نسبة مشاركة ضئيلة في انتخابات الجزائر وسط احتجاجات رافضة لها

هيئة الانتخابات تكشف عن وصول نسبة المشاركة في الاقتراع إلى 20.43 بالمئة قبل ثلاث ساعات من نهاية التصويت، فيما أغلقت بعض مكاتب الاقتراع في منطقة القبائل بسبب عدد من الحوادث.

الجزائر - قال رئيس هيئة الانتخابات بالجزائر إن الإقبال على المشاركة في الانتخابات الرئاسية اليوم الخميس تجاوز نسبة 20 بالمئة عند الساعة الثالثة عصرا أي قبل ثلاث ساعات من انتهاء عملية التصويت التي جرت في جو مشحون.

وقال محمد شرفي، رئيس الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر إن "نحو خمسة ملايين شخص من أصل 24.5 مليون ناخب صوتوا حتى الآن في هذا الاقتراع الرئاسي الذي يستمر حتى الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي (السادسة مساء بتوقيت غرينتش).

وكشف شرفي خلال مداخلة له على التلفزيون الحكومي أنه إلى غاية الساعة الثالثة ظهرا بالتوقيت المحلي، بلغت نسبة المشاركة 20.43 بالمئة.

وأوضح أن 17 ولاية من مجموع 48، تجاوزت بها نسبة المشاركة 25 بالمائة.

وكانت نسبة المشاركة قد بلغت 7.92 بالمائة بعد ثلاث ساعات من انطلاق عملية التصويت.

وشهدت العاصمة الجزائر احتجاجات مناهضة للانتخابات تزامنا مع بدأ عملية التصويت صباح اليوم الخميس لاختيار خلف للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي استقال تحت ضغط الشارع بعد حوالى عشرة أشهر من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة غير المسبوقة.

وهتف آلاف المتظاهرين وسط العاصمة بشعارات مناهضة للانتخابات الرئاسية متحدين الانتشار الكثيف لقوات الشرطة التي منعت تنظيم مظاهرة صغيرة في الصباح.

واحتل المتظاهرون بأعداد كبيرة الجزء الأكبر من شارع ديدوش مراد، حتى ساحة البريد المركزي، كاسرين الطوق الذي فرضته قوات الشرطة.

وحاول المتظاهرون اقتحام مركز التصويت بإكمالية باستور، حيث منعتهم الشرطة برش الغاز المسيل للدموع، لكنها اضطرت إلى غلق المركز لنحو نصف ساعة قبل أن تعيد فتحه.

وهتف المتظاهرون "لا للانتخابات مع العصابات" و"دولة مدنية وليس عسكرية".

وأوضح كريم وهو موظف في الثامنة والعشرين اختار الإدلاء بصوته "أنا أصوت لأنني أخشى أن تغرق البلاد في الأزمة".

من جانبه أظهر السعدي محديد، وهو متقاعد يبلغ من العمر 76 عامًا، بطاقة الانتخاب وعليها عدة طوابع قائلا "لقد انتخبت في كل مرة وأنا أصوت اليوم ، إنه واجب".

أما سيد علي، تاجر يبلغ 48 سنة فقال "أنا مع الحراك لكن أن ينتهي هذا ، لقد خسرت 70 بالمائة من رقم أعمالي والكثير من التجار يوجدون في نفس الوضع".

وأغلب الذي صوتوا رفضوا الإفصاح عن أسمائهم خشية تعرضهم للإهانة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

أما منطقة القبائل التي تضم نحو 10 ملايين نسمة من أصل 42 مليون في البلاد، فقد شهدت عدة حوادث أدت إلى توقف الاقتراع في بعض المكاتب.

وذكرت مصادر محلية أن سلطة الانتخابات قررت تعليق المسار الانتخابي بولاية تيزي وزو عاصمة منطقة القبائل، بسبب احتجاجات السكان. في حين جرى إضرام النار بمقر ذات الهيئة بولاية البويرة، ليتم نقل مقرها إلى مدينة عين بسام.

