ميليشيات متطرفة تقاتل مع الجيش السوداني تعقد جهود إنهاء القتال

"تقدم" تعمل على صياغة رؤية مشتركة حول سبل رفع الاستجابة المحلية والدولية لمعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في البلاد.

السودان - كشف المرصد الوطني لحقوق الإنسان في السودان، عن رصده لجريمة حرب ضد الإنسانية ارتكبتها المليشيات الإسلامية المتطرفة التي تقاتل مع الجيش السوداني، شمال الخرطوم بحق مواطنين، في الوقت الذي تسعى فيه أطراف محلية ودولية لاستئناف المحادثات لإنهاء الصراع في السودان وفتح الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية.

وأكدت تقارير عديدة محلية ودولية إن الآلاف من الذين عملوا في جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني في عهد الرئيس السابق، عمر البشير، ولديهم صلات بالتيار الإسلامي الذي ينتمي إليه، يقاتلون إلى جانب الجيش في الصراع السوداني، مما يعقد جهود إنهاء إراقة الدماء.

وقال المرصد على منصة “إكس” إن “الجريمة غير أخلاقية وتخالف قواعد حقوق الإنسان والحريات والدين وتعتبر جريمة ضد الإنسانية، ارتكبتها كتائب الإسلامين المتطرفة التي تقاتل مع الجيش السوداني في منطقة الكدرو، وهي قتل مواطنين عزل والتمثيل بجثثهم وهرسها بشكل غير مسبوق”.

وأضاف المرصد “نطلع الرأي العام والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على الاعتداءات البشعة التي يتعرض لها المدنيين في مناطق سيطرة الجيش على أساس العرق والهوية”.

وحمل مسؤولية وسلامة المواطنين للجيش السوداني الذي عجز عن حمايتهم وتركهم يواجهون التنظيمات المتطرفة التي تمثل خطرا على حياتهم وحياة عائلاتهم.

وحذرت جهات عديدة أن عودة الإسلاميين سيؤدي إلى تعقيد أسلوب تعامل القوى الإقليمية مع الجيش وإعاقة أي تحرك نحو الحكم المدني. كما أنها قد تزج بالبلاد في نهاية المطاف إلى المزيد من الصراعات الداخلية والعزلة الدولية.

وقال المرصد “على المنظمات القانونية التدخل المباشر لإدانة وإيقاف عمليات القتل الجماعي التي تستهدف المدنيين بصورة مستمرة في مناطق سيطرة الجيش بولايات ومدن السودان المختلفة”.

وتعتبر هذه الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية عقبة أخرى أمام المساعي الرامية للتوصل إلى تدفع إلى المزيد من عمليات الانتقام والثأر واستمرار دوامة العنف.

وكشفت تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم” السبت، عن اجتماع موسع عقده عبدالله حمدوك، مع مجموعة من الفاعلين في المجال الإنساني لمناقشة تداعيات نذر المجاعة التي باتت تطل برأسها في السودان.

وقال تنسيقية “تقدم” في بيان إنه “بدعوة من د. عبد الله حمدوك رئيس الهيئة القيادية لـ(تقدم) يعقد مساء السبت اجتماعًا واسعًا يضم مجموعة متنوعة من الفاعلين الإنسانيين السودانيين، وأصحاب الأعمال، والشخصيات الدينية والأهلية، والمثقفين والمبدعين وكتاب الرأي، والسودانيين العاملين بالمنظمات الدولية”.

وأوضح البيان أن الاجتماع يهدف لتبادل الآراء حول الكارثة الانسانية التي خلفتها الحرب التي تمزق السودان لا سيما مع نذر المجاعة وتزايد وتيرة النزوح واللجوء. ويتوقع أن يخلص الاجتماع لصياغة رؤية مشتركة حول سبل رفع الاستجابة المحلية والدولية لمعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في البلاد.

من جهته، يقود المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريلو ، الذي عين في 26 فبراير/شباط الماضي، جهودا لإنهاء الأعمال العدائية في السودان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق للمدنيين.

وأعرب بيريلو، الخميس، عن أمله في أن تقود الجهود بمجرد انتهاء شهر رمضان في منتصف أبريل/نيسان المقبل، إلى استئناف المحادثات لإنهاء الصراع في السودان وفتح الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية.

وقادت السعودية والولايات المتحدة محادثات في جدة العام الماضي، في محاولة للتوصل إلى هدنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لكن المفاوضات تعثرت وسط مبادرات سلام دولية متنافسة.

وقال بيريلو الذي تولى منصبه أواخر الشهر الماضي، للصحفيين "يتعين علينا استئناف المحادثات الرسمية، ونأمل أن يحدث ذلك بمجرد انتهاء شهر رمضان". وأضاف "يدرك الجميع أن هذه الأزمة تتجه نحو نقطة اللاعودة، وهذا يعني أنه يتعين على الجميع وضع خلافاتهم جانبا والاتحاد للعثور على حل لهذا الصراع".

وبدأ الجيش وقوات الدعم السريع القتال في منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي بعد أن توترت العلاقات بينهما حول خطط للانتقال السياسي وإعادة هيكلة الجيش.

وتمخض الصراع عن نزوح نحو 8.5 مليون شخص من ديارهم فيما أصبح أكبر أزمة نزوح في العالم، ودفع الصراع قطاعات من السكان البالغ عددهم 49 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، وأدى إلى موجات من عمليات القتل والعنف الجنسي على أساس عرقي في منطقة دارفور في غرب السودان.

ورفض الجيش، الذي استعاد في الآونة الأخيرة بعض الأراضي في العاصمة، مناشدة من مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في شهر رمضان.

وقال بيريلو "كل أسبوع ننتظره دون التوصل إلى اتفاق سلام يجعل احتمال المجاعة أطول أمدا، وتستمر الفظائع التي نعلم أنها موثقة".

وأضاف أن المحادثات قد تنطلق من الجهود التي بُذلت في جدة والمنامة والقاهرة ويجب أن يشارك فيها زعماء أفارقة وهيئات إقليمية ودول خليجية، متابعا "هذه الجولة القادمة من المحادثات الرسمية يجب أن تحتوي الجميع. لكن يجب أيضا أن يشارك فيها أشخاص جادون حقا بشأن إنهاء الحرب".

وبحسب المبعوث الأمريكي "فإننا نتجه الآن نحو وضع يمكننا أن نشهد فيه عودة العناصر المتطرفة التي قضى عليها الشعب السوداني بشجاعة كبيرة وعلى مدى فترة طويلة من المنطقة".