نتنياهو يعلن بدء المرحلة الثانية من الحرب على غزة
القدس - شنت القوات الإسرائيلية عمليات برية ضد حركة حماس في غزة الأحد، وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمرحلة الثانية من الحرب المستمرة منذ ثلاثة أسابيع، بينما طالب الجيش السكان بالتوجه جنوبا "لتلقي المساعدات" مع عودة تدريجية للاتصالات المقطوعة منذ الجمعة في القطاع المحاصر.
وزاد الجيش الإسرائيلي عديد قواته التي تقاتل داخل قطاع غزة، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه الأحد مع تصعيد إسرائيل الحرب مع حركة حماس.
وقال الجنرال دانيال هغاري خلال إحاطة تلفزيونية "قمنا خلال الليل بزيادة دخول قوات (الجيش الإسرائيلي) إلى غزة وانضمت إلى القوات التي تقاتل هناك".
وواجه سكان غزة المحاصرون انقطاعا شبه كامل للاتصالات والإنترنت مع قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بإلقاء قنابل ودخول قواتها ومدرعاتها إلى القطاع الذي تحكمه حماس، مع إشارة قادة الجيش الإسرائيلي إلى أنهم يستعدون لهجوم بري موسع.
وذكرت "نت بلوكس" عبر منصة "أكس" أن "بيانات الشبكة في الوقت الحقيقي تظهر أن الاتصال بالإنترنت يعود" تدريجيا في قطاع غزة. كما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية في وقت مبكر الأحد، إن اتصالات الهاتف والإنترنت تعود بالتدريج إلى قطاع غزة.
وفي حديثه في مؤتمر صحفي في تل أبيب السبت، نبه نتنياهو الإسرائيليين إلى توقع حملة "طويلة وصعبة"، لكنه لم يصل إلى حد وصف التوغلات الحالية بأنها اجتياح. وقال مسؤولون أميركيون إن بعض مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن نصحوا نظراءهم الإسرائيليين بتأجيل شن هجوم فوري شامل.
ومع أن العمليات البرية الأولية تبدو محدودة في الوقت الحالي، تعهد نتنياهو بعدم ادخار أي جهد لتحرير أكثر من 200 رهينة، منهم أميركيون وأجانب آخرون، تحتجزهم حماس. وقال للصحفيين "هذه هي المرحلة الثانية من الحرب التي أهدافها واضحة وهي تدمير قدرات حماس الحاكمة والعسكرية وإعادة الرهائن". وأضاف "نحن فقط في البداية. سوف ندمر العدو فوق الأرض وتحتها".
ومع تحول العديد من المباني إلى أنقاض وصعوبة العثور على مأوى، يعاني سكان غزة من نقص الغذاء والماء والوقود والأدوية. وتفاقمت محنتهم منذ ليلة الجمعة عندما انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت، وأعقب ذلك قصف عنيف طوال الليل. واستمر انقطاع الاتصالات حتى الأحد.
وعرض الملياردير إيلون ماسك شبكة تشغيل خدمة ستارلينك للاتصالات عبر الأقمار الصناعية التابعة لشركته سبيس إكس في غزة "لمنظمات الإغاثة المعترف بها دوليا". وردت إسرائيل بأنها ستعارض هذه الخطوة قائلة إن حماس "ستستخدمها في أنشطة إرهابية".
ورفض كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين القول ما إذا كانت إسرائيل تقف وراء انقطاع الاتصالات في غزة، لكنه قال إنها ستفعل ما يلزم لحماية قواتها. وقال الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل أرسلت قوات ودبابات إلى غزة مساء الجمعة، مع التركيز على البنية التحتية بما في ذلك شبكة الأنفاق الواسعة التي بنتها حماس. ولم يقدم تفاصيل عن حجم الانتشار.
وأفاد أحد الصحفيين في غزة، الذي قضى ليلة مرعبة على سلم أحد المباني بينما كانت القنابل تسقط وتتبادل القوات الإسرائيلية على ما يبدو إطلاق النار مع المقاتلين الفلسطينيين "كان الله في عون أي شخص تحت الأنقاض".
