نصرالله يتحدث عن نفاد الوقت وعون يحذّر من فوضى قادمة

حزب الله الذي كان في مفصل من مفاصل الأزمة جزءا من تعطيل تشكيل الحكومة، يدعو السياسيين لتنحية خلافاتهم وحساباتهم جانبا لإفساح المجال لتشكيل حكومة قبل انهيار لبنان.
عون: يا ريت ورثت بستان جدّي وما عملت رئيس جمهورية
جبران باسيل لاعب محوري في أزمة لبنان لكن من وراء ستار
لبنان يدفع فاتورة الصراع على الحقائب الوزراية بين تياري عون والحريري
لبنان عالق في جمود سياسي وانحدار مالي غير مسبوق

بيروت - حذّر حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران من أن الوقت نفد وأن على السياسيين أن يضعوا مطالبهم جانبا لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلاد من أزمة مالية غير مسبوقة ، بينما أبدى الرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته الرئاسية في 2022 مخاوفه من فوضى قادمة، مضيفا أنه يريد أن يترك لبنان أفضل مما كان عليه.

وقال نصرالله اليوم الأربعاء "يجب على الجميع أن يعلم أن الوقت نفد... على السياسيين أن يسمحون بتشكيل حكومة جديدة يمكنها إنقاذ البلاد من أزمة مالية غير مسبوقة"، مضيفا أنه كانت هناك "جهود جماعية جادة" في الأيام الأخيرة لتخفيف الأزمة السياسية التي أعاقت المحادثات الوزارية منذ شهور.

ويشهد لبنان أزمة مالية طاحنة تشكل أكبر تهديد لاستقرار البلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990. وبدون تشكيل حكومة جديدة لن يتمكن من تنفيذ إصلاحات مطلوبة للحصول على مساعدات خارجية.

ويعاني لبنان من جبل من الديون المتراكمة وعقود من الحكم المشوب بالفساد.

وهناك خلاف بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والرئيس ميشال عون على تشكيل حكومة جديدة منذ شهور، مما يبدد الآمال في وقف الانهيار المالي في لبنان.

وقال الحريري إن عون يحاول إملاء مقاعد وزارية من أجل الحصول على حق النقض بينما اتهم التيار الوطني الحر وهو الحزب الذي أسسه عون الحريري بمحاولة تنظيم أغلبية لنفسه وحلفائه.

وكان حزب الله، حليف عون، قد حث من قبل على تشكيل الحكومة، إلا أن الجماعة الشيعية اللبنانية تشكل كذلك جزء من الأزمة وتسببت هي وحركة أمل (الثنائي الشيعي) قبل أن تتفاقم التوترات بين عون والحريري وقبل أن تتفرع الأزمات وتتصاعد، في تعطيل تشكيل الحكومة حين تم التوافق على شخص الدبلوماسي السابق مصطفى أديب بعد تفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/اب 2020 واستقالة حكومة حسان دياب، إلى إعلان تخليه عن مهمته لتستمر الحكومة الحالية (بقيادة دياب) في تصريف الأعمال.

وتبدو تصريحات نصرالله رفع عتب أكثر منها دعوة لتنحية المطالب الحزبية جنبا، إذ كان يفترض منذ بداية الأزمة مع استقالة الحريري بدفع من حراك شعبي في أكتوبر/تشرين الأول 2019 طالب برحيل كل الطبقة السياسية، أن يبادر هو بحكم ثقله السياسي والطائفي بالتخلي عن مطالبه والسماح بتشكيل حكومة كفاءات.

ويرى نصرالله أن حكومة غير سياسية ستفشل وستنهار سريعا لأنها تحتاج حتما إلى حزام سياسي يسندها، رافضا بذلك فكرة حكومة كفاءات.

وقال الرئيس اللبناني من جهته إن لبنان قد يواجه "الفوضى" قبل أن يتمكن من التعافي من الانهيار المالي.

وتصاعدت المواجهة بين الرئيس عون وهو قائد عسكري سابق وسعد الحريري وهو رئيس وزراء سابق لثلاث فترات ومُكلف بتشكيل حكومة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حول تشكيل حكومة جديدة بينما تتفاقم الأزمة في البلاد.

وقد أصبحت مشاهد المتسوقين وهم يتشاجرون على السلع والمتظاهرين وهم يغلقون الطرق والمحلات الموصدة أمرا معتادا الآن.

وقال عون في تصريحات نشرتها قناة الجديد التلفزيونية اللبنانية "سأسلم بلدا أفضل من الذي استلمته... لكن أخشى أن الكلفة ستكون مرتفعة جدا ربما الفوضى قبل ذلك".

وقال الرئيس اللبناني الذي يدير صهره جبران باسيل وهو وزير خارجية أسبق، حزبه (التيار الوطني الحر) الذي يقود أكبر كتلة مسيحية في البرلمان، لمراسل قناة الجديد إنه يخشى المخاطر التي تلوح في الأفق على لبنان وتهدد وجوده.

وفقدت الليرة اللبنانية معظم قيمتها مما أدخل أكثر من نصف اللبنانيين في الفقر. وفاقم انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب والذي دمر مناطق واسعة من المدينة وتسبب في مقتل 200، مأساة البلاد.

واستمر الجمود منذ أن حذر عون في سبتمبر/أيلول 2020 من أن البلاد ستذهب "إلى جهنم" بدون تشكيل حكومة جديدة.

وأعلن المانحون الأجانب بوضوح أنهم لن يقدموا خطة إنقاذ للبنان ما لم يتفق زعماؤه على تشكيل حكومة جديدة ملتزمة بإجراء إصلاحات.

ونقلت قناة الجديد عن عون قوله اليوم الأربعاء "يا ريت ورثت بستان جدّي وما عملت رئيس جمهورية".

وترجح مصادر أن الجمود السياسي الحالي الناجم عن الخصومة بين عون والحريري، سببه جبران باسيل الذي يلعب دورا في الخفاء لجهة تأمين نفوذه بينما يعتقد أن عون يحاول إعداد صهره ليخلفه في منصب الرئاسة.

وباسيل من الشخصيات المثيرة للجدل ودخل في مواجهات مع أكثر من طرف سياسي، بينما يحجم حزب الله عن التدخل في هذا الإشكال ليحافظ على تحالفه مع التيار الوطني الديمقراطي.