هجمات الحوثيين على منشآت لأرامكو تستنفر الكويت

عملاق النفط السعودي يبذل جهودا مكثفة لطمأنة الأسواق وضمان استقرار الأسعار ، وسط توقعات بتعاف سريع للمنشآت المتضررة من الاعتداءات الحوثية.

السعودية تلجأ لمخزونها الضخم للحفاظ على استقرار أسواق النفط
هجوم الحوثيين على منشأتين لأرامكو يشوش على الطرح الأولي للشركة
اعتداءات الحوثيين على أرامكو استهداف لإمدادات الطاقة العالمية

الكويت/الرياض - استنفرت اعتداءات الحوثيين على منشآت نفطية سعودية بطائرات مسيرة إيرانية الصنع، الكويت التي أمرت بتشديد الإجراءات الأمنية فيها، وسط أنباء عن مشاهدة طائرة مسيرة تحلق فوق أجواء البلاد.

وقالت صحيفتا الرأي والقبس الكويتيتان اليوم الأحد إن السلطات تحقق في تقارير عن مشاهدة طائرة مسيرة فوق البلاد وتقوم بالتنسيق مع السعودية ودول صديقة أخرى بعد الهجوم الذي وقع يوم السبت على منشأتين نفطيتين بالمملكة.

وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح وجّه القيادات العسكرية والأمنية إلى تشديد الإجراءات الأمنية حول المواقع الحيوية داخل البلاد واتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على أمن البلاد والمواطنين والمقيمين على أراضها من كل خطر محتمل.

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بالإنابة أنس الصالح في تغريدات على صفحة رئاسة مجلس الوزراء على تويتر عقب اجتماع حضرته قيادات عسكرية وأمنية، إن القيادات الأمنية قدمت لرئيس الوزراء ايجازا عن الوضع الأمني في المنطقة وآخرها ما تعلق بالعمليات التخريبية التي طالت منشآت نفطية سعودية، مضيفا أن رئاسة الأركان أكدت أنها على تواصل وتنسيق مستمر مع نظرائها في المملكة والدول الصديقة والشقيقة.

وفيما تحركت الكويت لتشديد الإجراءات الأمنية تحسبا لأي طارئ بما في ذلك عمليات تخريبية، تبذل شركة أرامكو السعودية جهودا كبيرة لطمأنة الأسواق بعد تعرض اثنين من منشآتها النفطية لهجوم تخرييبي، ما قد يهدد بزعزعة ثقة المستثمرين مع اقتراب موعد طرح جزء من أسهم الشركة للاكتتاب العام الأولي، بحسب ما ذكر محللون.

وتسببت هجمات بالطائرات المسيرة السبت في انفجارات أدت إلى اندلاع النيران في معملي بقيق أكبر منشأة في العالم لمعالجة النفط وخريص المجاور الذي يضم حقلا نفطيا شاسعا شرق السعودية، ما أدى إلى توقف نصف إنتاج النفط السعودي.

وفي ما تبنى المتمردون الحوثيون المدعومون من طهران في اليمن المجاور، حيث يخوض التحالف الذي تقوده الرياض حربا مستمرة منذ خمس سنوات على الميليشيا الانقلابية المدعومة من إيران، المسؤولية عن الهجمات، وجهت واشنطن أصابع الاتهام مباشرة إلى طهران في ما وصفته بـ"الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة العالمية".

وأدت الهجمات إلى انخفاض إمدادات النفط العالمية بنسبة 6 بالمئة ما أثار احتمال ارتفاع الأسعار بشكل كبير مع فتح الأسواق أبوابها الاثنين، حتى بعد أن أعلنت أرامكو أنها ستستخدم مخزوناتها الاحتياطية للتعويض عن نقص الإنتاج.

وقال خبير الطاقة روبرت رابيير "أسوأ الاحتمالات لرفع الأسعار لمستويات أعلى، وقوع حادث يتسبب في توقف إنتاج كمية كبيرة من النفط في السعودية".

وأضاف "إذا استطاعوا إعادة الإنتاج بسرعة كبيرة أو استطاعوا على الأقل طمأنة الأسواق وهم يستطيعون ذلك، فربما لا نشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار".

