ناشرو الإمارات: الحراك الثقافي بالدولة أحدث تناميا في النشر المحلي

محمد الحمامصي
تعزيزاً لاستدامة المعرفة وسعياً

أكد الناشرون الإماراتيون ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثامنة والعشرين، والذي يستمر لغاية 1 مايو/آيار 2018، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض في أبوظبي تنامي النشر المحلي كماً ونوعاً وإقبال الكتاب والكاتبات الإماراتيين على النشر في تلك الدور التي تنفتح على الساحة العربية من خلال توزيعها ومشاركتها في مختلف المعارض العربية والأجنبية.

ويشارك في المعرض أكثر من 100 دار نشر إماراتية تحتل أجنحتها مساحة كبيرة، ومع انطلاقة المعرض بزخم كبير شهد له جميع من حضروا يومه الافتتاحي الأول، كان للناشرين الإماراتيين آراء مشجعة وداعمة لمسيرة تطور معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وهو يدخل عامه الثامن والعشرين بجدارة المعارض العريقة التي تأسست على يد قادة كبار نظروا إلى مستقبل الثقافة بعين الرؤى والبصيرة البعيدة، واحتضنوا عملية ترسيخ ثقافة الكتاب والقراءة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ونعني هنا المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أكد أن الإمارات بحكمة قيادتها ورؤيتها المستقبلية البعيدة، تشهد جهداً مفصلياً في الارتقاء بصناعة النشر وترسيخ ثقافة الكتاب، عبر العديد من المبادرات التي ترعاها الجهات الحكومية وجمعيات النفع العام وكبريات المؤسسات الثقافية وجهات النشر الخاصة، والتي تتكلل بمعارض للكتب على مستوى الدولة في أبوظبي والشارقة ورأس الخيمة وصولاً إلى العين والظفرة، وهذا كله يدلّ على تخصصية واحترافية العاملين في مجال النشر الإماراتي كما في الناشرين ودور النشر نفسها.

وأضاف الصايغ: "إننا في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات نقدّم عبر معرض الكتاب أكثر من 170 عنواناً بينها 20 كتاباً جديداً لكتّاب إماراتيين نحرص على التعريف بمنجزهم الثقافي والإبداعي واحتضانه ليكون نموذج ريادة إماراتي إلى جانب النماذج الريادية العديدة التي تقدمها دولتنا الغالية في كل مجال".

ولفت إلى أن هناك تحوّلا لكثير من شعراء وأدباء إماراتيين من مجال التعبير الإبداعي والأدبي إلى مجال النشر والتأليف وصناعة الكتاب بما يدل على أنّ هذا المجال بات جاذباً وواعداً بالكثير من الإنجازات النوعية التي تصل بنا إلى ريادة الدول العربية الحاضنة للثقافة وصناعة الكتاب والتأليف والنشر".

أما هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المشاركة ضمن معرض أبوظبي الدولي للكتاب، والتي يقدّم جناحها أكثر من أربعين إصداراً ضمن مبادرة "رواق الأدب والكتاب"، فأشارت إلى أن المجموعة تسعى من خلال المبادرة إلى تحقيق مهمتها في إثراء الرؤية الثقافية لأبوظبي، عبر شراكاتها الثقافية الاستراتيجية، تعزيزاً لاستدامة المعرفة وسعياً لاحتضان الكتّاب ودعم المؤلفين والمبدعين وتحفيز صناعة الكتاب والنشر، انطلاقاً من إيمانها بأنّ العمل الثقافي التطوعي المشترك بين مؤسسات النفع العام يشكل رافداً أساسياً للعمل الحكومي الهادف إلى ترسيخ الاستدامة وتعزيز النهضة الثقافية والمعرفية للإمارات.

وقالت الخميس إن الرؤية الثقافية للمجموعة تأتي في الاحتفاء بالإبداع وتكريم التميز الثقافي والتعريف بمنجز الثقافة العربية وتقديرها، لتكتمل بالتعاون مع كل من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ودور النشر الإماراتية، حيث تتوحد الجهود وتصبّ القدرات والطاقات جميعها في صالح تحفيز الإبداع الأدبي العربي والإنتاج المعرفي في الإمارات".

