"نصرة غزة" غطاء الحوثيين لحشد المجندين ومحاصرة مأرب

القيادات المشرفة على التجنيد باسم "الجهاد المقدس" تنظم "مسيرة عسكرية" تضم 2500 مقاتل أكملوا دورات تدريب قتالي يحملون شعارات تخاطب الزعيم الحوثي بـ(سيدنا).
الحوثيون يستهدفون ناقلة بضائع في خليج عدن، ما أدى إلى سقوط قتيلين من طاقمها
واشنطن تتوعّد بمحاسبة الحوثيين على هجومهم الدامي على سفينة شحن

صنعاء – يستغل الحوثيون الحرب الإسرائيلية على غزة لإرسال المزيد من ميليشياتهم نحو مأرب سعيا لمحاصرتها واقتحامها تحت مسمى "نصرة فلسطين"، لتعزيز مواقعهم ووضعها على خطوط التماس مع القوات الحكومية، استعدادا لشن هجوم على مأرب، وانطلقت هذه القوات من صنعاء وعمران إلى مأرب والجوف المجاورة الخاضعة لسيطرتهم.
ويقول ناشطون في المجتمع المدني أن الحوثيون يجندون الشباب والمراهقين تحت ذريعة فك الحصار عن غزة قائلين أن تحرير محافظة مأرب هو جزء من هذا التحرك. مستغلين تعاطف اليمنيين وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

وفي الأسابيع الماضية، جند الحوثيين آلاف من اليمنيين بذريعة نصر فلسطين وفك الحصار عن قطاع غزة. وأشارت تقارير غربية إلى أن عملية تجنيد الحوثيين بدأت منذ عام 2009، لكنها زادت بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية.

وذكر الإعلام الحوثي، أن القيادات المشرفة على التجنيد باسم فلسطين أو ما يسمونه "الجهاد المقدس"، نظمت "مسيرة عسكرية" ل2500 مقاتل أكملوا دورات تدريب قتالي مؤخرا في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران.  وأشارت وسائل الإعلام الحوثية إلى أن هذه المسيرة تم تنظيمها تحت شعار "قادمون يا أقصى"، ووجهتها مأرب وتحديدا مديرية مجزر التي وصلها المقاتلون بعد ثلاثة أيام من انطلاقهم من مديرية حرف سفيان مرورا بمحافظة الجوف لمسافة تتجاوز 100 كم.

وأضاف إن هؤلاء المقاتلين ضمن ما يسمونها "وحدات قوات الاحتياط"، وأظهرت الصور التي نشرتها وسائل إعلام الحوثي أطفالاً ورجالا مسنين، وبعضهم يحملون شعارات تخاطب زعيم المليشيا الحوثية بـ(سيدنا)، في علامة واضحة على تكريس هذه المليشيا العامل الديني لنظام الإمامة.

وخضع أكثر من 1500 مجند خضعوا لدورات تدريب قتالي خلال الفترة الماضية في مديرية حرف سفيان، وأعلن الحوثيون السبت تخرجهم من هذه الدورات، وتحت نفس الشعارات التي تتخذ من القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة غطاء لاستمرار حشد المقاتلين وإرسالهم إلى جبهات القتال عند خطوط التماس مع المناطق المحررة.

ويعزز زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي هذا التجنيد والتحشيد في خطاباته التي يلقيها كل يوم خميس لحث اليمنيين في مناطق سيطرته على الخروج للتظاهر يوم الجمعة، ساعيا لإضفاء ما يسميها "مشروعية" لهجمات جماعته على سفن النقل التجاري في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، إضافة إلى إطلاق صواريخ بالستية باتجاه جنوب إسرائيل، وهي الهجمات التي يحاول من خلالها كسب تأييد الشعب اليمني والشعوب العربية والإسلامية باعتباره المدافع الوحيد عن فلسطين.

ودعا عبدالملك الحوثي مرارا إلى توسيع استقطاب المقاتلين على مستوى القرى في مناطق سيطرة جماعته، فيما يتحرك جميع مشرفيها في الأرياف والمدن لتنفيذ توجيهات زعيمهم بالترهيب والتغرير واستغلال نزعة التعاطف الفطرية لدى اليمنيين مع فلسطين، إضافة إلى ذريعة مواجهة أميركا وبريطانيا بعد الهجمات التي تشنها قواتهما على مواقع الحوثيين.

وينفذ الحوثيون منذ نحو 4 أشهر هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما لقطاع غزة الذي يشهد حربا بين حركة حماس وإسرائيل.

واستهدف صاروخ أُطلق من اليمن ناقلة بضائع في خليج عدن الأربعاء حيث أعلن أفراد الطاقم مقتل شخصين على الأقل وإصابة ستة بجروح، وفق ما أفاد مسؤول أميركي.

