نحات عراقي يحيي اللغة المسمارية بأسلوب عصري

الفنان الشاب صفاء الدين المشهداني يمزج بين الحضارة والحاضر في تذكارات وميداليات وقطع اكسسوارات يكتب عليها بحروف سبقت ظهور الأبجدية منذ 1500 سنة.

الموصل (العراق) - يعرض النحات العراقي الشاب صفاء الدين المشهداني منذ بداية شهر يناير/كانون الثاني الجاري ألواحا وأقراصا وميداليات وقطع اكسسوارات مختلفة يحيي فيها حروف الكتابة المسمارية القديمة.
 وكانت الحياة توقفت تقريبا بالنسبة للمشهداني أثناء حكم تنظيم الدولة الإسلامية لمدينة الموصل، حيث تعطلت دراسته الجامعية في كلية الآثار وتوقفت أعماله الفنية.
وخلال تلك الفترة كان المشهداني يختبئ في قبو منزل جده ليحول الطين إلى قطع فنية معقدة بأسلوب الكتابة المسمارية القديم مخاطرا بحياته لو كُشف أمره تحت حكم المتشددين الإسلاميين الذين يعتبرون العمل الفني نوعا من الزندقة.
وأوضح المشهداني ذلك قائلا "قبل ما تيجي القوات الأمنية وتحررنا، كنت أخلي الأغراض مالتي اللي سويتها بالمعرض وما قبله وهي أغراض تقريبا شبه آثارية، لأن هي تحتوي على الخط المسماري. وهذا الشيء عند الدواعش يعني من المحرمات أو تعتبر أوثان أو أصنام من هذا القبيل. من هنا يعني مو بشكل يومي لكن يعني بالأسبوع عدة مرات آجي أشتغل هنا بهاي المكان هنا، والعدة والأعمال أشتغل بها والطين".
وإبان ذلك اعتاد المشهداني أن يبيع ميداليات مكتوب عليها بأحرف عربية ليتمكن من تدبير أموره وكسب رزقه.
وبعد عام على هزيمة الدولة الإسلامية، تمكن المشهداني أخيرا من الخروج للنور. ويرى الآن أن نقل أسلوب الكتابة القديم إلى الشارع أمر ضروري لإحياء تلك الكتابة.
ويكسب النحات الشاب ما يقرب من 250 دولارا في الشهر. ويتراوح سعر كل قطعة يبيعها حاليا بين أربعة آلاف و 35 ألف دينار عراقي (ما بين 3.5 و 29 دولار).
ويرغب حاليا في إكمال دراسته العليا في جامعة الموصل لكن الأعباء المالية تحول بينه وبين ذلك.

وعن دراسته وشغفه ووضعه قال صفاء الدين المشهداني، خريج كلية الآثار "كلية الآثار هي تعنى بالنصوص المسمارية وخاصة قسمي، هو قسم الكتابة على ألواح الطين. فمن خلال ما كتبت على ألواح الطين بالكلية وخلال المعارض اللي عملناها في الكلية. أجت في بالي فكرة أعمل شيء مقارب للحضارة والحاضر، يعني أمزج بين الاثنين، إنه تعمل أشياء ميداليات أو قلائد أو قطع منضدية أو نصوص صغيرة مقلدة شبيهة بالقطع اللي كانوا يكتبوها أجدادنا العراقيون القدماء".
وأضاف "من المؤسف جدا إنه الطالب من يتخرج من الكلية من الصعوبة أن يلاقي تعيين. لكن ما توقفت ولا انتظرت أن أتعين فعملت باختصاصي، كون اختصاصي نادر، فعملت به وطبقته بالشارع وأيضا صار مصدر رزقي، لأن التعيين صعب جدا بالعراق".
وقال شاب من سكان الموصل يدعى إبراهيم عبدالله "عندي مشروع الكتابة المسمارية، يعني صح نحن عراقيون لكن لا نعرف ما هي الكتابة المسمارية. تفاجئنا أن صفاء يكتب بالخط المسماري فيحول هذا كلامنا إلى لغة مسمارية. فالموضوع كان جدا جميل. أول ما طلبت منه اسمي فقلت أكتب لي اسمي فكتبه بحروف ما نعرفها، سألناه: شنو هاي الحروف؟. قال: هاي حروف حضارتنا اللي عمرها أكثر من سبع آلاف سنة، الحروف السومرية والآشورية".
وفي عام 2017 استعادت القوات العراقية، مدعومة من تحالف بقيادة الولايات المتحدة، مدينة الموصل بعد ثمانية أشهر من حرب ضروس، مما يشير إلى انهيار دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم المتشدد.
والكتابة المسمارية واحدة من أوائل أساليب الكتابة في بلاد ما بين النهرين القديمة.