هالة الهذيلي بن حمودة ترى في الفن مزارا

الفنانة التشكيلية تقدم مسيرة متنوعة بين المعارض والبحوث والمشاركات التونسية والعربية في سياق من التعبيرية المزدوجة والجامعة بين التمثيلي والتجريدي المتخيل.

الفن هذا الذاهب بالمهج حيث الفكرة في هيجانها الرجيم لا تلوي على غير القول بالنشيد بحثا وتلوينا وتخييلا وفق حلم الكائن القديم في حله وترحاله بين أسئلة شتى منها كيف يجعل الأكوان علبة تلوين يلهو بها أطفال في أرض شاسعة تسع الظلال والأصوات والعناصر والتفاصيل.. وهكذا هي الحال تتقصد العناصر وفقها ما به تسعد الكلمات وتبتهج الألوان وضروب التشكيل في عالم التداعيات المريبة...

هو الفن يعلي من شؤون الذات المقيمة بين رغباتها ومناطق الأقاصي، حيث زهرات برية تنشد سلامها الباذخ بعيدا عن وحشة الناس وضجيج اليومي في مناخات من موسيقى الوجد..

ها هي القماشة وهنا تذهب في هذا الكم الهائل من الشؤون والشجون لا ترتجي غير قول صاحبتها بين تلوينات هي مزاج الروح ومشغل الفؤاد وخلاصة النظر والتأويل في الحياة بين عوالم من الحكاية والأسطورة والسرد المفتوح على الحلم والبهجة العارمة...

من هنا ندخل عوالم الفنانة التشكيلية والباحثة هالة الهذيلي بن حمودة التي في مسيرتها الفنية والأكاديمية رأت في الفن مزارا للقول بما يعتمل في الدواخل وما يتشكل في الشواسع لأجل القيمة التشكيلية والعبارة الجمالية بما هما كون حياة وكتاب وسيرة مفتوحة على النهر... نهر الفن اليانع شجنه وإيقاعه...

في سياق هذه التجربة للفنانة هالة ينتظم معرضها الفني التشكيلي الشخصي بعنوان "مزار 2" وذلك برواق الفنون علي القرماسي بالعاصمة في الفترة من 13 مايو/أيار الجاري إلى يوم 28 من ذات الشهر وفيه حوالي 30 لوحة فنية من مختلف الأحجام لتعكس في مجملها حيزا من "الرحلة البصرية في طريق الصياغة بالأبيض والأسود من خلال معالجة الخط والنقطة والسكب والتركيب لعناصر تعبيرية مختلفة مستوحاة من ظلال الأجسام ورقصاتها وحركاتها وسكناتها.. وتتشابك الخطوط في محاورة الأبيض والامتداد لتتمازج الأحبار مع مواد عضوية فتتفاعل بطرق مختلفة وتتولد تشكلات عفوية تلقائية من خلال انبات متجدد للوسيط الطبيعي المتمثل في الحلفاء بتمريره على القماشة بحركات متسارعة وسط قطرات حبر متفرقة ومتنوعة بالأبيض والأسود...".

تنوعت معارض ومشاركات الفنانة والباحثة هالة الهذيلي بن حمودة وحضورها الفني الجمالي من خلال الندوات العلمية والفعاليات التشكيلية..

والدكتورة هالة الهذيلي بن حمودة حاصلة على دكتوراه في علوم وتقنيات الفنون من جامعة تونس ونالت الجائزة الوطنية للفلسفة، كما تشغل حاليا رتبة أستاذ مساعد في نظريات الفن بالمعهد العالي للفنون الجميلة جامعة سوسة وهي فنانة بصرية دأبت على التبصر في مواضيع اليومي الحيني وصوره المتراوحة بين التفصيلي والكلي في المساقات التعبيرية المزدوجة والجامعة بين التمثيلي والتجريدي المتخيل ضمن معالجات غرافيكية خطية وتجارب لونية متعددة تبحث من خلال إشكاليات الاستدامة والمتغيرات السمعية البصرية في مساقات الفنون المعاصرة... ولها عدة مسؤوليات وأنشطة ضمن العديد من الجمعيات ذات الضلات بالثقافي الأكاديمي والتشكيلي.

