ناجي الثابتي يؤكد أن الفن تجريب ومغامرة

أعمال فنية متنوعة يجمع بينها هاجس الفنان ناجي الثابتي الملون بالبحث والابتكار.
مجالات فكرية وجمالية وتقنية تتزاوج وتتمازج داخل العمل الفني الواحد
متعة الفن وشفافيته ودهشته وهو يمنح الكائن الكثير من أسراره وسحر الدواخل والحالات

الفن هذه العوالم من أسئلة الذات المحفوفة بالحيرة والقلق حيث لا مجال لغير القول بالنشيد في ليل الأكوان والإعلاء من شأن التفاصيل والعناصر في ضروب من البحث والابتكار والتغاير قتلا للتنميط ولدرء القاتل في الانسان للملكات وممكنات الجمال.
الفن كقيمة جمالية والتلوين وعلى غرار سائر الإبداعات فسحة للحوار مع الذات والآخرين في كنف الابتكار وتثمين ما هو متيقظ في الكينونة. 
الفن التشكيلي كفعل دال في حياة الناس يصغي للايقاع وللأشياء بقوة. من هنا يمضي الفنان في رحلته بكثير من الحلم والبحث والقلق الجميل تجاه القماشة وغيرها فاتحا قلبه لا يلوي على غير المفردة التشكيلية والعبارة الجمالية تقوله وتكشف الحيز الكبير من شواسعه.
إنها متعة الفن وشفافيته ودهشته وهو يمنح الكائن الكثير من أسراره وسحر الدواخل والأعماق.
هكذا نلج تجربة مميزة عمل صاحبها على تخير نهجه التشكيلي لعقود وفق رؤيته العميقة التي تأخذ المسألة الفنية بكثير من الجدية لينحت من خلالها دربه الملون.
أعمال فنية متنوعة يجمع بينها هاجس الفنان ناجي الثابتي الملون بالبحث والابتكار. الأعمال انتظمها معرض شخصي بعنوان "تقنيات ممزوجة" بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون ضمن أنشطتها الثقافية للموسم الثقافي الجديد.
الفنان التشكيلي ناجي الثابتي نفذ إلى جوهر عمله الفني وصار يحاوره يسائل ممكناته الجمالية القصوى في ضروب من الانشغال المفعم بالتفكير قصد بناء حالة تشكيلية تستجيب لما يرنو اليه وهو الذي يرى "أن العمل الفني الحقيقي لا يدعو إلى مجرد التطلع إليه بل إلى التجوال داخله إلى استنطاقه، إلى التفكير فيه، إلى التفاعل معه، إلى …  تلك هي شواغل فنون التشكيل المعاصر ومقاصده. 

تجربة الفنان ناجي الثابتي مفتوحة على المزيد من البحث وفق رغباته التي تقول بالمغامرة الفنية والتجدد في مواجهة السكون والتنميط

على هذا الأساس لا يمكن للفعل الإبداعي أن يمارس بذهنية منتج الصور التزويقية أو كذلك بذهنية الحرفي الناسخ الذي يعيد نفسه دوما. فما قيمة التجربة الفنية إن لم تساهم في بناء معجم تشكيلي جديد والتفكير في أدوات جديدة لتقديم مشاريع فنية أو منجزات جمالية تواكب جميع التحولات وتستلهم منها، تتأثر بها وتؤثر فيها. من هذا المنطلق كان لا بد من الانخراط في مسار التجريب والبحث المستمر عن صياغات جديدة، عن أدوات لم نألفها عن خامات ومواد ومحامل وتقنيات و… من خارج المرسم الكلاسيكي مستمدة من المحيط البيئي والصناعي تعود أساسا إلى سجل الفنون الوظيفية (عجائن، فضلات صناعية متنوعة : خشبية مطاطية بلاستيكية (…يتم انتقاؤها وفقا لخصائصها البصرية والملمسية والجمالية مع استنطاق قدراتها التعبيرية والتقنية .. من جانب آخر وفيما كان كل مجال من هذه المجالات التعبيرية (رسم وحفر ونحت وخزف …) متمسك باستقلاليته عن البقية،  يُّبقي خصوصيته واضحة . يتجه المشروع الفني الإبداعي الذي انخرطت فيه لإلى كسر الحدود بين مختلف هذه التعبيرات الفنية والسماح لها بالتفاعل فيما بينها قصد تحرير الفعل الإبداعي من نواميس وقيود مكبلة والارتقاء به إلى أوسع مجالاته الفكرية والجمالية والتقنية، إذ يمكن لهذه الاجناس التعبيرية المذكورة أن تتزاوج وتتمازج داخل العمل الفني  الواحد، يفضي إلى توليفة جديدة تأخذ من الخصائص التشكيلية والجمالية لكل واحد منها في تفاعل محمود يؤسس لخطاب تشكيلي متفرد  . وهي رؤية ما زلت ماضيا في تأكيدها، حريصا على تعميقها أكثر فأكثر إذ بالإمكان بناء جسر بين الفن التشكيلي (بكل روافده) من جهة والتصميم  من جهة أخرى لما يتضمنه معجم التصميم من ثراء وتنوع في المواد والخامات والأدوات والتقنيات وكل ما تفرزه التكنولوجيا في هذا المجال، وهو ما يساعد على تطوير هذه التجربة الفنية ويعمل على تجددها...".
نعم هي لعبة الفن الباذخة تقصدا لمساحة جمالية تمنح شيئا من التآلف بين الأنواع الفنية تلغي ما يفصل بينها نحو شكل متعدد الأسلوب والتقنية. هي رؤية الفنان المغامر بجدية ووعي بعد بحث ومراكمة. الفن في إبداعيته التي تتخير المسالك الوعرة بعيدا عن النمطية في التعاطي والسهل العادي المألوف.
الثابتي من معرض إلى آخر يبرز هذا الجانب في البحث التقني ومنذ منتصف الثمانينيات حيث انطلاقته الفنية.
بين الأشكال الهندسية والأجساد وما يحيل على الحالات المتعددة بين التراثي التفاصيل يكمن هذا الذهاب الجمالي للثابتي وهو يحاور الذاكرة والزمن. تعج لوحته بالضجيج الذي هو منتوج جمع من الهيئات الجسمية فكأنه ينقل هذا القلق البشري الآن والهنا. زمن التعليب المعولم للمادة والحواس والعواطف.
محتشد من الحالات الدالة في مساحة اللوحة وبلا حدود فاصلة بين الرسم والحفر في تلوين مخصوص يمنح العمل الفني شحنة رمزية وتاريخية في حيز بين من راهن الحال.