وكما توقع مراقبون فإن نسبة الامتناع عن التصويت تعتبر كبيرة مقارنة بتلك التي شهدتها الجزائر في 2014 بسبب دعوة الحراك الشعبي إلى مقاطعة الانتخابات.

وأظهر التلفزيون الحكومي صفوف انتظار طويلة في عدد من المناطق في البلاد، حتى أن بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي سخروا من الصور متسائلين "كم تلقوا من الأموال" مقابل وقوفهم أمام الكاميرا.

ولم يتراجع زخم الحراك الاحتجاجي المناهض للنظام الذي بدأ في 22 شباط/فبراير، ولا يزال معارضاً بشدة للانتخابات التي تريد السلطة بقيادة الجيش، أن تُجريها مهما كلّف الثمن. ويتنافس خلالها خمسة مرشحين، يعتبر المحتجون أنهم جميعاً من أبناء "النظام".

وندّد متظاهرون بـ"مهزلة انتخابية" وطالبوا بإسقاط "النظام" الذي يحكم البلاد منذ استقلالها عام 1962 وبرحيل جميع الذين دعموا أو كانوا جزءاً من عهد بوتفليقة الذي استمرّ عشرين عاماً.

وأثار ظهور شقيقة بوتفليقة للإدلاء بصوت رئيس البلاد السابق في مركز اقتراع في العاصمة منذ الصباح، جدلا واسعا في البلاد.
وبثت قناة "دزاير تي في" الخاصة مشاهد لناصر بوتفليقة وهو يدلي بصوته بمدرسة البشير الإبراهيمي بحي الأبيار بالعاصمة.
ونقلت قناة "البلاد" الخاصة أيضا أن ناصر بوتفليقة صرح للصحفيين بعد خروجه من مكتب الاقتراع أن شقيقه وكله بالاقتراع نيابة عنه في الانتخابات، وأنه يتمتع بكافة حقوقه المدنية والسياسية.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي نسخة من بطاقة انتخاب الرئيس السابق مؤشر عليها من قبل مركز الاقتراع بأنه أدلى بصوته.

وناصر بوتفليقة تمت إقالته قبل أشهر من منصبه كأمين عام لوزارة التكوين المهني بقرار من الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح.

ومنذ استقالته من منصبه في 2 أبريل/ نيسان الماضي اختفى بوتفليقة عن الأنظار وسط تسريبات إعلامية حول تواجده بإقامة رئاسية بحي الأبيار بالعاصمة منذ مغادرته منصبه.
ويقبع سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر للرئيس السابق في سجن عسكري، منذ توقيفه في مايو/ أيار الماضي، وأصدرت محكمة البليدة العسكرية، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، حكمًا بسجنه 15 عامً لإدانته بـ"التآمر على الجيش والدولة".
وتمسك الجيش، الذي يمثل العنصر الأقوى على الساحة السياسية منذ انطلاق الاحتجاجات في فبراير/شباط الماضي، بإجراء الانتخابات الرئاسية، حيث يرى أن التصويت هو السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والنظام بالبلاد عن طريق اختيار خليفة لبوتفليقة الذي أطاحت به الانتفاضة الشعبية بعد أن أمضى عقدين في المنصب.

والخمسة الذين يتنافسون في الانتخابات جميعهم من المسؤولين الكبار السابقين ومنهم رئيسان سابقان لمجلس الوزراء ولا يعتقد المحتجون أن بإمكان أي منهم تحدي هيمنة الجيش على السياسة.

ويتهم المحتجون المرشحين الخمسة، عبدالعزيز بلعيد وعلي بن فليس وعبد القادر بن قرينة وعز الدين ميهوبي وعبدالمجيد تبون الذين صوتوا صباحا، بأنهم أبناء النظام ويدعمونه بترشحهم.