ويدعو الجيش الإسرائيلي سكان شمال القطاع حيث تتركز عمليات القصف الكثيفة، إلى الانتقال جنوبا منذ 15 تشرين الأول/أكتوبر. إلا أن الضربات تستمر باستهداف الجنوب أيضا إلى حيث انتقل مئات آلاف السكان المدنيين قرب الحدود المقفلة مع مصر. وقد عاد آلاف من الفلسطينيين باتجاه الشمال لعدم توافر مساكن ومساعدات في الجنوب على ما أفادت الأمم المتحدة.
لكنه جدد الأحد مطالبته للسكان التوجّه نحو الجنوب، قائلا إنّ الجهود الإنسانية في تلك المنطقة من القطاع المحاصر "ستتوسّع". وذكر عبر منصة إكس (تويتر سابقا) "يجب على المدنيين في شمال غزة وفي مدينة غزة أن ينتقلوا موقتا إلى جنوب وادي غزة، نحو منطقة أكثر أمانا حيث سيكون بإمكانهم الحصول على مياه وغذاء ودواء. و (الأحد)، ستتوسع الجهود الإنسانية...بقيادة مصر والولايات المتحدة".
والتقى نتنياهو بعائلات الرهائن السبت، قائلا إن الاتصالات لتأمين إطلاق سراحهم ستستمر حتى أثناء الهجوم البري وإن الضغط العسكري على حماس قد يساعد في إعادتهم. ولم يذكر تفاصيل.
وأفاد مصدر مطلع على المحادثات إن المفاوضات بوساطة قطرية بين إسرائيل وحماس استمرت ولكن بوتيرة أبطأ بكثير مما كانت عليه قبل التصعيد الذي وقع يوم الجمعة في غزة. وقالت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس إن مقاتليها اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية في شمال شرق ووسط غزة. وأضافت أن "كتائب القسام وكل قوى المقاومة الفلسطينية بكامل جهوزيتها تتصدى بكل قوة للعدوان وتحبط التوغلات".
وحثت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إسرائيل على الامتناع عن شن هجوم بري كبير خوفا من سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين واتساع نطاق الصراع، فضلا عن منح مزيد من الوقت للمفاوضات بشأن الرهائن. لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن الأمر متروك لإسرائيل لاتخاذ قراراتها بنفسها.
ووسط مخاوف من أن تتحول الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي، قال وزير الدفاع يوآف جالانت للصحفيين إن إسرائيل ليس لديها مصلحة في توسيع القتال إلى ما هو أبعد من غزة لكنها مستعدة على جميع الجبهات.
والجمعة، دخل فريق من الصليب الأحمر قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على القطاع المحاصر. وأكدت متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها المرة الأولى التي يدخل فيها فريق من اللجنة قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر.
وناشدت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت، العالم التحرك لوقف "المستوى الذي لا يطاق من المعاناة الإنسانية" في قطاع غزة.
وقالت ميريانا سبولياريتش "هذا إخفاق كارثي يجب على العالم ألا يتسامح معه"، في وقت أعلنت إسرائيل أن حربها على غزة "دخلت مرحلة جديدة" وكثفت قصفها للقطاع.
وأضافت سبولياريتش "لقد صدمتُ من المستوى الذي لا يطاق من المعاناة الإنسانية، وأحض أطراف النزاع على وقف التصعيد الآن"، مشددة على أن "الخسارة المأساوية لأرواح الكثير من المدنيين أمر مؤسف".
وتابعت "من غير المقبول ألا يكون لدى المدنيين مكان آمن للجوء إليه في غزة وسط القصف المكثف. وفي ظل الحصار العسكري القائم، لا توجد أيضا استجابة إنسانية كافية ممكنة حاليا".
وكانت سبولياريتش تتحدث بعد ساعات على انتقاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشدة "التصعيد غير المسبوق" للقصف على غزة ودعوته إلى وقف "فوري" لإطلاق النار. قائلا إن "كارثة إنسانية تتكشف أمام أعيننا". وذكر دبلوماسيون أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعتزم الاجتماع الاثنين لبحث الأزمة بين إسرائيل وغزة.