وقال المسؤول العسكري "اليوم، قتل الحوثيون مدنيين بريئين"، مشيرا إلى أن الطاقم "بلّغ عن قتيلين على الأقل وستة جرحى من أفراده وهجر السفينة".

كما ألحق الصاروخ "أضرارا كبيرة" في السفينة "ترو كونفيدنس" المملوكة من ليبيريا والتي ترفع علم باربادوس، وفق المسؤول الذي أضاف أن الصاروخ هو الخامس المضاد للسفن الذي يطلقه المتمردون الحوثيون في غضون يومين. وأشار إلى أن صاروخين اثنين بما فيهما الأخير طالا سفينتين تجاريتين بينما أسقطت مدمرة أميركية ثالثا.

من جهتهم، قال الحوثيون في بيان إن السفينة التي استهدفوها في خليج عدن أميركية و"قد جاءت عملية الاستهداف بعد رفض طاقم السفينة الرسائل التحذيرية".

وتوعّدت الولايات المتحدة الأربعاء بمحاسبة المتمرّدين الحوثيين في اليمن على ضربة استهدفت ناقلة بضائع أسفرت عن سقوط قتيلين، يرجّح بأنهما أول شخصين تودي هجمات المتمردين على السفن بحياتهما.

وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين "سنواصل محاسبتهم. ندعو الحكومات حول العالم للقيام بالأمر ذاته".

وأضاف ميلر أن هجمات الحوثيين على السفن "لم تعطّل التجارة الدولية فحسب، ولم تؤد إلى اضطراب حرية الملاحة في مياه دولية فحسب، ولم تعرّض البحارة إلى الخطر فحسب، بل قتلت الآن عددا منهم".

ولدى سؤاله عمّا إذا كان الهجوم الأخير يكشف فشل الضربات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين، قال ميلر "لطالما أوضحنا بأن هذه ستكون عملية طويلة الأمد، لردع هجمات الحوثيين وإضعاف قدرتهم على تنفيذها".

وأعلنت شركة "أمبري" البريطانية للأمن البحري اليوم الأربعاء تعرض سفينة شحن قبالة خليج عدن اليمني لهجوم صاروخي أدى لمغادرة بعض أفراد طاقمها وفقدان آخرين.
وذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية نقلا عن الشركة، مغادرة أفراد من طاقم سفينة شحن تعرضت لهجوم صاروخ قبالة خليج عدن اليمني، دون توضيح كيفية مغادرتهم السفينة، وإلى أين وتحدثت الشركة أيضا عن فقدان أعضاء آخرين من طاقم السفينة إثر الهجوم.
‏وقال المتحدث العسكري للجماعة يحيى سريع في بيان إن "القوات المسلحة اليمنية التابعة للجماعة نفذت عملية استهداف لسفينة "TRUE CONFIDENCE" الأميركية في خليج عدن، بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة وكانت الإصابة دقيقة، ما أدى إلى نشوب حريق فيها".
وأفاد الجيش الأميركي أن قواته أسقطت صاروخا وثلاث طائرات مسيّرة أُطلقت باتجاه مدمّرة أميركية في البحر الأحمر الثلاثاء، بعد إعلان الحوثيين في اليمن عن استهدافهم سفينتين حربيتين أميركيتين في المنطقة.

ومنذ أشهر يشن الحوثيون هجمات على السفن في البحر الأحمر، ولم تفلح الغارات الأميركية والبريطانية حتى الآن بوقف تهديدهم لخطوط الشحن البحري.

وقال الجيش في بيان إن "قوات القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) أسقطت صاروخا بالستيا مضادا للسفن وثلاثة أنظمة جوية مسيّرة هجومية باتجاه واحد جرى إطلاقها من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن باتجاه المدمرة يو اس اس كارني (دي دي جاي 64) في البحر الأحمر”.

وأضاف "لم تلحق إصابات أو أضرار بالسفينة"، مشيرا إلى أن القوات الأميركية دمرت في وقت لاحق ثلاثة صواريخ مضادة للسفن وثلاث مسيّرات بحرية في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

وتعهد سريع على مواقع التواصل الاجتماعي بأن هجمات الحوثيين لن تتوقف "حتى يتوقف العدوان ويُرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاعِ غزة".

وأثّرت هذه الهجمات بشكل كبير على حركة الملاحة البحرية قبالة سواحل اليمن ودفعت العديد من شركات الشحن الى تفادي المرور عبر مضيق باب المندب، والاستعاضة عن هذا الممر الذي تمرّ عبره 12 بالمئة من التجارة البحرية العالمية، بالابحار حول رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب إفريقيا ما يتسبب بارتفاع كلفة الشحن وإطالة مدة التسليم.