هالة مستغانمي الرسامة الحالمة بالسفر

فسحة الرسامة الشغوفة مع التلوين حيث رغباتها الجمة في الرسم كطفلة حالمة بالسفر الآخر.
النفس الأمارة بالجمال نحتا لهبوب ناعم مثل فراشات من ذهب الأمكنة
بهاء مبثوث في الوجوه والحالات المقيمة بجهات شتى

من عوالم الذات وهي تتحسس خطاها الأولى نحو التلوين إلى الشغف المفعم بالإحساس العميق حيث الرسم مجال لا بد منه لقول النفس وهي تنشد إلى ما به، تتجمل الحياة بأمكنتها ومشاهدها وتفاصيلها. إنها النفس الأمارة بالجمال نحتا لهبوب ناعم مثل فراشات من ذهب الأمكنة.
ثمة هيام وغرام تجاه التلوين بعيدا عن صخب الحياة وانتباها لإيقاعات المتعبين والمأخوذين بالوجيعة. ثمة بهاء مبثوث في الوجوه والحالات المقيمة بجهات شتى. من الجنوب وجربة وأمكنة أخرى تبرز مشهديات تشكيلية تعمل ضمنها الفنانة بحساسية ومشاعر ديدنها الوفاء للحالات وناسها ووجوهها في ضروب من التعبيرية الانسانية والوجدانية. 

fine arts
ضروب من التعبيرية الانسانية والوجدانية

نعني هنا الفنانة التشكيلية هالة مستغانمي عياري التي جعلت من اللوحة إطارا للإبلاغ عن حساسيتها ووعيها الإنساني بالمحبة. المحبة تجاه الناس مواضيع رسوماتها في رحلة مع الفن بوصفه ترجمان حب وتواصل وأحاسيس.
لوحات متعددة لوجوه منها المرأة السمراء من الجنوب والنسوة بالسفساري والمرأة والرجل واللباس الجربي والنظر الآخر بالأزرق للسقيفة الكحلة بالمهدية المعلم التاريخي الشهير والفتاة صاحبة المطرية الماشية تحت المطر في لمسة من شاعرية الحال والوجه الموجوع في سمرته وهيئته الدالة والمرأة باللباس التقليدي، الرجل بشاشيته ومشيته الواثقة والحامل للفانوس في المدينة حيث الحوانيت والأقواس.. وغيرها من الأعمال الفنية التي ستكون متاحة في معرض فني خاص ينتظم قريبا.
هي فسحة هالة الرسامة الشغوفة مع التلوين حيث رغباتها الجمة في الرسم كطفلة حالمة بالسفر الآخر. السفر في مشاهد عبر نظرة من شاعرية اللحظة وموسيقاها، كل ذلك لتقول بالفن لعبة جميلة للخلاص من الضجيج والقلق والفراغ في أيام الناس وحياتهم. إنه الفن الملاذ والسكينة وإعادة اكتشاف الذات في بعدها الآخر.. الوجداني والإنساني والحميمي. وعن تجربتها وبداياتها تقول الفنانة هالة "... الرسم والتلوين وعوالم السحر الكامنة فيهما.. كل ذلك كانت علاقتي به قديمة جدا حيث الشغف والولع كالطفل السابح في طفولته حلما وبراءة وحركة، وحتى عملي جعلني في صلب الفن بحكم الاعتناء والشغل بالقطع التراثية والفنية والتقليدية من أثاث وأعمال فنية كما كانت لي زيارات إلى معارض وأروقة بالخارج ما عرفني على فنانين أجانب منهم الفنان التركي حبيب فراقي. أخذت مسألة الفن بجد وبدأت مع الرسم الزيتي بعد بدايات بالقلم، ومنحني الزيتي مجالات عمل جمة في العلاقة باللوحة والموضوع .
أقف أمام اللوحة بهيبة احترام وتقدير كبير لجدلية اللحظة الإبداعية في الرسم فضلا عن الإحساس العميق الذي ينتابني وأشعر به في كل أعمالي موجودا في عمق العملية الفنية التي اهتممت خلالها بمواضيع شتى منها الأشياء اليومية والمرأة والطفولة والحالات الاجتماعية والمشاهد المختلفة وسعيت لتكريم الناس المتعبين في لوحاتي حيث الفن عندي رسالة إنسانية من ذلك الاهتمام بالناس في الجنوب ومشاهد الحياة اليومية. 
كل لوحة من لوحاتي مثلت علاقة خاصة لي معها لحظة الرسم والتلوين. الرسم يمنحني إحساسا كبيرا خاصة عندما يمتزج العمل الفني بالموسيقى في لحظات مخصوصة. إنها العلاقة الحميمة الحاضرة في اللوحة .. علاقة حب ووجد وعذاب جميل مع القماشة.  