وتجمع وكالات الأمم المتحدة على تدهور الأوضاع في قطاع غزة، ودخلت مساعدات محدودة قطاع غزة عبر رفح خلال الأيام الماضية. بعد أن أحكمت إسرائيل الحصار البري والجوي والبحري الذي تفرضه على القطاع منذ 16 عاما، مانعة عنه الماء والكهرباء والمواد الغذائية منذ التاسع من أكتوبر.
ومنذ 21 تشرين الأول/أكتوبر، دخلت 84 شاحنة محملة مساعدات إنسانية من مصر إلى غزة، حسب الأمم المتحدة، في حين أن هناك حاجة إلى مئة شاحنة على الأقل يوميا، وفق المنظمات الأممية.
ويحتاج سكان قطاع غزة إلى الماء والغذاء وهم محرومون من الكهرباء والوقود أيضا مع الحصار المطبق الذي فرضته إسرائيل عقب تسلل مسلحين من حركة حماس في السابع من أكتوبر إلى عدد من البلدات الإسرائيلية فقتلوا مدنيين وأخذوا رهائن قبل أن يتواجهوا مع القوات الإسرائيلية.
وارتفعت حصيلة القصف الإسرائيلي في قطاع غزة إلى أكثر من 8 آلاف قتيل، وفق ما ذكرته وزارة الصحة في القطاع التابعة لحركة حماس، ليل السبت الأحد، في حين أكد دبلوماسيون أن مجلس الأمن قرر عقد اجتماع الاثنين، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن حصيلة القتلى "تجاوزت 8 آلاف، نصفهم من الأطفال". وكانت آخر حصيلة للقصف الإسرائيلي المستمر على القطاع قد بلغت 7703 قتلى، بحسب الوزارة.
وتؤيد الدول الغربية بشكل عام ما تقول إنه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ولكن هناك غضبا دوليا متصاعدا بسبب عدد ضحايا القصف، فيما تتزايد الدعوات إلى "هدنة إنسانية" للسماح بوصول المساعدات إلى المدنيين في غزة وتخفيف الأزمة الإنسانية.
وتظاهر مئات الآلاف في مدن في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، السبت، لإظهار الدعم للفلسطينيين بعد أن وسع الجيش الإسرائيلي قصفه الجوي وهجومه البري على قطاع غزة.
وفي إحدى أكبر المسيرات، والتي خرجت في لندن، أظهرت لقطات جوية حشودا كبيرة تسير في وسط العاصمة لمطالبة حكومة رئيس الوزراء، ريشي سوناك، بالدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وفي أنحاء أخرى من أوروبا، نزل الناس إلى شوارع العاصمة الدنماركية، كوبنهاغن، والعاصمة الإيطالية، روما، والعاصمة السويدية، ستوكهولم.
وحظرت بعض المدن الفرنسية خروج الاحتجاجات منذ بدء الحرب مخافة أن تؤجج التوتر الاجتماعي. لكن وعلى الرغم من سريان حظر في باريس، نُظمت مسيرة صغيرة السبت. وخرج عدة مئات من الأشخاص أيضا في مدينة مارسيليا بجنوب فرنسا.
ومنعت قوة كبيرة من الشرطة موكب المتظاهرين من السير من ساحة دو شاتليه في وسط العاصمة الفرنسية.
وهتف المتظاهرون "غزة، غزة، باريس معك" و"إنها الإنسانية التي تُقتل، أطفال غزة، أطفال فلسطين" و"إسرائيل قاتلة (الرئيس إيمانويل) ماكرون متواطئ معها".
ومن بين المتظاهرين نواب توشحوا بكوفيات ورفعوا أعلاما فلسطينية، ومن بينهم النائب عن الخُضر، أوريليان تاتشي، والنائب عن حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي، جيروم لوغافر.
وفي العاصمة النيوزيلندية، ولنغتون، توجه الآلاف في مسيرة إلى مقر البرلمان وهم يحملون الأعلام الفلسطينية ولافتات مكتوب عليها "الحرية لفلسطين".
وتقول إسرائيل إن 1400 شخص، معظمهم مدنيون، قتلوا خلال الهجوم الذي نفذته حركة حماس في السابع من الشهر الجاري، وتم أخذ أكثر من 200 شخص كرهائن لدى العديد منهم جوازات سفر أجنبية من 25 دولة مختلفة.