ويقول مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "فيريسك مابلكروفت" الاستشارية أنطوني سكينر "لا يمكن لأي من المرشحين الخمسة التأمل في أن يُعتبر شرعياً" من جانب المحتجين.

وحذّرت الأربعاء مجموعة شخصيات مقرّبة من الحراك بينهم المحامي مصطفى بوشاشي والأستاذان الجامعيان ناصر جابي ولويزة آيت حمدوش، من إجراء الانتخابات في سياق "توترات شديدة"، مطلقين نداء للتهدئة.

ودعوا في بيان السلطات إلى "الابتعاد عن الخطابات الاستفزازية ولغة التهديد وتخوين كل من يخالفها الرأي في كيفية الخروج من الأزمة، ونحملها مسؤولية أي انزلاق قد تؤول إليه الأمور في قادم الأيام".

وأصرّ قيادة الجيش على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للخروج من الأزمة السياسية والمؤسساتية التي تعصف بالبلاد، مقابل رفض تام لأي حديث عن مسار "انتقالي" مثلما اقترحت المعارضة والمجتمع المدني لإصلاح النظام وتغيير الدستور الذي أضفى الشرعية على إطالة أمد حكم عبد العزيز بوتفليقة.

وتم إلغاء إجراء الانتخابات في 4 تموز/يوليو بسبب غياب المرشحين بعد استقالة بوتفليقة، غير أن الجيش هذه المرة مضى في مشروعه للخروج من الأزمة الدستورية التي تعمق الأزمة الاقتصادية.

وبينما كان البعض يدلي بصوته بوسط العاصمة خصوصا من كبار السن، تظاهر مئات آخرون احتجاجا على الانتخابات وطالبوا بمقاطعة التصويت.

وقالت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة) إن الشرطة تدخلت لتفريق المظاهرة واعتقلت عددا من المحتجين.

وأفاد شهود وسكان بأن المحتجين شاركوا في مسيرات ببلدات في منطقة القبائل حيث أغلقت بعض مراكز الاقتراع.

وقال عزيز جبالي (56 عاما) الذي ذهب للإدلاء بصوته في مركز اقتراع قرب مكتب رئيس الوزراء "البلاد دخلت مرحلة حرجة".

وأضاف "حان الوقت لأن يعبر الجزائريون عن آرائهم بطريقة سلمية".

لكن سالم بيري وهو مدرس كان جالسا في مقهى رئيسي قال إنه مقاطع، وأضاف "ما فائدة التصويت؟".

ولم تكن الانتخابات في عهد بوتفليقة تتسم بالتنافسية. وقال كامل مومني (36 عاما) الذي كان ينتظر سائق سيارة أجرة للتوجه لطبيب الأسنان إنه لم يدل بصوته منذ سنوات "ولن أغير رأيي اليوم".

وقال محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إن 95 بالمئة من مراكز التصويت في الجزائر فتحت أبوابها أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، وإنها تعمل بصورة طبيعية، ولكنه اعترف بوجود بعض الصعوبات " التنظيمية" في بعض المناطق.

وأوضح شرفي للتلفزيون الرسمي اليوم الخميس أن 3600 مكتب تصويت من مجموع أكثر من 61 ألف مكتب، تشهد بعض الصعوبات، مشيرا إلى مساع لإعادة الأمور إلى نصابها.

ولم يذكر شرفي المناطق التي تواجه فيها العملية الانتخابية صعوبات، غير أن مصادر عديدة أشارت إلى أن الأمر يتعلق بمكاتب التصويت بمنطقة القبائل خاصة في ولايتي بجاية وتيزي وزو، وبدرجة أقل ولاية البويرة التي تعهد سكانها الأمازيغ بتسجيل نسبة تصويت صفر في هذه الانتخابات.

وتغلق مراكز الاقتراع في الساعة السادسة بتوقيت غرينتش ولا يتوقع صدور نتائج قبل يوم الجمعة على أقرب تقدير.