نهاد المشنوق يدعو لزيادة الرواتب تفاديا لحرب أهلية في لبنان

نهاد المشنوق يستغرب عدم تطرق الخطة الاقتصاية للحكومة إلى ملف الكهرباء لتعيين هيئة مستقلّة ومجلس إدارة لتنظيم القطاع الذي يعد الشرط الأوّل للمانحين في مؤتمر سيدر وصندوق النقد الدولي.

بيروت - دعا النائب نهاد المشنوق اليوم الأربعاء الدولة اللبنانية إلى "تحمّل الخسائر بدلاّ من المودعين وإلى رفع رواتب وأجور 40 بالمئة من موظفي القطاع العام بما في ذلك الأجهزة الأمنية والعسكرية، إذا ما كانت تنوي حكومة حسان دياب فعلا انقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية عبر خطة الانقاذ التي أقرتها الأسبوع الماضي.

وقال المشنوق الذي شغل منصب وزير الداخلية في السابق، خلال اجتماع لجنة المال والموازنة اليوم الأربعاء في بيروت، إن "توزيع الخسائر بحسب خطّة الحكومة يقوم على تحميل المودع والمصارف وأخيراً الدولة المسؤولية، وهذا توزيع غير عادل ولا يؤدي إلى أيّ انتعاش اقتصادي أو مالي".

وأقرت الحكومة اللبنانية الخميس الماضي خطة اقتصادية معلنة أنها ستشكل أساس محادثات بشأن مساعدة مالية مع صندوق النقد الدولي للخروج من دوامة انهيار اقتصادي متسارع جعل قرابة نصف السكان تحت خط الفقر. وتأمل الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار.

وطالب المشنوق خلال الاجتماع، الذي حضره الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب لكن قاطعته بعض الكتل النيابية والأحزاب، "برفع الرواتب والأجور 40 بالمئة على مدة 4 سنوات لـ320 ألف موظف في القطاع العام، ومن بينهم الأجهزة العسكرية والأمنية"، محذرا المسؤولين في الدولة من توقع "فوضى أهلية وأمنية" إذا لم يتم اتخاذ اجراءات مماثلة تحمي حقوق الموظفين.

وتسائل المشنوق الذي أكد أنه يتحث من منطلق "خبرته كوزير سابق للداخلية" عن كيفية قيام "هؤلاء (الموظفون) بواجباتهم بعد ما وصلت رواتبهم إلى الحد الأدنى للأجور إلى 168 دولاراً فقط؟".

وأضاف أن "سلسلة الرتب والرواتب التي بدأت بـ800 مليون دولار انتهت إلى كلفة سنوية تقارب 3 مليار دولار، وهذه السلسلة لم يبقَ منها شيء، وأنا صوّتت ضدّها".

وتقترح الخطة التقشفية الممتدة على خمس سنوات إصلاحات على مستويات عدة بينها السياسة المالية وميزان المدفوعات والبنى التحتية، وإعادة هيكلة للديون والمصارف. وتتضمن اجراءات موجعة تطال المواطنين مباشرة على غرار تجميد التوظيف في القطاع العام وحسم تقديمات اجتماعية وزيادة تعرفة الكهرباء وضرائب أخرى.

وتعرضت الاقتراحات الحكومية إلى انتقادات شديدة من القطاع المصرفي الذي من المقرر حسب الخطة أن يتكبد خسائر تُقدر بحوالي 83.2 مليار دولار.

وخلال الاجتماع اليوم الأربعاء بدى رئيس الحكومة حسان دياب والرئيس ميشال عون كأنهما يبحثان عن طوق نجاة ومخرج من المأزق الاقتصادي بسرعة حيث حثا القوى السياسية والأحزاب على تجاوز الخلافات السياسية والالتفاف حول الخطة الحكومية حتى يتمكن لبنان من الحصول على دعم صندوق النقد الدولي. 

وقال دياب إن "الخطة ليست ملكاً لحكومة أو حكم، بل هي برنامج عمل للدولة هدفه عبور لبنان مرحلة صعبة"، مضيفا ان "ما نطرحه ليس كتاباً منزلاً وهو قابل للتطوير".

ال
حكومة حسان دياب في مفترق الطريق

ويتطلّب تطبيق بنود عدة وردت في الخطة كهيكلة الدين وفرض ضرائب جديدة وقبول دعم مالي موافقة البرلمان وتشريع قوانين جديدة.

وخلال مناقشة لجنة المال والموازنة دعا المشنوق إلى "رفع الجمارك وإلغائها لأن التهريب لن يتوقف، ليس فقط على المعابر العسكرية غير الشرعية"، مشيرا إلى أنه حتى "لو عمل قديسون في الجمارك فلن يتحسّن الدخل، بسبب وجود مرافىء في سوريا لم ولن تُغلق، وستستمرّ في إغراق السوق اللبناني بالبضائع المهرّبة".
وكشف المشنوق عن "وجود مكاتب في اسطنبول وبكين وشنغهاي وغيرها من المدن، توصل مستوعبات البضائع إلى منزل التاجر اللبناني مقابل مبلغ مقطوع"، محذرا من أنه وفق الظروف الحالية تبدو "الدولة غير قادرة على ضبط التهريب قبل سنوات طويلة، وبالتالي لا حلّ إلاّ بإلغاء تدريجي للجمارك، باستثناء ما يحمي الصناعة الوطنية".