وأكد د. راشد المزروعي، الباحث في التراث وصاحب دار التراث الشعبي أنّ النشر الإماراتي انتقل خلال السنوات الأخيرة من الكمية إلى النوعية، وتمثّل ذلك في الاتجاه إلى التخصصية في النشر والتأليف والبحث والتوثيق، بدلاً من الاتجاه إلى الإبداع النثري والشعري كمُخرج يكاد يكون وحيداً للتعبير الثقافي، وأوضح: "أنشأتُ دار التراث الشعبي بتخصص ومهنية عاليين، كونها أول دار نشر محلية تعنى بالتراث الشعبي، حيث لا نقوم فقط بنشر التراث عبر مطبوعات الدار، بل نبحث عن التراث ونقوم بتوثيقه ثم نقوم بنشره من خلال البحث الميداني، كما نجمع المفردات التراثية وعناصر التراث المعنوي سواء أكان شعراً شعبياً أو نثراً مثل الحكايات والأمثال الشعبية وغيرها".

وقال المزروعي "نحن نعمل لا كدار نشر بل كمركز بحوث تراثية، ونقوم بتقديم استشارات تراثية لغرض الاهتمام بالتراث الشعبي كمادة تخصص لا كثقافة عامة في الروايات والآداب، لأجل كل ذلك ركزنا عملنا على خدمة التراث المحلي".

ورأى أن المعرض يشهد منذ سنوات عديدة تنامياً في الكم والنوع مع بث روح جديدة من التكاتف المجتمعي عبر احتفالية عام زايد هذا العام ببركة حضور روحية زايد وإرثه وعشقه للتراث ووصيته الباقية دائماً في أن نحفظ تراثنا لأنه هويتنا وعلامة وجودنا، كما بفضل جهود دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، التي بذلت دورا ومجهودا كبيرين في مستوى خدمة العارضين وجعلهم يشاركون بروح جديدة، بتصاميم جديدة وفريدة، بإصدارات وكتب جديدة تحمل أفكاراً جديدة".

واتفق الباحث محمد نور الدين، من دار نبطي للنشر حول ما سبق من آراء، إذ قال "إنّ معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعكس الرؤية الحكيمة لقيادة الإمارات الرشيدة في بناء الإنسان وتحصين ثقافته وهويته، وهذا ما أسس له الراحل المؤسس الشيخ زايد، منذ افتتاحه معرض الكتاب الإسلامي في أبوظبي على نفقته الخاصة في العام 1981، حتى بات المعرض صرحاً ثقافياً راسخاً في مشهد الثقافة العربية، وبخاصة لجهة كونه منبراً محفزاً للنشر الإماراتي الذي يشهد تنامياً كبيراً في السنوات الأخيرة كماً ونوعاً".

وكشف خالد العيسى، صاحب دار هماليل عن إعجابه الشديد بما يشهده المعرض من نمو وتطوير، مؤكدا "أنّ المعرض يحمل ميزات فريدة في دورته الثامنة والعشرين فهو صرح الاحتفاء بإرث زايد، في عام زايد 2018، وبهذا نرى المعرض قد بات يليق فعلاً بما أراده لنا الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فالمعرض متميز بترتيبه ومستوى التنسيق إضافةً إلى توفير الخدمات للعارضين بشكل أكمل وأفضل، كما إننا نرى ذلك الارتياح والإقبال الشغوف في عيون الحضور في اليوم الأول الذي شهد إقبالاً جيداً مع أننا نظل على طموحنا أن تحمل الأيام القادمة مزيداً من الأعداد الغفيرة من محبي الحرف وعشاق الكتاب".

وأضاف العيسى "لا بدّ لنا من أن نشيد بدور الناشرين الذين أسهم معرض أبوظبي الدولي للكتاب في خلق فرص الشراكات المحلية والعالمية أمامهم، فقد قمنا في دار هماليل، على سبيل المثال، بالتعاون مع مبادرة ألف عنوان وعنوان، ومبادرة رواق الأدب والكتاب، هذه المبادرات مكّنت دور النشر من تقديم كتب لم يكن بإمكانها تقديمها، كذلك قدّمنا ضمن مُخرجات استضافة معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورة العام الماضي، للصين الدولة ضيف شرف المعرض 2017، كتباً مترجمةً فاقت العشرين كتاباً مترجماً عبر الشراكات التي عقدناها مع الجانب الصيني".

يذكر أنه وفي إطار الشراكة الإماراتية الصينية نفسها، والتي كان لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب الدور الكبير في انعقادها، العام الماضي، قام الإماراتي عبدالله الكعبي بتأسيس دار نشر جديدة أسماها "دراغون" قامت بناءً على الشراكة التي وقّعها الكعبي ضمن معرض العام السابق بإصدار أكثر من مائة كتاب مترجم تم الاحتفاء بها في الركن الصيني هذا العام في جناح شاندو وغيرها ضمن فعاليات الدورة الثامنة والعشرين، بمجموع أكثر مئتين وثمانين كتابا عربيا.