ندوة فكرية تضيء على 'الثقافة في الكويت قبل النفط'
الكويت - استحضر أكاديميون ومفكرون مشاركون في أعمال ندوة فكرية بعنوان "الثقافة في الكويت قبل النفط" ملامح من الثقافة الكويتية في تلك الحقبة، مؤكدين أن الإرث الثقافي يشكل مسؤولية تجاه الحاضر والمستقبل و"أن الوعي بجذورنا الثقافية هو أحد أهم عناصر التنمية الثقافية المستدامة".
وتقام الندوة التي تسلط الضوء على الجذور التاريخية للكويت في مرحلة ما قبل اكتشاف النفط ضمن احتفالية "الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي 2025"، وتستمر يومين، وتتناول عدة محاور تشمل التاريخ الثقافي والدور الاجتماعي والاقتصاد والتعليم والهوية وغيرها، ويصاحبها معرض مصغر للحرف اليدوية التقليدية لفترة ما قبل النفط مثل حرفة السدو وحرفة القلاف (صناعة السفن) وركن للمطبوعات الدورية، وسيصدر عنها لاحقا كتاب توثيقي.
وتأتي الندوة في إطار اهتمام المجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب بتوثيق وتحليل ملامح الهوية الثقافية الكويتية عبر محطاتها التاريخية المختلفة، وذلك بمشاركة مفكرين وأكاديميين من الكويت، والسعودية، والبحرين، ومصر.
ويستعرض المشاركون أوراقهم البحثية من خلال ست جلسات، ثلاث جلسات منها انعقدت الأحد، في ما تقام الاثنين ثلاث جلسات أخرى، وتتناول محاور متكاملة تشمل التاريخ الثقافي والدور الاجتماعي والاقتصاد والتعليم والهوية، وغيرها من العوامل التي شكلت ثقافة الكويت قبل التحول الاقتصادي الكبير الذي تزامن مع ظهور النفط.
وتضمنت الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور خالد الجسار، أمين عام المجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب، مناقشة ثلاث أوراق بحثية: الورقة الأولى بعنوان "الجذور الثقافية في الكويت"، والثانية بعنوان "المشهد الثقافي في الكويت قبل النفط"، والثالثة بعنوان "الواقع الاقتصادي والثقافة".
وأوضح الجسار، في كلمته، أن احتفال الكويت هذا العام بلقب عاصمة الثقافة العربية، يعكس الدور الريادي لها في المشهد الثقافي العربي، وأن اختيار موضوع الندوة ينبع من الإيمان الراسخ بأن فهم الحاضر الثقافي لا يتم إلا بالعودة إلى جذوره الأصيلة.
ولفت إلى أن الثقافة هي الضامن الحقيقي لاستمرارية التنمية المستدامة، وأن الاهتمام بالتراث ليس اجترارا للماضي، بل هو استشراف للمستقبل من خلال فهم أسس النهضة الحديثة.
واستعرضت أستاذة النقد الأدبي الحديث والمعاصر الدكتورة نورية الرومي في الجلسة الأولى الجذور الثقافية في الكويت، معتبرة أن الثقافة منظومة تشمل الفنون والآداب والعادات والتقاليد والمعتقدات والقيم.
والجلسة الثانية التي أدارتها الدكتورة موضى الحمود، تناولت موضوعات عدة من بينها "عوامل تشكل العقل الكويتي"، و"الهوية الكويتية"، و"دور الديوانية الثقافي"، و"دور المرأة الاجتماعي وانعاكاساته الثقافية"، وناقشت الجلسة الثالثة التي أدارتها الدكتورة جميلة سيد علي، موضوعي:"ثقافة القرية"، و"ثقافة المدينة".
وتنعقد الجلسة الرابعة، الاثنين، ويديرها الدكتور سعيد الدحية الزهراني، وتتناول موضوعات "الصلات الثقافية مع دول الخليج والجزيرة العربية.. البحرين نموذجا"، و"العلاقات الثقافية العربية"، و"الأثر الثقافي للبعثات التعليمية العربية"، في ما تستعرض الجلسة الخامسة ويديرها الباحث طلال الرميضي، موضوعي "المرأة والتعليم"، و"إصدارات المجلات والمطبوعات والدور الثقافي الشعبي".
وتتناول الجلسة السادسة التي يديرها الدكتور خالد القلاف، "الأغنية الكويتية قديما"، و"فن الموسيقى.. فن الصوت نموذجا"، و"العمارة الكويتية القديمة"، و"الزي الكويتي الشعبي".
ويصاحب الندوة الفكرية معرض مصغر للحرف اليدوية التقليدية لفترة ما قبل النفط مثل حرفة السدو وحرفة القلاف (صناعة السفن) وركن لمطبوعات المجلس الدورية ومجلة العربي.
قبل اكتشاف النفط في العام 1938، كانت الكويت مركزًا ثقافيًا نشطًا في الخليج العربي، وتميزت بوجود مدارس تقليدية مثل "الكتاتيب" التي كانت تُعلم القرآن واللغة العربية. كما كانت الديوانيات تُعد ملتقيات ثقافية واجتماعية هامة. وساهمت هذه العوامل جميعها في تشكيل هوية ثقافية غنية ومتنوعة.
كانت الديوانيات قلب الحياة الاجتماعية والثقافية، إذ كانت تُقام فيها الحوارات والقصص والشعر وتبادل الآراء في شؤون الدين والسياسة والاقتصاد.
والديوانية هي غرفة أو مجلس في بيت أحد أفراد العائلة، يُفتح للضيوف يوميًا أو في مناسبات محددة، وتُعد ملتقى للرجال لتبادل الأحاديث، ومناقشة أمور الحياة، والسياسة، والدين، والتجارة.
كما عرفت تلك المرحلة التاريخية بازدهار الشعر النبطي وشعر البحّارة والغوص، حيث كان وسيلة للتعبير عن مشاعر الناس وتجاربهم. كما انتشرت القصص الشعبية والحكايات التي كانت تُروى في المجالس والدواوين.
الحرفيون أيضا كانوا يحملون معارف تراثية تُنقل شفهيًا من جيل إلى جيل، كما كانت تقام حفلات السمر، والألعاب الشعبية مثل "الدرباحة" و"خروف مسلسل".
وبالرغم من القيود الاجتماعية، كانت المرأة تشارك في التعليم داخل الكتاتيب، وتلعب دورًا مهمًا في حفظ التراث من خلال الأغاني والمرويات الشفهية. وكان للعلماء ورجال الدين دور كبير في توجيه المجتمع، وكانت المساجد مراكز للعلم والخطابة والتعليم.