فن تشكيلي
من أعمال الفنان ناجي الثابتي

مساحة من الشغل الفني في دأب من البحث والتجاوز حيث الأثر الفني في صياغة جديدة من الحفر والتلوين في مشهدية جمالية تحويها لوحات كبيرة الأحجام.
هذه جادة فنان مغامر سعى منذ بداياته إلى البحث والابتكار ليتخير تعدد التقنيات في العمل والوصل بين الطرائق للوصول إلى نتيجة فنية في غاية من التعبيرية والحرفية والجمال.
ناجي الثابتي فنان تشكيلي وأستاذ جامعي يدرس حاليا بالمدرسة العليا لعلوم وتكنولوجيات التصميم، وهو عضو عامل باتحاد الفنانين التشكيلين التونسيين وبالرابطة التونسية للفنون التشكيلية وكانت له مشاركات ومساهمات فنية مختلفة إلى جانب المعارض الجماعية والخاصة ومن ذلك المشاركة في العديد من المعارض بـ (فرنسا – بلجيكيا – مصر – اليمن – العربية السعودية…) والمساهمة في فعاليات الدورة السابعة لمهرجان المحرس الدولي 1994 وفي ترينالي مصر الدولي الرابع لفن الجرافيك 2003. وفي فعاليات البينالي المتوسطي الثالث للفنون التشكيلية بتونس 2004. وفي بينالي الإسكندرية المتوسطي الثالث والعشرين 2005. وفي  مهرجان اللوحة الصغيرة (المملكة العربية السعودية)  2007. وفي أيام قرطاج للفن المعاصر 2018. وفي بينالي تونس للفن العربي المعاصر 2019. كما أنه اقام تسعة معارض شخصيّة في الحفر والرسم والتقنيات الممزوجة. وفي الجوائز والتتويجات، فقد تحصل على الجائزة الأولى لوزارة البيئة في الفنون التشكيلية (2003) وعلى جائزة وزارة الثقافة في الفنون التشكيلية (2004). وعلى الجائزة الأولى في ثلاث مناسبات في مسابقة تصميم معلقات دعائية وعلى جائزة الرابطة التونسية للفنون التشكيلية (أبريل/نيسان 2018).
تجربة الفنان ناجي الثابتي مفتوحة على المزيد من البحث وفق رغباته التي تقول بالمغامرة الفنية والتجدد في مواجهة السكون والتنميط، وهو في كل ذلك يمضي بكثير من التوق نحو الجديد ومثلما يقول "... ان العمل الفني الحقيقي لا يدعو إلى مجرد التطلع إليه بل إلى التجوال داخله، إلى استنطاقه، إلى التفكير فيه، إلى التفاعل معه...".
نعم هو فنان يطلع من داخل لوحاته كشخوصه وحالاتهم الشتى وهو النافذ إلى عوالمهم في قاع اللوحة. في أعماق الحالة التشكيلية التي يقدمها في تعدد تجلياتها الفنية والجمالية والحسية.