هان كانغ أول كورية جنوبية تفوز بنوبل للآداب

الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم تمنح كانغ الجائزة لنثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية.

ستوكهولم - أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم المانحة لجائزة نوبل الخميس فوز الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ البالغة 53 عاما بجائزة نوبل للآداب لعام 2024 لتصبح الأولى من بلدها تنال هذه المكافأة المرموقة.

وأوضحت لجنة التحكيم في بيان أن هان كانغ التي تكتب قصائد وروايات باللغة الكورية، نالت الجائزة "عن نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية".

وكرّست هان كانغ نفسها للفن والموسيقى أيضا، إلى جانب الكتابة، وهو ما ينعكس في مجمل نتاجها الأدبي.

ولاحظت الأكاديمية السويدية أن "أعمال هان كانغ تتميز بهذا التعرض المزدوج للألم، والتوافق بين العذاب العقلي والعذاب الجسدي، في ارتباط وثيق بالفكر الشرقي".

وبذلك، كافأت جائزة نوبل للآداب شخصية أدبية من منطقة في العالم غير أوروبا أو أميركا الشمالية، مع أن كتّابا منتمين إلى الثقافة الغربية يهيمنون عادة عليها إلى حد كبير.

وهان كانغ هي أول كورية جنوبية تفوز بجائزة نوبل للآداب، وبدأت مسيرتها في عام 1993 بنشر عدد من القصائد في مجلة أدبية وظهرت بواكير أعمالها النثرية في عام 1995 بمجموعة قصص قصيرة بعنوان "حب يوسو". وألفت مجموعة من الأعمال أشهرها عالميا و"الكتاب الأبيض" و"أفعال البشرية" و"دروس يونانية".

ودرست كانغ اللغة الكورية وآدابها في جامعة يونسي، المعروفة بأنها إحدى أفضل الجامعات في كوريا الجنوبية، وحازت على كثير من الجوائز الأدبية المحلية والدولية، منها "جائزة مان بوكر الدولية" وهي إحدى الجوائز الأدبية الرئيسية للمؤلفين الذين يكتبون باللغة الإنكليزية، وذلك في عام 2016 عن روايتها "ذي فيدجيتيريان" The Vegetarian (أي 'النباتية') التي كتبتها عام 2007.

وحققت هان كانغ نجاحا عالميا بهذا الكتاب المؤلّف من ثلاثة أجزاء والذي يصور العواقب العنيفة لرفض بطلة الرواية يونغ هاي أكل اللحوم، مما جعل محيطها ينبذها بقساوة. وتروي الكاتبة في هذه القصة كيفية استغلال يونغ هاي "شهوانيا" من قبل صهرها فنان الفيديو.

ويتبع القارئ بعد ذلك الانزلاق التدريجي للشخصية الرئيسية إلى الذهان الذي سيقودها إلى مصحّة للمصابين بأمراض نفسية.

وقال السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية ماتس مالم "لقد تحدثت معها بالهاتف. كانت تقضي يوما عاديا، وانتهت للتو من تناول العشاء مع نجلها. لم تكن مستعدة حقا لهذا الأمر، لكننا بدأنا الحديث عن الاستعدادات لشهر ديسمبر/كانون الأول"، موعد تسليم الجائزة.

وأفاد رئيس لجنة نوبل أندرس أولسون للصحافيين أن الكاتبة المولودة في 27 نوفمبر/تشرين الأول 1970 في غوانغجو بكوريا الجنوبية، تتمتع "بوعي فريد بالروابط بين الجسد والروح، وبين الأحياء والأموات، ومن خلال أسلوبها الشعري والتجريبي، تعتبر مبتكرة في مجال النثر المعاصر".

ورأت عضو الأكاديمية آنا كارينا بالم أن "ثمة استمرارية لافتة في المواضيع التي تتناولها" هان كانغ، لكنها رصدت "في الوقت نفسه تنوعا هائلا في الأسلوب يجعل من كل كتاب بُعدا جديدا أو تعبيرا جديدة عن هذه المواضيع الأساسية".

وتتميز هان كانغ أيضا بكونها امرأة ملتزمة، فهي كانت مدرجة في "قائمة سوداء" تضم نحو عشرة آلاف شخصية ثقافية في كوريا الجنوبية متهمة بانتقاد الرئيسة بارك غن هاي التي تولت السلطة بين عامي 2013 و2017.

واتُهم عدد من المقربين من السلطة بأنهم أرادوا حرمان هؤلاء الفنانين من أي مساعدة عامة أو أي تمويل خاص، فضلاً عن وضعهم تحت المراقبة.

وكان الرئيس السابق كيم داي جونغ الذي تولى السلطة بين 1998 و2003 الكوري الجنوبي الوحيد سبق هان كانغ عام 2000 إلى نيل جائزة نوبل، ولكن تلك المخصصة للسلام، عن "جهوده من أجل السلام والمصالحة مع كوريا الشمالية".

وهيمنت على جائزة نوبل الآداب منذ إنشائها رؤية غربية وذكورية، إذ من بين 121 فائزا بها، اقتصر عدد النساء على 18. وتستخدم أقلية من المؤلفين الفائزين بها لغات دول آسيا أو أفريقيا أو الشرق الأوسط، أي تلك التي تشذ عن نطاقات الإنكليزية والفرنسية والاسكندنافية والألمانية والسلافية والإسبانية والإيطالية.

ولم يفز بالجائزة إلا كاتب واحد بالعربية هو المصري نجيب محفوظ عام 1988، مقابل 16 مؤلفا بالفرنسية. وفي العام الماضي، نال نوبل الآداب الكاتب المسرحي النروجي يون فوسه.

وكان من بين المرشحين المفضلين لدى المراهنين قبل الإعلان الكاتب الصينية كان شيويه وعدد من المرشحين المحتملين الدائمين الآخرين مثل الكيني نغوغي وا ثيونغو والأسترالي جيرالد مورنان والكندية آن كارسون.

ويرى كثيرون أن جائزة الآداب ضمن جوائز نوبل هي الأكثر سهولة في الحصول عليها ومن ثم يلاحق اختيارات الأكاديمية ثناء وانتقادات بالقدر نفسه غالبا.

وترك إغفال الأكاديمية لقمم أدبية مثل الروسي ليو تولستوي والفرنسي إميل زولا والإيرلندي جيمس جويس كثيرين من قراء الأدب يتساءلون عن السبب على مدار القرن الماضي.

وحظي فوز المغني والمؤلف الموسيقي الأميركي بوب ديلان بجائزة نوبل للآداب عام 2016 بإشادة واسعة باعتبار فوزه يمثل انقلابا جذريا لرؤية ماهية الأدب، لكن الفوز اعتبر تجاهلا لمؤلفي الأنواع الأدبية الأكثر تقليدية.

وتُمنح جوائز مؤسسة نوبل التي أنشئت في 9 يونيو/حزيران عام 1900، تنفيذا لوصية السويدي المهندس المخترع ألفريد نوبل، لمن يقدمون خدمات للإنسانية.