نظام المحاصصة يعيد المالكي إلى دائرة النفوذ المالي والتشريعي
بغداد - أفضى اتفاق سياسي أُعلن عن تفاصيله اليوم الثلاثاء عن منح رئاسة لجنة المالية في البرلمان لائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئاسة لجنة النزاهة البرلمانية لتحالف 'السيادة' السنّي ضمن استكمال توزيع المناصب على قاعدة المحاصصة التي يعتبرها شق واسع من العراقيين سبب أزمات البلاد وغطاء سياسيا تسبب في نهب المال العام.
وتنظر قوى سياسية عراقية بينها التيار الصدري لنوري المالكي الذي تولى رئاسة الحكومة العراقية من 20 مايو/ايار 2006 حتى 8 سبتمبر/ايلول 2014 على أنه ساهم بشكل أو بآخر حين كان في السلطة في اختفاء مئات المليارات من خزينة الدولة وهي قضايا لا تزال غامضة إلى الآن. وخلال 20 عاما اختفت نحو 400 مليار يورو يعتقد أن ثلثها تم تهريبه للخارج.
وواجه المالكي الذي ستولى ائتلافه رئاسة لجنة المالية في السابق اتهامات بالفساد وحامت شبهات حول عائلته ومصادر ثروته، لكن في بلد تفشت فيه ظاهرة الافلات من العقاب بحكم النفوذ السياسي والميليشوين ظلت القضايا حبيسة الرفوف.
وتتولى لجنة المالية مناقشة تشريعات تتعلق بقوانين المالية العامة والضمان الاجتماعي والتقاعد وتمويلات المشاريع وغيرها، ما يتيح لمن يتولاها نفوذا واسعا وقدرة على تعطيل أو تمرير مشاريع القوانين.
وأفاد مصدر برلماني لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية ان الاتفاق السياسي أكد "على تولي رئاسة اللجنة المالية النيابية من قبل كتلة ائتلاف دولة القانون ويشغلها النائب عطوان العطواني، فيما ستؤول رئاسة لجنة النزاهة النيابية الى تحالف السيادة ويشغلها النائب زياد الجنابي".
وأكد المصدر انه "سيتم حسم اختيار نائب رئيس اللجنة والمقرر خلال الأيام المقبلة مع باقي رئاسة اللجان النيابية الأخرى".
ويرى مراقبون ان منح لجنة المالية لائتلاف دولة القانون التي يقودها المالكي يطرح كثيرا من التساؤلات حول جدية الشعارات التي شدد عليها السوداني والمتعلقة بمكافحة الفساد.
وكان المالكي الذي ترأس حكومة بين 2006 و2014 قبل تولي حيدر عبادي المنصب اتهم ومقربون منه في ملفات فساد خطيرة.
ويعاني العراق من ضعف الرقابة على المال العام رغم تعدد الهيئات المتعلقة بالنزاهة وتعزيز الشفافية التي تخضع للتوازنات السياسية ما يجعلها تفتقر للخبرات والاستقلالية اللازمة.
وتحدثت تقارير ان حكومة المالكي تورطت في ملفات فساد تعلقت بشراء أسلحة بمليارات الدولارات بعضها مستهلكة او تعود للحرب العالمية الثانية اضافة لملف إنشاء مستشفى عسكري بمليار دولار اتضح انه وهمي.
كما تورطت حكومة المالكي في ملف طائرات اشترتها بغداد من موسكو ليتضح انها طائرات عراقية لم تسمح لها ايران بالهبوط خلال الحرب الاميركية على العراق فاضطرت للنزول في روسيا فيما اعاداتها حكومة المالكي على انه تم شراؤها.
وفر 6 وزراء و53 مسؤولا حكوميا من ذوي الرتب الخاصة في الحكومة العراقية التي ترأسها المالكي بعد ان تم اتهامهم في ملفات تتعلق بالفساد.
كما اتهم نجل المالكي أحمد نوري المالكي بنقل مليارا و500 مليون دولار من الأموال العراقية إلى لبنان خلال فترة حكم والده وهو ما اثار حملة احتجاجات ضد حكم رئيس ائتلاف دولة القانون اضافة لتهم فساد اخرى.
ولا تزال بعض هذه الملفات في اروقة المحاكم بينما تؤكد الحكومة العراقية الجديدة على ضرورة مكافحة ظاهرة الفساد التي أضرت بالاقتصاد العراقي وهو ما يشير الى حجم التناقضات.
وكان السوداني قد تعهد بالكشف عن ملابسات نهب 2،5 مليار دولار من أموال الدولة العراقية عبر اختلاس عائدات الضرائب او ما عرف "بسرقة القرن" مشيرا بانه تمكن من استعادة جزء بسيط منها.
وكشف تقرير "للغارديان البريطانية" ان جهات متعددة رسمية أو قوى حليفة لإيران خططت ودبرت عملية الاختلاس الأكبر في تاريخ العراق على غرار منظمة بدر التي يقودها هادي العامري وهو كذلك رئيس ائتلاف الفتح حليفة دولة القانون ضمن الاطار التنسيقي.
واوضح التقرير ان مخطط الاختلاس اعد من رجال أعمال وموظفين في لجنة الضرائب على علاقة بمنظمة بدر المتحالفة مع ايران لكنه لم يحدد ان كانت قيادة المنظمة على علم بعملية الاختلاس او انها شاركت في التخطيط لها.
ويرى مراقبون ان منح رئاسة لجنة النزاهة لتحالف سيادة بقيادة خميس الخنجر ياتي كترضية له بعد ان أبدى ميلا للإطار التنسيقي رغم انه كان قريبا من التيار الصدري وهو ما يشير الى ان المحاصصة السياسية التي حذر منها الصدريون وقوى سياسية اخرى ستكون القاعدة الأساسية في التعامل بين مختلف الكتل.