوحسين الحميداوي" يوم الأحد بأن عناصر الكتائب لا ينوون دخول ما وصفها بسفارة "الشرّ" خلال المسيرات والتظاهرات التي ستنطلق لأنصار الحشد الشعبي بالتزامن مع الذكرى الأولى لمقتل سليماني والمهندس.

وقبل ذلك تجمع رجال ونساء وأطفال ليلة السبت والأحد وهم يرتدون ملابس سوداء عند موقع الهجوم حيث أشعلوا شموعا لتحية "شهدائهم" منددين بـ"الشيطان الأكبر"، في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وقالت بتول النجار المؤيدة للحشد الشعبي الذي تتهمه الولايات المتحدة باستهداف سفارتها وجنودها في العراق بصواريخ "نقول لأمريكا ولأعداء الإسلام إننا سنواصل المقاومة رغم إراقة الدماء".

وقتل سليماني والمهندس وثمانية أشخاص آخرين فجر الثالث من يناير/كانون الثاني 2020 في ضربة استهدفت عربتين قرب مطار بغداد.

الميليشيات المسلحة الموالية لإيران تسعى للاطاحة بالكاظمي
الميليشيات المسلحة الموالية لإيران تسعى للاطاحة بالكاظمي

وأثارت تلك الضربة العداء القديم الذي يمتد لأربعين عاما بين طهران وواشنطن، بالإضافة لمخاوف من مواجهة في العراق حيث يملك كلاهما نفوذا واسعا.

ويعيش العراق حاليا أكثر من أي وقت مضى تحت نفوذ واسع لمؤيدين لإيران باتوا لا يترددون في تهديد الحكومة في ظل غياب سلطة سياسية أو قوة عسكرية لمواجهتهم.

وتعهد النائب أحمد الأسدي أحد أبرز قادة الحشد الشعبي قائلا "أبومهدي المهندس العظيم ستخرج الملايين وتتوهج صورتك في ساحة التحرير".

وانطلقت منذ السبت استعدادات لمراسم مماثلة لإحياء هذه الذكرى في ساحة التحرير التي كانت معقل احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019، وعلت خلالها هتافات منددة بالنظام السياسي وأطرافه الموالية لإيران.

ورفعت صورة كبيرة تجمع سليماني والمهندس على مبنى المطعم التركي المجاور للساحة، وصور أخرى عند نصب التحرير كما رفع المتظاهرون أعلاما عراقية وللحشد الشعبي ورايات صغيرة تحمل مخططات صور لكليهما.

وقالت أم مريم (معلمة 40 عاما) من بغداد، وصلت مع زوجها ومجموعة من النساء وهي ترتدي عباءة سوداء "نحن هنا وفاء لدماء الشهداء. جئنا لنقول كلا كلا أميركا ولأي محتل يريد أن يدنس أرض العراق".

ووجه الحشد الشعبي دعوة لجميع العراقيين للتجمع في ساحة التحرير ومدن أخرى الأحد، للتنديد بـ"المحتل الأميركي" والمطالبة بخروج القوات الأميركية من البلاد.

وشهدت مدن أخرى في جنوب العراق بينها النجف، حيث ووري المهندس، تجمعات مماثلة شارك فيها موالون بينهم من أجهش بالبكاء حزنا على "الشهيدين".

وينتشر قرابة 3000 جندي أميركي في العراق رغم تصويت مجلس النواب على خروجهم، بعد ضربة الثالث من يناير/كانون الثاني 2020، فيما أعلنت الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، سحب 500 جندي من العراق وإبقاء 2500 .

تصفية سليماني والمهندس تعتبر أكبر ضربة اميركية لمخالب إيران في العراق
تصفية سليماني والمهندس تعتبر أكبر ضربة اميركية لمخالب إيران في العراق

وعشية الذكرى، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة الخميس، إن "عملاء استفزازيين إسرائيليين يخططون لشن هجمات على الأمريكيين في العراق" لوضع الرئيس الأميركي دونالد "ترامب في مأزق بسبب حرب ملفقة".

واتهمت طهران الرئيس الأميركي المنتهية ولايته بالسعي إلى اختلاق "ذريعة" لشن "حرب" قبل خروجه من البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني بعد ولاية شن خلالها حملة "ضغوط قصوى" على طهران.

وكان ترامب قد اتهم طهران بالوقوف وراء هجوم صاروخي استهدف السفارة الأميركية في بغداد في 20 ديسمبر/كانون الأول.

وكرر ترامب منذ الثالث من يناير 2020 موقفه الثابت بأنه "إذا قتل أميركي سأحمّل إيران المسؤولية" في إشارة إلى تكهنات بتعرض أميركيين لهجمات أخرى في العراق.

وأثارت المواقف المتشددة لطهران وواشنطن طوال العام الماضي، مخاوف من اندلاع صراع بين الطرفين يكون العراق مسرحا له .

والسبت، اتهم ظريف إسرائيل العدو اللدود للجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط، بالضلوع في هذا المخطط. وكتب عبر حسابه على تويتر "معلومات استخبارية جديدة من العراق تؤشر إلى أن عملاء محرِّضين إسرائيليين يخططون لهجمات ضد أميركيين، لربط المنتهية ولايته ترامب" بذريعة لشن حرب، محذرا ترامب من "الوقوع في فخ"، معتبرا أن "أي مفرقعات في المنطقة سترتد عكسيا بشكل سيئ"، خصوصا على من وصفهم بـ"أفضل أصدقاء" الرئيس الأميركي من دون أن يسميهم.

وحلقت قاذفتان أميركيتان من طراز "بي-52" قادرتان على نقل أسلحة نووية فوق منطقة الخليج في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، فيما كانت حاملة الطائرات "يو اس اس نيميتز" تبحر نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في مياه الخليج اضافة إلى نشر غواصة نووية قادرة على حمل أكثر من 140 صاروخ توماهوك.

واستهدفت هجمات صاروخية خصوصا خلال العام مصالح أميركية في العراق، اتّهمت واشنطن فصائل مسلّحة موالية لإيران بتنفيذها، لكن اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي تراجعت وتيرة الهجمات بعد هدنة أعلنتها الفصائل الموالية لإيران.