نصرالله يستغل الأزمة الاقتصادية لفتح أبواب لبنان لإيران

الأمين العام لحزب الله يؤكد أن من دعموا دمشق سياسيا وعسكريا لن يتخلوا عنها في مواجهة ما وصفها بالحرب الاقتصادية، محذرا من أن قانون قيصر الأميركي يهدف لتجويع سوريا ولبنان.
نصرالله: على لبنان التوجه لإيران لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية
حزب الله يتهم واشنطن بالوقوف وراء شحّ الدولار في لبنان
 نصرالله يتحدث عن 20 مليار دولار أُخرجت عمدا من البنوك

بيروت - وجد الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في الأزمة الاقتصادية التي تعتبر الأسوأ في تاريخ لبنان منذ الحرب الأهلية، منفذا لجرّ البلاد لتعامل أوسع مع طهران، داعيا اللبنانيين إلى "التوجّه إلى إيران وغيرها لإيجاد حلول للأزمة الاقتصاديّة".

ويرتبط حزب الله الذي يهيمن وحلفاؤه على الائتلاف الحكومي، بعلاقات قوية مع إيران مقدما الولاء لولاية الفقيه على الولاء للوطن، وواجه مرارا اتهامات بارتهان الدولة لأجندة التمدد الإيرانية وبتسهيل تغلل طهران في المنطقة.

وقال نصر الله في كلمة له عبر قناة المنار المملوكة لحزبه "هناك معلومات أكيدة وقطعية أن أميركا تمنع نقل الدولارات إلى لبنان وهي تتدخل لدى مصرف لبنان لمنع ضخّ الدولار بكميات كافية".

وأشار في تبريره ضرورة الانفتاح على إيران إلى أن مفاوضات صندوق النقد الدولي قد تستمر شهرا أو اثنين وربما سنة، متسائلا "هل يتحمل البلد سنة؟".

موجة انهيار تضرب الليرة اللبنانية
موجة انهيار تضرب الليرة اللبنانية

كما تحدث عن 20 مليار دولار أُخرجت من البنوك وفق بيانات ومحاضر رسمية في الفترة الماضية، متسائلا أيضا من الذي أخرجها؟.

وتشهد مناطق لبنانية منذ فترة، احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع المعيشية خاصة في ظل تجاوز سعر صرف الدولار الواحد 5 آلاف ليرة في السوق غير الرسمية، بينما يبلغ 1507.5 ليرة لدى مصرف لبنان.

وأضاف "حجّة أميركا هي أن ضخ الدولار يجعل حزب الله يشتريه من السوق لأخذه إلى سوريا"، مضيفا "عاقبونا لا مشكلة ولكن لما معاقبة الشعب اللبناني، بأي إنسانية؟".

وتابع "من ينتظر تقليب بيئة المقاومة عليها فهو فاشل.. من يضعنا بين خيارين، إما السلاح (الخاص بحزب الله) وإما الجوع، فنقول له سيبقى سلاحنا في أيدينا ولن نجوع ونحن سنقتلك".

وحزب الله حليف لكل من إيران وسوريا وتقاتل قواته إلى جانب القوات السورية النظامية في الحرب الدائرة بسوريا منذ 2011، مثيرا المزيد من الانقسامات في لبنان وانتقادات قوى سياسية اعتبرت أن انخراطه في الحرب السورية أبعد البلاد عن مبدأ الناي بالنفس في الصراعات الإقليمية وأضرّ بعلاقاتها الخارجية.

وتطرّق نصر الله إلى قانون قيصر الأميركي بقوله إن "سوريا انتصرت في الحرب الكونيّة عليها وقانون قيصر هو آخر الأسلحة الأميركية"، مضيفا "حلفاء سوريا الذين وقفوا معها دائما لن يتخلوا عنها في مواجهة الحرب الاقتصاديّة".

ويشمل قانون قيصر في مرحلته الأولى التي تبدأ غدا الأربعاء، سلسلة عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري وحلفائه والشركات والأفراد المرتبطين به.

