نتنياهو يسعى بلا كلل إلى جرّ ترامب إلى الحرب ضد إيران
القدس - يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بلا كلل إلى جر الرئيس دونالد ترامب إلى الحرب على إيران وتبديد التردد لدى الرأي العام الأميركي حيال جدوى المشاركة في الضربات.
وفي اتصالاته اليومية وتصريحاته العلنية، يمزج أطول رؤساء وزراء إسرائيل عمرا في الحكم بين المديح والاحترام للرئيس الأميركي، ويحرص على التأكيد في الوقت نفسه على أن الضربات على إيران تصب في مصلحة الأميركيين.
وتساءل نتانياهو خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأحد الماضي "هل تريدون أن يمتلك هؤلاء أسلحة نووية والوسائل اللازمة لإيصالها إليكم؟".
وقال لشبكة "إيه بي سي نيوز" في اليوم التالي "اليوم، تل أبيب. وغدا نيويورك"، متحدثا عن سعي إيران إلى تطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى السواحل الأميركية في المستقبل.
وجاءت حملته الإعلامية الواسعة بعد محادثات مكثفة بين نتانياهو وترامب لم يكن الانسجام سيد الموقف فيها باستمرار هذا العام، إذ استُقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي مرتين في البيت الأبيض منذ عودة الرئيس الجمهوري إلى السلطة في يناير/كانون الثاني.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلا عن مصادر في الإدارة الأميركية لم تُسمها، الثلاثاء بأن نتانياهو طلب من ترامب في اجتماع بينهما في أبريل/نيسان قنابل خارقة للتحصينات أميركية الصنع قادرة على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، لكن طلبه قوبل بالرفض.
وبعد انتخابه بفضل معارضته التدخلات الأميركية في الخارج ومواجهته "دعاة الحرب" المفترضين في الحزب الديموقراطي، بدا ترامب مترددا في زج واشنطن في حرب أخرى في الشرق الأوسط لا تحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام.
ويُعارض جزء كبير من تحالفه اليميني "مايك أميركا غرايت أغاين" (لنجعل أميركا عظيمة مجددا)، المعروف اختصارا بـ"ماغا"، بشدة التدخل الأميركي، بمن فيهم نائب الرئيس جاي دي فانس ورئيسة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد وشخصيات إعلامية مؤثرة مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون.
لكن قطب العقارات السابق قال بوضوح الأربعاء إنه يفكر في الانضمام إلى الحملة الإسرائيلية مباشرة، ما أثار احتمال استخدام قنابل "جي بي يو-57" الخارقة للتحصينات ضد محطة فوردو، أبرز منشأة لتخزين اليورانيوم تحت الأرض في إيران.
لا تفكروا باللجوء إلينا لإنهاء هذه الحرب
وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض عندما سُئل عما إذا كان قد قرر شن ضربات جوية أميركية "قد أفعل ذلك وقد لا أفعل" وأوضح الخميس أنه سيتخذ قراره النهائي في هذا الشأن "خلال الأسبوعين المقبلين".
ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث بلندن يوسي ميكلبيرغ إن نتانياهو كان بارعا في تعامله مع ترامب، إذ استغل "كبرياءه" وأجاد في الوقت نفسه اللعب على "نقاط ضعفه".
ويوضح أنه بعد أن تلقى "ضوءا برتقاليا" من الرئيس الأميركي سرا لشن الهجمات الجمعة الماضي، كان نتانياهو "يعرف شخصية ترامب، وكان يعلم أنه قد ينضم إلى صفوفه إذا ما سنحت له فرصة إعلان النصر بطريقة ما أو ادعاء نوع من الفضل".
وأشاد ترامب علنا بنجاح الحملة العسكرية الإسرائيلية التي جمعت بين اغتيالات محددة الأهداف لعسكريين بارزين، وتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وشن ضربات متكررة على مواقع نووية.
ومع ذلك، يحذر إليوت أ. كوهين، وهو مستشار سابق مخضرم في وزارة الخارجية الأميركية وخبير بالعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز بواشنطن، من المبالغة في تقدير نفوذ نتانياهو الشخصي.
ويقول "أعتقد أن الأمر لا يتعلق بنفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بقدر ما يرتبط برؤية ترامب للبرنامج النووي الإيراني، وذكرياته عن مؤامرة لاغتياله دبرها عملاء إيرانيون عام 2024، ونجاح العمليات الإسرائيلية الأولية".
وكانت وُجّهت اتهامات لرجل إيراني بالوقوف وراء مخطط مفترض لمحاولة اغتيال ترامب قبل انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويوضح كوهين أن ضغط نتانياهو قد ينجح لأسباب عدة.
ويقول "إنهم لا يطلبون شيئا سوى قصف فوردو"، في إشارة إلى منشأة تخصيب اليورانيوم الواقعة تحت الأرض، و"لا أحد يتحدث عن غزو أو أي شيء من هذا القبيل".
ويضيف "يدرك الكثير من الأميركيين، إن لم يكن معظمهم، أن إيران النووية خطرة للغاية، وأن النظام الإيراني معادٍ بشدة للولايات المتحدة".
وأظهر استطلاع رأي أجرته مجموعة "يوغوف" المتخصصة في الاستطلاعات لصالح مجلة "ذي إيكونوميست" نهاية الأسبوع الماضي أن نصف الأميركيين يعتبرون إيران "عدوا" لبلدهم، بينما يصفها ربع آخر بأنها "غير ودية".
لكن الاستطلاع خلص إلى أن 16 بالمئة فقط من الأميركيين "يعتقدون أن على الجيش الأميركي التدخل في الصراع بين إسرائيل وإيران"، فيما بيّنت النتائج أن أغلبية الديموقراطيين (65 بالمئة) والمستقلين (61 بالمئة) والجمهوريين (53 بالمئة) يعارضون التدخل العسكري.
وفي حديثه عبر بودكاست War Room ("غرفة الحرب") الأربعاء، عبّر بانون، الخبير الاستراتيجي السابق لترامب، عن غضبه الشديد من نتانياهو الذي قدّم "مواعظ" لأميركا وبدأ حربا لا يستطيع إنهاءها بمفرده، قائلا "لا تفكروا باللجوء إلينا لإنهاء هذه الحرب".