نبيه بري يثير الشكوك في خطة الإنقاذ الموعودة

على وقع المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن في محيط البرلمان، بري يعلن عن حاجة لبنان الى مساعدة من صندوق النقد الدولي لكن دون الخضوع لشروطه.

بيروت - قالت صحيفة النهار الثلاثاء إن نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني يرى أن لبنان بحاجة إلى مساعدة فنية من صندوق النقد الدولي لصياغة خطة إنقاذ اقتصادي وأن البت في سداد سندات دولية تستحق في مارس/آذار ينبغي أن يستند لمشورة الصندوق.
ونقلت النهار عن شخصيات زارت بري إنه يرى أيضا أن لبنان لا يستطيع أن "يسلم أمره" لصندوق النقد نظرا "لعجزه عن تحمل شروطه".
واندلعت صباح الثلاثاء مواجهات بين القوى الأمنية ومتظاهرين تجمعوا في شوارع مؤدية إلى مقر البرلمان في وسط بيروت احتجاجاً على جلسة نيابية من المفترض عقدها لمناقشة البيان الوزاري للحكومة تمهيداً لمنحها الثقة.
ويحاول المتظاهرون عرقلة وصول النواب إلى مقر المجلس النيابي منعاً لإنعقاده إنطلاقاً من رفضهم منح الثقة للحكومة برئاسة حسان دياب، التي يرون إنها لا تحقق مطالب رفعوها منذ أشهر بتشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين تماماً عن الأحزاب السياسية التقليدية.
وينوء لبنان بأحد أكبر أعباء الدين في العالم ويعاني من أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة قادت البنوك لفرض قيود غير رسمية على حركة رؤوس الأموال لمنع نزوحها في حين فقدت العملة نحو ثلث قيمتها.
وبري من أكثر الشخصيات نفوذا في البلاد واختارت حركة أمل التي ينتمي إليها عددا من الوزراء في حكومة رئيس الوزراء حسان دياب الذي تولى منصبه الشهر الماضي، ومن بينهم وزير المالية.

بري: لا يمكن ان نسلم امرنا لصندوق النقد
بري: لا يمكن ان نسلم امرنا لصندوق النقد

وقال بري إن لبنان ينبغي أن يستغل الفترة المتبقية قبل استحقاق الدين في التاسع من مارس/آذار لتوجيه رسالة للخارج "لعلها إلى الأميركيين تحديدا" مفادها أن لبنان يحتاج إلى الاستعانة بالصندوق من أجل تقديم مساعدة فنية من خلال خطة إنقاذ.
وقال "لا ‏يزال متاحا أمام لبنان خلال الأسبوعين المقبلين وقبل نهاية الشهر الجاري للاستفادة من هذا الإجراء على قاعدة أ‏ن يتمكن لبنان من صياغة موقفه من استحقاق (السندات الدولية) -بدفع التزاماته أو عدم دفعها- بناء على ما ينصحه به ‏صندوق النقد".
ولكنه أضاف أن الشعب اللبناني لن يطيق شروط الصندوق، مضيفا أن لبنان ليس اليونان أو الأرجنتين - وهما دولتان عانتا من أزمات مالية أيضا.
وفرضت القوى الأمنية والجيش الثلاثاء طوقاً أمنياً في محيط مقر البرلمان، وتم إغلاق طرق عدة بالحواجز الاسمنتية الضخمة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مبنى المجلس النيابي.
ومنذ الصباح، تجمع المتظاهرون عند شوارع عدة مؤدية إلى مجلس النواب، واندلعت في أحد الطرق مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية التي رشقوها بالحجارة، فيما ردت باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع.
وفي شارع آخر، جلس متظاهرون على الأرض لقطع طريق من الممكن أن يسلكها النواب، إلا أن عناصر الجيش حاولوا منعهم، ما أدى إلى حصول تدافع بين الطرفين. وقال متظاهرون لوسائل اعلام محلية إنهم تعرضوا للضرب على يد عناصر الجيش.
وقال الجيش في تغريدة إن "أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة يشوه المطالب ولا يحققها ولا يندرج في خانة التعبير عن الرأي".

أنا هنا لأقول لا ثقة بهذه الحكومة، لأن الطريقة التي تشكلت بها لا تجعلنا نثق بها

وفي وسط بيروت، قالت كارول مفضلة عدم ذكر اسمها الكامل، لوكالة الصحافة الفرنسية "أنا هنا لأقول لا ثقة بهذه الحكومة، لأن الطريقة التي تشكلت بها لا تجعلنا نثق بها"، مضيفة "لا يمكن للبلد أن يكمل بذات الطريقة".
وبرغم انتشار المتظاهرين في محيط المجلس، نجح عدد من النواب في الوصول إلى مقر البرلمان. ووصل عدد منهم باكراً حتى قبل بدء التظاهرات، وفق وسائل اعلام محلية.
وأثناء محاولة أحد الوزراء الوصول إلى المنطقة، وقف متظاهرون أمام السيارة ورشقوها بالبيض، وصرخ أحدهم "استقيل! استقيل!". إلا أن القوى الأمنية أبعدت المتظاهرين بالقوة، وفتحت الأسلاك الشائكة أمام السيارة لدخولها.
وشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يتهمها اللبنانيون بالفشل في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، تراجعت وتيرتها بعد تشكيل دياب لحكومته.
وشكل دياب الحكومة الشهر الماضي من 20 وزيراً غير معروفين بغالبيتهم ومن الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات. وقد تمّ اختيارهم بغرض تجنب أسماء قد يعتبرها المتظاهرون استفزازية.
إلا أن متظاهرين، يحتجون منذ أشهر ضد الطبقة السياسية كاملة، يرون أن الحكومة الجديدة ليست سوى واجهة لفريق سياسي واحد، من حزب الله وحلفائه، والوزراء الجدد لا يمثلون سوى الأحزاب التي سمتهم.