هجمات متبادلة تقرب الهدنة في قره باغ من الانهيار

قصف واتهامات متبادلة بين يريفان وباكو تؤجل عملية تبادل الأسرى بين الجانبين كان يفترض أن تبدأ الأحد، بينما لم يتضح بعد متى ستتم أو إن كانت ستنفذ من الأصل.
الهدف من الهدنة هو تبادل الأسرى ورفات القتلى
التوتر يخيم على قره باغ مع استئناف قصف متقطع بين باكو ويريفان
الاتحاد الأوروبي يعرب عن قلقه من انتهاك باكو ويريفان للهدنة الانسانية

باكو/يريفان - تواجه الهدنة الإنسانية التي توسطت فيها روسيا بإقليم ناغورنو قرة باغ خطر الانهيار بشكل متزايد بعد يوم من الاتفاق عليها، إذ تبادلت أذربيجان وأرمينيا اليوم الأحد الاتهامات بارتكاب انتهاكات خطيرة وجرائم بحق المدنيين. وقالت باكو إنها شنت ضربات جوية.

وكان الهدف من وقف إطلاق النار السماح للقوات العرقية الأرمنية في ناغورنو قرة باغ والقوات الأذربيجانية بتبادل الأسرى وقتلى الحرب. وتحققت الهدنة بعد محادثات مطولة في موسكو دعا إليها الرئيس فلاديمير بوتين.

وكانت محادثات موسكو أول اتصال دبلوماسي بين الجانبين منذ اندلع القتال في 27 سبتمبر/أيلول. ويحظى الإقليم باعتراف دولي باعتباره جزءا من أذربيجان لكن سكانه وحكامه ينتمون للعرق الأرمني.

واتهم كل من الجانبين الآخر بانتهاك وقف إطلاق النار فور سريانه يوم السبت وأعطت أذربيجان الانطباع في تصريحات علنية من جانب كبار المسؤولين أنها تعتبره هدنة قصيرة.

وقالت باكو اليوم الأحد، معلنة أول هجوم منذ بدء سريان الهدنة، إنها شنت ضربات جوية على فرقة أرمينية وكبدتها خسائر جسيمة، بينما قال متحدث باسم حاكم ناغورنو قرة باغ، إنه ليس لديه معلومات عن هذا الهجوم.

واتهمت أذربيجان في وقت سابق الأحد أرمينيا بقصف عنيف لمنطقة سكنية في كنجة ثانية أكبر مدنها في الساعات الأولى من الصباح وإصابة مبنى سكني.

وقال مكتب المدعي العام في أذربيجان إن تسعة أفراد قتلوا وأصيب 34 في الهجوم الذي ذكر أنه انتهاك لبنود اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين. وشوهد رجال الإنقاذ في كنجة وهم يحملون قتيلا من بين أنقاض مبنى سكني كبير صباح اليوم الأحد بعد أن سوي بالأرض. كما شوهدت جرافة ترفع الأنقاض. وتعرضت مبان وسيارات في محيط المبنى لأضرار جسيمة. وقالت باكو إن أكثر من 40 مدنيا قتلوا وأصيب نحو 200 منذ تجدد الصراع.

ووصفت وزارة الدفاع الأرمينية مزاعم أذربيجان عن الهجوم على كنجة بأنها "محض كذب"، متهمة أذربيجان بمواصلة قصف المناطق السكنية في الإقليم بما يشمل خانكندي أكبر مدن ناغورنو قرة باغ.

وأظهرت لقطات صورتها رويترز في خانكندي منزلا صغيرا وقد لحقت به أضرار من القصف شملت النوافذ والسقف. وقالت السلطات في قرة باغ إن خمسة مدنيين قتلوا منذ بدء سريان الهدنة أمس السبت وقتل 429 جنديا منذ اندلاع القتال الشهر الماضي.

واتهمت أذربيجان أرمينيا كذلك بشن هجوم صاروخي فاشل على محطة لتوليد الكهرباء من المساقط المائية في مينجاتشفير. ونفت قوات أرمنية في قرة باغ صحة هذا الاتهام.

ووصف أرايك هاروتيونيان زعيم إقليم ناغورنو قرة باغ الوضع بأنه هادئ نسبيا صباح اليوم الأحد، لكنه قال إنه لا يعلم إلى متى سيستمر الهدوء مشيرا إلى أن التوتر مستمر على جبهة القتال.

واتهم قوات أذربيجان بالقيام بمحاولة فاشلة للسيطرة على بلدة هادروت وقال إن عملية تبادل الأسرى بين الجانبين كان من المفترض أن تبدأ اليوم الأحد، لكن لم يتضح بعد متى ستتم أو إن كانت ستنفذ من الأصل.

وكان تجدد الاشتباكات في الصراع القائم منذ عشرات السنين قد أثار مخاوف من نشوب حرب أوسع تشارك فيها تركيا حليفة أذربيجان وروسيا التي تربطها بأرمينيا اتفاقية دفاعية.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو طلب من نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي اليوم الأحد الضغط على أرمينيا للالتزام بشروط الهدنة.

وأعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأحد أن الاتحاد يعرب عن "قلقه البالغ" لانتهاكات وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره باغ.

وقال بوريل في بيان "اطلعنا بقلق بالغ على تقارير تحدثت عن استمرار الأنشطة العسكرية وخصوصا ضد أهداف مدنية وعن سقوط ضحايا مدنيين".

وأضاف أن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 "تحض طرفي النزاع على ضمان احترام كامل للاتفاق على الأرض"، داعيا طرفي الصراع إلى "الدخول بمفاوضات جوهرية بدون تأخير برعاية ما يسمى مجموعة مينسك".

وتضم مجموعة مينسك فرنسا وروسيا والولايات المتحدة وقد حاولت لعقود إيجاد حل لنزاع ناغورني قره باغ، لكن بدون نتيجة.

ويأتي تصريح بوريل بعد الإعلان عن وقف لإطلاق النار السبت، لكن مع ذلك تواصل القتال في حين اتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية عن انتهاكه.

وانفصل إقليم ناغورني قره باغ الذي تقطنه أغلبية أرمنية، عن أذربيجان بعد حرب أوقعت 30 ألف قتيل في تسعينات القرن الماضي. وتدعم أرمينيا الحكومة الانفصالية.

ومن المقرر أن يصل وزير خارجية أرمينيا إلى موسكو غدا الاثنين لإجراء محادثات مع مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

كما أججت الاشتباكات المخاوف على أمن خطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز من أذربيجان إلى أوروبا.

والمعارك هي الأسوأ منذ حرب دارت بين عامي 1991 و1994 وقتل فيها 30 ألفا تقريبا وانتهت بوقف لإطلاق النار تعرض لانتهاكات متكررة.