ميليشيات مصراتة الليبية تنقلب على وزير داخلية الوفاق وتحاول إغتياله

حكومة الوفاق سارعت إلى إعلان "حالة النفير في مصراتة" بعد احتدام المعارك بين الميليشيات وقصف القوات الجوية للجيش الليبي مخازن أسلحة تركية في المدينة.

طرابلس - أعلن الجيش الوطني الليبي فجر اليوم الاثنين عن إصابة وزير الداخلية في حكومة الوفاق بعد أن استهدفت مجموعات مسلحة موكبه بالرصاص في مدينة مصراتة شرق العاصمة، في ظل تصاعد التناحر بين الميليشيات خوفا من سيطرة وشيكة لقوات المشير خليفة حفتر على مناطق نفوذهم في طرابلس.

وأكد المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة" التي تقودها قوات الجيش الليبي لاستعادة طرابلس من الميليشيات على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك إن "فتحي باشا آغا مصاب إثر تعرض موكبه لوابل من الرصاص في محاولة لاغتياله داخل مصراتة"، نقلا عن مصادر استخباراتية تابعة للجيش داخل المدينة.

وأضاف المركز الإعلامي أن التصريحات التي أطلقتها حكومة الوفاق للتستر على محاولة الاغتيال تكشف حجم الخسائر التي لحقت بالميليشيات التابعة لها، مشيرا إلى أن معارك تدور بين ميليشيات داخل مصراتة أدت إلى إصابات كبيرة في صفوف المسلحين.

وباشا آغا الذي تم تعيينه على رأس وزارة الداخلية في حكومة السراج في أكتوبر 2018، تخرج من الكلية الحربية بمصراتة التي تعد من أكبر المدن الليبية التي تسيطر عليها الميليشيات حاليا.

وقد تم تعيينه وزيرا للداخلية لضمان ولاء ميلشيات المدينة الساحلية لحكومة الوفاق، حيث كان آمرا وممولا لكتيبة المرسي التي شاركت في تهجير سكان تاورغاء في 2011 وفي الهجوم على مدينة بني وليد في 2012 وفي عملية فجر ليبيا في 2014 والتي أعقبت حلّ المؤتمر الوطني العام الذي يسيطر عليه الإسلاميون.

والخميس، أعطى القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر إشارة لقواته للتقدم نحو قلب العاصمة طرابلس للهجوم الحاسم للسيطرة عليها بعد نحو تسعة أشهر من بدء معركة تحريرها من الميليشيات والمجموعات الإرهابية.

وقال حفتر في كلمة متلفزة "ندعو الوحدات المتقدمة نحو طرابلس إلى الالتزام بقواعد الاشتباك، كما ندعو المسلحين الذين يقاتلوا الجيش الليبي التزامهم منازلهم ولهم الأمان". وأضاف "الجيش الليبي منتصر لا محالة في معركة طرابلس، كما نمنح المسلحين فرصة الأمان مقابل إلقاء السلاح".

ومساء أمس الأحد، سارعت حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج إلى إعلان "حالة النفير في مصراتة" الواقعة شرق العاصمة طرابلس، بعد اشتباكات عنيفة جرت بين مجموعات مسلحة.

وقالت حكومة الوفاق في بيان صادر عن المجلس البلدي لمصراتة إنها "تضع كل ثقلها وإمكانياتها تحت تصرف الدولة من أجل معركة الحسم في العاصمة الليبية"، في خطوة استباقية لأي خسائر تكشف عن انشقاقات محتملة داخل الميليشيات وإلتحاقها بالجيش.

وأضافت إنها "تشكل غرفة طوارئ بالمدينة تعمل بطاقتها القصوى لتسخير كافة الإمكانيات والقدرات لمعركة الحسم".

وطالب البيان كل المدن الليبية بتسجيل موقفها في المعركة ضد الجيش الليبي داعية إياهم للمشاركة فيها.

وفيما تدور معارك ضارية في محيط طرابلس، توجه رئيس الوفاق فائز السراج الأحد إلى العاصمة القطرية الدوحة بحثا عن دعم تركي وقطري عاجل، في وقت بقيت فيه وعود البلدين بإرسال قوات إلى طرابلس مجرد تطمينات في انتظار التطورات الميدانية التي تشير إلى سيطرة وشيكة للجيش على محاور القتال في العاصمة في ظل تناحر الميليشيات وإلقاء اللوم فيما بينها لتحميل مسؤولية الفشل في إدارة المعركة.

وأثار الدعم العسكري الكبير الذي يقدمه الرئيس رجب طيب أردوغان لحكومة السراج والمجموعات المسلحة، جدلا واسعا في ليبيا، حيث اتهم الليبيون أنقرة بإغراق بلدهم بالسلاح لنشر الفوضى رافضين أي تدخل أجنبي فيها.

