
نائب أميركي يكشف رغبة الشرع في تطبيع العلاقات مع إسرائيل
دمشق – كشف نائب في الكونغرس الأميركي أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع أعرب عن رغبته في تطبيع العلاقات مع إسرائيل والانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، في خطوة مشروطة قد تمثل تحولاً جذريًا في الموقف السوري التقليدي من تل أبيب، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية.
وأفاد النائب الجمهوري مارلين شتوتسمان، الذي زار دمشق مؤخرًا، بأن الرئيس الشرع أبدى استعدادًا للانخراط في مسار تطبيعي يشمل علاقات مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن المطلب السوري الأساسي يتمثل في ضمان وحدة الأراضي السورية ووقف الهجمات الجوية الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، إضافة إلى إعادة طرح ملف الجولان المحتل على طاولة الحوار.
وفي مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، قال شتوتسمان إن الرئيس الشرع "لا يسعى إلى تقسيم سوريا، بل يطمح إلى الحفاظ على سيادتها الكاملة"، مضيفًا "الرئيس منفتح على السلام، ويريد إنهاء العزلة التي فرضت على بلاده بعد سنوات من الحرب والعقوبات".
الشرع منفتح على السلام، ويريد إنهاء العزلة
ويعتقد مراقبون أن المبادرة السورية – إن صحت – تهدف إلى تحقيق عدة مكاسب حيوية، أبرزها رفع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على دمشق منذ اندلاع الحرب السورية، ووقف الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية في الداخل السوري إضافة إلى دفع إسرائيل للانسحاب من المنطقة العازلة في الجنوب والتي تُعتبر منطقة نفوذ غير رسمي لتل أبيب قرب الجولان.
كما تسعى دمشق، بحسب بعض التحليلات، إلى فتح مسار تفاوضي حول مستقبل الجولان المحتل، وهي قضية لطالما شكلت حجر الزاوية في العداء الرسمي بين سوريا والدولة العبرية.
وفي تطور ميداني قد يكون مرتبطًا بهذه المساعي الدبلوماسية، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، أن السلطات السورية ألقت القبض على اثنين من كبار قادتها في سوريا، وهما خالد خالد، مسؤول الحركة في سوريا، وياسر الزفري، القيادي في اللجنة التنظيمية، دون تقديم تفسير رسمي من دمشق حول أسباب الاعتقال.
ووصفت الحركة الخطوة بأنها "مؤلمة"، داعية السلطات السورية إلى الإفراج عن الرجلين "دون تأخير"، مؤكدة أن العملية جرت "بطريقة لم تكن متوقعة من دولة شقيقة".
ولم تستبعد مصادر سورية مطلعة أن يكون اعتقال القياديين جزءًا من مقايضة سياسية تسعى من خلالها دمشق إلى بعث إشارات إيجابية إلى واشنطن وتل أبيب، في إطار مقاربة واقعية تسعى إلى تحسين علاقاتها مع الغرب وفتح قنوات تفاوض جديدة تضمن لسوريا استقرارًا سياسيًا ورفعًا للعزلة.
وارتبطت حركة الجهاد بعلاقات قوية مع النظام السوري السابق كما لها علاقات قوية مع إيران التي تعادي النظام السوري الجديد.

ويربط بعض المراقبين هذه التطورات بزيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى دمشق مؤخرًا، ولقائه بأحمد الشرع، في مؤشر على محاولة إعادة سوريا إلى المشهد الإقليمي بشكل متوازن يتجاوز محور إيران وحلفائها.
ويُعد تصريح شتوتسمان أول مؤشر علني على تغير في خطاب دمشق السياسي تجاه إسرائيل منذ عقود. ورغم أن الخطوة لا تزال في إطار التصريحات والتسريبات، إلا أن "الانفتاح السوري" المفترض يعكس إدراكًا عميقًا بحجم التحولات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة مع توسع الاتفاقيات الإبراهيمية ونجاح بعض الدول العربية في تحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية من التطبيع مع إسرائيل.
وفي حال ثبوت جدية هذا التوجه، فإن ذلك سيمثل أحد أكبر التحولات في السياسة الخارجية السورية منذ عهد حافظ الأسد، ويضع ملف تطبيع العلاقات في قلب توازنات إقليمية معقدة تشمل إيران وروسيا والولايات المتحدة.
وفي المقابل، لم يصدر أي رد رسمي من الحكومة الإسرائيلية بشأن ما نُقل عن الشرع، إلا أن محللين إسرائيليين أشاروا إلى أن انضمام سوريا إلى الاتفاقيات الإبراهيمية سيظل مشروطًا بمدى تخلص دمشق من النفوذ الإيراني، وضبط تحركات حزب الله. وكان المسؤولون الإسرائيليون وجهوا انتقادات لاذعة وتهديدات للرئيس السوري متهمين إياه بالإرهاب والتطرف.
كما يتوقع أن تطرح قضية الجولان تحديًا كبيرًا أمام أي تقارب محتمل، خاصة بعد قرار إدارة ترامب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية عليه، وهو موقف لم تتراجع عنه إدارة بايدن حتى الآن.