fine arts
حب وتواصل وأحاسيس

الشعر والرسم عالمان ممتعان تنضاف إليهما الموسيقى وكل ذلك في أجواء من حضور الخيال. أنا أحب الشعر فهو يثري الفن كالموسيقى تماما. إنها موجات الإبداع الساحرة في بحر هذه الحياة. أعد لمعرضي القريب الذي يضم عددا من لوحاتي المتنوعة في مواضيعها ولكنها تلتقي في ذاتي التي ترى الأشياء والتفاصيل والعالم بشكلها الخاص. هناك تجارب تونسية مهمة ولكني معجبة بتجربة مدرسة تونس وخاصة تجربة الفنان الكبير الراحل الزبير التركي. أحببت أعماله الفنية وتعامله مع الألوان كما يعجبني الشغل الفني للفنان الكبير الراحل محمود السهيلي. 
أنا أرسم لأبرأ وأشفى من الأمراض الإنسانية وبعملي الفني الذي يتخير العزلة بعيدا عن ضجيج العالم والبشر. أعيش إحساسا مرهفا وقد أبكي وأنا بصدد الرسم ومواجهة مساحة اللوحة في حضرة الموسيقى. أتمنى النجاح لمعرضي القادم وأقول للفنانة هالة، لنفسي، واصلي عملك واحرصي على أن تكوني أنت أي أن تشبهي ذاتك فقط في الرسم والإحساس والنهج الفني والتلوين وحافظي على إحساسك الموجع هذا والمولد للإبداع وعلى حبك للموسيقى والشعر ...".  
الرسامة هالة ولدت في تونس من أم تونسية وأب جزائري وكانت شغوفًة بالفنون والطبيعة ليكون الفن منفذاً لكل مشاعرها، سواء من خلال الموسيقى أو الرقص أو الرسم وفي حوالي عام 2000  أصبحت مهتمة أكثر فأكثر بفن الرسم بعد أن كانت ترغب في تعلمه وإتقانه لأجل تضمينه في قوة التعبير لديها.  أرادت أن تشارك المقربين منها جمال الحياة من خلال عينيها وأحلامها واستلهاماتها وأثناء حصص تعلمها لفن الرسم، أحاطت نفسها بفنانين تونسيين مثل الفنانين محمد غيلن ومصطفى ريث وطارق فخفاخ . كانت فخورة وممتنة للغاية لتعلمها بعض تقنياتهم وأساليبهم التي أدرجتها في إحساسها الجمالي لتطوير أسلوبها الشخصي.  هي فنانة تعتز بأصولها وببلدها ما جعلها تظل وفية  للموضوعات القريبة من جذورها والتي تبرز جمال تونس التي أحبتها.  تطورت تجربتها على مر السنوات ونما شعورها الجمالي وثقتها بنفسها ورغبتها في الازدهار كفنانة وسعت لتطوير هذه الهواية إلى مهنة منظمة. وبعد 21 عامًا من الخبرة وها هي تفكر في أول افتتاح لمعرض خاص بها.
وفي هذا الجانب سيضم المعرض الفردي هذا عددا متنوعا من لوحاتها التي اشتغلت على إنجازها خلال السنوات الماضية مع لوحات جديدة ما يمكن أحباء الرسم والمعارض الفنية من الاطلاع على تجربتها التي تقول إنها مواصلة فيها وبجدية هي من حرصها ووعيها الفني الجمالي الدؤوب.