واستغرب المشنوق "عدم تعيين هيئة ناظمة مستقلّة لقطاع الكهرباء، ومجلس إدارة، في حين نعرف أنّ الشرط الأوّل للمانحين في "سيدر" وصندوق النقد الدولي وغيرها، هو ملفّ كهرباء لبنان. وتأتي خطة الحكومة بلا أيّ ذكر للهيئة أو مجلس الإدارة. فماذا تنتظرون أن يكون ردّ فعل المؤسسات الدولية؟".
وانتقد المشنوق تحميل الدولة للمصارف التي استثمرت في سندات الخزينة وحدها مسؤولية الأزمة ومعاقبتها بالإضافة إلى معاقبة الناس الذين غامروا بإحضار ودائعهم وأموالهم إلى البنوك اللبنانية في وقت كان تصنيف لبنان يتراجع بشكل شبه أسبوعي وفق تصنيفات المؤسسات الدولية.

وأشار إلى الاجراءات التحفيزية التي انتخذتها دول مثل مصر وتركيا بإعطاء فوائد للمودعين للنهوض بعملاتها المحلية أمام الدولار.

وقال المشنوق إن تركيا لم تشهد انهياراً كما لبنان، كما أنّ الدول التي تصنيفها قريب من تصنيف لبنان مثل فنزويلا والأرجنتين، تدفع فوائد تصل إلى 40 بالمئة".
واعتبر المشنوق أن "لبنان يريد أن يعاقب المودع بفوائد وديعته وبوديعته نفسها باعتبار أن هذا يفتح الباب أمام مستثمرين جدد. فأي منطق هذا؟. في حين أنّ الدولة هي المسؤولة الأولى على الخسائر و 70 بالمئة من خسائر البنك المركزي صرفتها الدولة".

وأبدت جهات عدة بينها جمعية المصارف والهيئات الاقتصادية وأخرى سياسية اعتراضها على الخطة الااقتصادية التي اقرتها حكومة دياب، معتبرة أنها تحتاج إلى مشاورات أوسع.  ويرى محللون أن الخطة تعيد انتاج الاقتصاد وتصميم الإدارة المالية بعيداً عن الاقتصاد الريعي الذي لطالما ميّز لبنان وشكل عامل جذب للرساميل.

e
ثورة جوع في لبنان

وتتوقع الخطة أن تتكبد المصارف خسائر تقدر بحوالي 83.2 مليار دولار. لكن  جمعية مصارف لبنان تسعى لوضع خطة إنقاذ مالي وطنية تحفظ لها بعض رأس المال بدلا من شطبه بالكامل كما هو منصوص عليه في برنامج حكومي.

وقال وزير المالية اللبناني غازي وزني خلال الاجتماع إن خطة الحكومة لإخراج لبنان من أزمة مالية تستند إلى تحول إلى سعر صرف مرن، لكن في "المرحلة المقبلة"، وإن ربط سعر الليرة سيجري الإبقاء عليه في الوقت الحالي.

وأضاف أن الخطة تتحدث عن إعادة هيكلة مصرف لبنان (البنك المركزي)، مضيفا "تقدر الخسائر المتراكمة في ميزانية مصرف لبنان بحوالي 63.6 مليار دولار ناتجة عن كلفة التثبيت النقدي، وعمليات الهندسات المالية، وتغطية عجز ميزان المدفوعات والعجز المالي لا سيما الكهرباء والديون المتراكمة للدولة." 

وأثنى المشنوق على شرح وزني للخطة قائلا إن "الجوّ هنا بدا مؤاتياً له أكثر في بعبدا، لأنه شرح بطريقة مرتاحة وفتح أبواب جديدة ونوافذ لتعديلات يمكن أن تتم بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي".
وأكد المشنوق أنه "رغم كلّ الاعتراضات على سعر صرف الليرة الذي تمّ تثبيته عام 96، إلاّ أنّ هذا التثبيت أدّى في حينه إلى خسائر محدودة أمام إنجاز كبير هو خلق طبقة وسطى كانت الحرب الأهلية في لبنان قد قضت عليها. وهذه الطبقة هي التي تدفع الثمن الآن إلى جانب الفقراء الذين يزدادون فقراً والمعدمين الذين باتوا تحت خط الفقر بأشواط".
وأثار المشنوق تساؤولات حول الصندوق السيادي الذي يمكن أن يعوّض خسائر المودعين في المصارف، داعياً إلى إدارته من قبل "لبنانيين بإشراف مباشر لصندوق النقد الدولي". 
وختم المشنوق خلال مداخلته أن لبنان "محجور سياسياً بسبب سياساته المنحازة كلياً إلى محور واحد"، في إشارة إلى حزب الله الموالي لإيران.

وذكر الحكومة بأنّ "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستأخذ وقتاً طويلاً وليس أقلّ من سنة"، مشيرا إلى أنه "من الآن إلى حينه لا أحد يعرف أين سيكون لبنان".