ولم يتضح بعد الحجم الفعلي للأضرار أو الفترة التي سيستغرقها إصلاح المنشأتين، لكن المحللين حذروا من أن عدم توفر المعلومات سيزيد من تكهنات المتعاملين في السوق.

الهجوم على منشآت نفط سعودية يستهدف ارباك سوق النفط والتشويش على عملية الطرح الأولي لأرامكو
الهجوم على منشآت نفط سعودية يستهدف ارباك سوق النفط والتشويش على عملية الطرح الأولي لأرامكو

ومنعت السلطات السعودية المعروفة بحرصها على السرية، الصحافيين من الاقتراب من المنشأتين وسط إجراءات أمنية مشددة.

وفي مسعى لتهدئة الأسواق، صرح الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين ناصر بأن العمل جار لاستئناف الإنتاج بطاقته الكاملة.

وذكرت شبكة 'بلومبرغ نيوز' الإخبارية أن أرامكو تتوقع استئناف معظم العمليات "خلال أيام"، بينما قالت ايلين وولد مؤلفة كتاب "الشركة السعودية" إن لدى المملكة "كميات كبيرة من النفط المخزّن لتلبية طلب المستهلكين ولا أعتقد أن أرامكو ستخسر أموالا بسبب ما حدث".

وأوضحت أن أرامكو "ليست شركة مضطرة لضخ النفط وبيعه لتوفير رواتب موظفيها مثل شركات النفط الصغيرة".

وبنت الرياض خمس منشآت تخزين ضخمة تحت الأرض في عدة مناطق من البلاد قادرة على استيعاب عشرات ملايين البراميل من المنتجات البترولية المكررة على أنواعها والتي يمكن استخدامها في أوقات الأزمات.

من غير المرجح أن تعيق الاعتداءات الحوثية عملية طرح جزء من أسهم مجموعة أرامكو للاكتتاب العام الأولي، لكن يمكن أن تشوش على ثقة المستثمرين في الاكتتاب الضخم

وقال علي شهابي مؤسس "مركز الجزيرة العربية" الموالي للسعودية والذي تم إغلاقه "كل المنشآت الرئيسية في العالم معرضة للإرهاب، ولذلك فإن المستثمرين سيحكمون على أرامكو من حيث سرعة تعافيها من هذه الهجمات"، مضيفا "إن لديهم بالتأكيد خططا منذ عقود للتعامل مع هذه الأحداث".

ومن غير المرجح أن تعيق الهجمات عملية طرح جزء من أسهم مجموعة أرامكو للاكتتاب العام الأولي، لكن يمكن أن تشوش على ثقة المستثمرين في الاكتتاب الضخم الذي تأمل الحكومة السعودية أن تجمع من خلاله 100 مليار دولار. كما يمكن أن تؤثر على قيمة الشركة.

وتأجلت عملية الاكتتاب التي كانت مقررة في 2018 مرارا بعد أن تردد أنه لم يكن من الممكن أن تصل قيمة الشركة إلى 2 ترليون دولار كما ترغب السعودية.

وقال ايهم كمال المحلل في مجموعة "يوراسيا" إن "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيدفع الشركة لتثبت أنها تستطيع أن تتغلب بشكل فعال على تحديات الإرهاب أو الحرب".

وأضاف "لكن الهجمات يمكن أن تعقّد خطط أرامكو للاكتتاب الأولي نظرا لزيادة المخاطر الأمنية والتأثير المحتمل على قيمة الشركة". وبالنسبة للكثير من المتعاملين في السوق فإن الخسارة المؤقتة للإنتاج أمر ثانوي.

وبخلاف دول نفطية كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا التي تعتمد على العديد من الشركات المنتجة المنتشرة على بقع جغرافية شاسعة، فإن انتاج النفط السعودي يعتمد على كيان واحد هو ارامكو.

وهذا يعني أن السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، أكثر عرضة لوقف الإنتاج في حال تعرضها لهجوم، بحسب ما يرى محللون.

وقال مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الذي مقره واشنطن في تقرير إن منشأة بقيق، التي تعتبر جوهرة التاج في البنى التحتية السعودية وتزيد قدرتها على سبعة ملايين برميل يوميا، أكثر المنشآت السعودية عرضة لخطر الإرهاب الحوثي الإيراني.