الأزمة الاقتصادية فجرت موجة غضب في الشارع اللبناني
الأزمة الاقتصادية فجرت موجة غضب في الشارع اللبناني

وتحدث الأمين العام لحزب الله كذلك عن أنباء ترددت بشأن مصير حكومة رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، قائلا "الحديث عن استقالة الحكومة (يشارك فيها حزب الله) أو إسقاطها، ليس له أساس من الصحّة وهو من الشائعات".

وتولت حكومة دياب السلطة في 11 فبراير/شباط الماضي خلفا لحكومة سعد الحريري التي أجبرها المحتجون على الاستقالة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019.

ودعا نصر الله إلى "الفصل بين المطالب المحقّة وشعارات نزع سلاح المقاومة (يقصد حزب الله)"، قائلا "باستطاعتكم التحدث ليلا نهارا عن سحب سلاح المقاومة، لكنّ الشعارات والاحتجاجات غير مفيدة ولن تغيّر شيئا على الإطلاق وأنتم تحتاجون إلى إقناع أهل المقاومة وجمهورها بهذا الموضوع".

ونظم عشرات اللبنانيين قبل أسبوعين، وقفة احتجاجية أمام قصر العدل بالعاصمة بيروت، مطالبين بنزع سلاح حزب الله وتطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان.

ويدعو قرار مجلس الأمن رقم 1559 الصادر في سبتمبر/أيلول 2004، إلى نزع سلاح المليشيات اللبنانية وحصر السلاح بيد الدولة.

ويثير سلاح حزب الله خلافا بين اللبنانيين، إذ يؤيده فريق بدعوى "مواجهة إسرائيل التي تحتل أراض لبنانية"، بينما يراه فريق آخر سلاحا غير شرعي ويطالب بحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة فقط.

واعتبر أن العقوبات الأميركية الجديدة التي يفرضها قانون قيصر تهدف إلى "تجويع" سوريا ولبنان المجاور، واصفا إياها بأنها "آخر الأسلحة" التي تستخدمها واشنطن ضد حليفته دمشق.

وينصّ خصوصا على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكم مرتكبو الانتهاكات. ويستهدف كذلك كيانات روسية وإيرانية تعمل مع دمشق.

حزب الله ينفي أي نية لاستقالة حكومة حسان دياب
حزب الله ينفي أي نية لاستقالة حكومة حسان دياب

وقال نصرالله في كلمة متلفزة بثّتها قناة المنار التابعة لحزبه "قانون قيصر يريد تجويع لبنان كما يريد تجويع سوريا"، لافتاً إلى أن القانون الذي يفرض "الحصار الشديد على الدولة وعلى الشعب في سوريا هو آخر الأسلحة الأميركية".

وأضاف "هذا آخر الأسلحة، أن نحاصر سوريا ونضغط عليها وممنوع على أحد التعامل معها والبيع والشراء.. ونجوّع الشعب السوري ونضرب الليرة".

و"قيصر" اسم مستعار لمصوّر سابق في الشرطة العسكرية السورية انشقّ عن النظام عام 2013 حاملا معه 55 ألف صورة تظهر التعذيب والانتهاكات في السجون السورية.

وقال نصرالله "إذا كنت أريد اليوم أن أستدل على أن سوريا انتصرت في الحرب العسكرية والسياسية والأمنية والمعنوية، أستدل بلجوء أميركا إلى قانون قيصر"، مضيفا "لو كانت مهزومة لا يحتاجون إلى قانون قيصر".

وجاءت مواقف نصرالله بعد ساعات من إعلان السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت في مجلس الأمن أن بلادها ستتخذ الأربعاء "تدابير حاسمة لمنع نظام الأسد من الحصول على انتصار عسكري".

ودعا الحكومة اللبنانية إلى عدم الخضوع للعقوبات. وقال "ما أطالب به ألا يكون القرار الرسمي والشعبي هو الخضوع لقانون قيصر" في وقت تشكل فيه سوريا ممرا للبضائع والمنتجات اللبنانية باتجاه الأسواق العربية.

وشكلت الحكومة لجنة وزارية لدرس تداعيات العقوبات الأميركية على الاقتصاد الذي يشهد انهيارا متسارعا منذ أشهر ويرتبط بطريقة أو بأخرى بالاقتصاد السوري.