وضمن التجربة الفردية في الفنون التشكيلية لها الكثير في ممارسة فنون التصوير والرسم والفوتوغرافيا والاشتغال على تطويع التقنيات المزدوجة في بناء تعبيري متعدد ومتراوح بين التجريد والتمثيل وتشغل التركيبة المتجزئة وإشكاليات الصور المقتطعة من اليومي ومزجه مع الخيال وهو التوجه التصويري في أسلوب البحث الجمالي والفكري والتطبيقي.

حازت على شهادة الدكتوراه في علوم وتقنيات الفنون بملاحظة: مشرف جدا سنة 2004 بعد شهادة الماجستير في الفنون التشكيلية بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس.

لوحة
عناصر تعبيرية مختلفة بالأبيض والأسود

وشاركت في عدد من الدورات التكوينية والبيداغوجية منها المشاركة بدورة تكوينية حول طرق البيداغوجيا المعاصرة ودور التقنيات الحديثة والرقمية، وبخصوص البحوث والإصدارات لها إسهامات في عدة إصدارات ومجلات محكمة ومقالات فنية مختلفة تحوم حول آليات البناء المعرفي وبيداغوجيا الصورة الفنية ورهانات الطفرة الرقمية بين التنظير والممارسة وإشكاليات الممارسات الإبداعية النسوية بالعالم العربي...

شاركت في بينال حول الفنون زمن الأزمة تابع للمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس، وفي الملتقى المتخصص حول الفنون المرتحلة تابع للجمعية المتوسطية للفنون التشكيلية المعاصرة، وفي المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التونسيين، وذلك إلى جانب معرض فني تشكيلي تابع لجمعية رقش تنسيقية صفاقس، والمعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين بتونس، ومعرض تشكيلي ضمن نشاط رابطة الفنون التشكيلية، ومعرض فردي بعنوان "مزار" بصفاقس، وبملتقى المنستير للمبدعات كرئيسة لجنة التحكيم في المسابقة وفي صالون الحروفية، فضلا عن المشاركة في بينالي الشارقة للخط 2020، ومع المجموعة الدولية الرقمية بالأبيض والأسود، ومعرض فني تابع لجمعية رقش تنسيقية المهدية، والحصول على منحة دعم وزارة الشؤون الثقافية لمشروع فني ثنائي حول الاستثمار والاستدامة في الثقافة الفنية بتونس في 2019، والمشاركة بعمل فني في معرض الفنون المعاصرة التابع لأيام قرطاج للفنون المعاصرة في مدينة الثقافة، وتأطير الطلبة ضمن مشروع فني تبادلي في أيام الورشات المفتوحة لجمعية براكسيس بسوسة أبريل/نيسان، والمشاركة بعمل تجهيز في الفراغ في مشروع الحرقة ضمن شراكة بين جمعية برج القلال وجمعية تفنن العالمية، والمشاركة بأيام الفنون المعاصرة ضمن مهرجان المحرس الدولي، ومشاركة بأيام الاتحاد الفني للفوتوغرافيين العرب بتطاوين، والمشاركة بمؤتمر التاريخ والصناعات البصرية بعمان مسقط، والمشاركة بمؤتمر التاريخ والمدارس الفنية بالدوحة قطر التابع لمعهد الدوحة للدراسات العليا في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، والمشاركة في بينالي الشارقة للخط العربي ضمن دعوة رسمية، والمشاركة في مؤتمر الثقافة والإبداعات الرقمية بمسقط التابع للنادي الثقافي، وفي ملتقى الفن والسياسي التابع للقلعة الكبرى بسوسة في2017، والمشاركة بمؤتمر وسائل التواصل الاجتماعي بكلية العالم والاتصال بجامعة السلطان قابوس سلطنة عمان...

وهي في معرضها هذا برواق الفنون علي القرماسي بشارع شارل ديقول بالعاصمة تواصل نهجها الفني الجمالي وفق بحثها الأكاديمي حيث التجربة في تواصلها مع أسئلة الفن المتعددة.

معرض وتجربة مفتوحة على الدأب والاشتغال والفن هو هذا الذهاب المفتوح وفق رؤية وحلم وبحث لتبرز الأعمال الفنية كمحصلة تعكس الهواجس والرغبات الدفينة الكامنة في ذات الفنانة منذ ولعها الأول بالفن وإلى هذه الفترة من المسيرة.