 وأمس الأحد، أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تاكيد استعداد بلاده لإرسال جنود إلى ليبيا لتقديم أي دعم عسكري تحتاجه ليبيا بعد أن وقعت أنقرة اتفاقية أمنية مع حكومة السراج.

وأثار اتفاق بحري عسكري وُقع الشهر الماضي بين الحكومة التركية ورئيس الوزراء الليبي فائز السراج، جدلا حيث تم رفضه والتنديد به دوليا وإقليميا، باعتباره انتهاكا صارخا للقانون البحري الدولي.

رفض ليبي ودولي لفتح حكومة الوفاق المجال أمام تركيا لاختراق المياه الإقليمية
رفض ليبي ودولي لفتح حكومة الوفاق المجال أمام تركيا لاختراق المياه الإقليمية 

وطالبت اليونان التي طردت السفير الليبي من أثينا على إثر الاتفاق، الأمم المتحدة بإدانة الخطوة التركية التي وصفتها بأنها "تزعزع" السلام والاستقرار في المنطقة، حسب ما أعلن المتحدث باسم الحكومة اليونانية. مضيفا أن "الحكومة اليونانية تريد أن يُعرض الاتفاق على مجلس الأمن الدولي بهدف إدانته".

كما أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصر وقبرص الاتفاق، فيما حذر الليبيون أنقرة من أطماعها في ثروات بلادهم وإثارة التوتر في منطقة شرق المتوسط الغنية بالغاز.

من جانبه دعا رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، أهالي طرابلس لدعم الجيش الوطني الذي يتقدم باتجاه العاصمة، والابتعاد عن الانتقام وتصفية الحسابات لإخراج البلاد من الفوضى التي يعاني منها منذ إسقاط نظام الرئيس السابق معمر القذافي في 2011.

يذكر أن سكان طرابلس عبروا في الفترة الأخيرة عن غضبهم ورفضهم للنفوذ المتزايد للميليشيات على حكومة الوفاق وعلى الأموال المرصودة للحرب في وقت يعيش فيه سكان العاصمة ومحيطها وضعا اقتصاديا صعبا خاصة مع العجز عن الإيفاء بالرواتب وتوفير المواد الأساسية في الأسواق.

واندلعت منذ أسبوعين اشتباكات مسلحة بين الميليشيات الحليفة التي يقودها الإسلاميون، في محيط مقر المجلس الرئاسي بطرابلس الذي كان يشهد اجتماعا دوريا بحضور السراج وعدد من وزراء حكومة الوفاق.

وقالت وسائل إعلام ليبية إن مجموعات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق قادمة من مصراتة حاصرت مقر رئاسة الحكومة بطريق السكة في طرابلس وطالبت بالقبض على وزير المالية الذي سبق وأن تعرض في سبتمبر الماضي لإطلاق نار داخل مكتبه بطرابلس بسبب قرار بوقف صرف مرتبات بعض عناصر الميليشيات التي تأتمر لجهاز المخابرات.

وكشفت مصادر ليبية عن تبادل لإطلاق النار والقصف المدفعي بين ميليشيات وعناصر أمنية تابعة لحكومة السراج يوم 4 ديسمبر الجاري، أمام المجلس الرئاسي تعبيرا عن الغضب من فشل الحكومة في توفير السلاح والعربات العسكرية والمؤن على الجبهة للدفاع عن الأحياء المحيطة بالعاصمة.

ويركز الجيش الذي أطلق معركة تحرير طرابلس في 4 أبريل/نيسان الماضي، على استنزاف الميليشيات التي تقاتل إلى جانب حكومة الوفاق، وهي استراتيجية تهدف إلى تجنيب المدنيين والعاصمة الخراب، في وقت عزز فيه تعزيزاته العسكرية الضخمة حول طرابلس لتطويقها في الوقت المناسب.

وقال المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة" الأحد إن القوات الجوية التابعة للجيش قصفت "بضربات دقيقة مواقع استراتيجية لتخزين أسلحة وذخائر تركية تابعة للميليشيات بمصراتة كانت مجهزة للإمداد العسكري لخطوط الجبهات".

وأضافت قوات الجيش أنه تم تنفيذ 3 ضربات جوية على مواقع للميليشيات في محور طريق المطار دعما لتقدمها.

وتمكن الجيش الليبي في الفترة الأخيرة من تدمير كميات هامة من الأسلحة التي أرسلتها تركيا دعما لحكومة السراج والميليشيات التي تقاتل معها إضافة إلى مواقع تخزين الطائرات المسيرة، ساعدت في شلّ القدرة القتالية للكتائب المسلحة والجماعات الإرهابية.

ويتوقع مراقبون للشأن الليبي قفز عدد من الميليشيات من سفينة حكومة السراج قبل غرقها كليا أمام عجزها عن مواصلة التصدي لقوات الجيش الليبي وعدم قدرتها على حشد الدعم الخارجي، خصوصا مع استعداد البرلمان لسحب الشرعية الدولية عنها وعن مجلسها الرئاسي.