هجوم إرهابي دموي يهز تونس بعد عامين من الاستقرار الأمني

 وزارة الداخلية التونسية تعلن مقتل 6 من عناصر الدرك الوطني في منطقة قريبة من الحدود الجزائرية في هجوم إرهابي هو الأول منذ مارس 2016، بينما تضاربت الأنباء حول حصيلة القتلى.

الاعتداء الإرهابي يأتي بينما تشهد تونس أزمة سياسية حادة
تضارب الأنباء حول الهجوم وحصيلة القتلى
الإرهاب يطرق أبواب تونس في أوج الموسم السياحي
ساسة تونس يغرقون في حسابات انتخابية وأمنها يدفع ثمن الخلافات

تونس - أعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان الأحد مقتل ستة من عناصر الأمن التونسي في كمين نصبته مجموعة إرهابية في شمال غرب البلاد لدورية أمنية من سيارتين رباعيتي الدفع على مقربة من الحدود مع الجزائر، بعدما كانت أفادت في حصيلة أولية عن مقتل ثمانية من عناصر الدرك الوطني.

وتضاربت الأنباء في البداية حول حصيلة القتلى حيث أفادت مصادر بمقتل 9 أمنيين في منطقة عين سلطان بمحافظة جندوبة في هجوم بقنبلة يدوية على سيارة رباعية الدفع للدرك الوطني تلاه تبادل لإطلاق النار بين المجموعة الأمنية والعناصر الإرهابية.

كما أشارت المصادر إلى إرسال تعزيزات لمنطقة الهجوم وتسيير دوريات لتمشيط المنطقة.

وتحدثت معلومات أخرى عن اقتحام مجموعة إرهابية لمركز أمني حدودي وتفجيره وسط تبادل لإطلاق النار.

لكن البيان الصادر عن وزارة الداخلية التونسية قال إن "دورية تابعة لفرقة الحدود البرية للحرس الوطني (الدرك) بعين سلطان على الشريط الحدودي التونسي الجزائري تعرضت إلى كمين تمثّل في زرع عبوة ناسفة أسفر عن استشهاد ستة أعوان".

وأشار البيان إلى أن الهجوم وقع الساعة عند الساعة 11:45 بالتوقيت المحلي.

ووصف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد سفيان الزعق الهجوم بـ"العملية الإرهابية"، مشيرا إلى أن المجموعة "فتحت النار على الأمنيين" بعد استهدافهم بلغم، مضيفا "تتم الآن عمليات تمشيط بحثا عن الإرهابيين".

وتأتي الحادثة بينما تستعد تونس لموسم سياحي تتوقع السلطات أن ينتشل القطاع من سنوات الركود التي أعقبت اعتداءات إرهابية دموية قتل فيها عشرات السياح الأجانب وعناصر أمنية.

الأمن التونسي يتعرض مجددا لاعتداء ارهابي
الاجراءات الأمنية لم تحل دون وقوع اعتداء ارهابي جديد في تونس

والعملية الأخيرة بمحافظة جندوبة بالشمال الغربي هي أول عملية إرهابية تتعرض لها تونس منذ الهجوم الذي استهدف في فجر السابع من مارس/اذار  2016 مدينة بن قردان بالجنوب التونسي على الحدود مع ليبيا، حين شنت مجموعة إرهابية متزامنة على ثكنة عسكرية ومقرات أمنية في محاولة لعزل المدينة وإقامة "إمارة إسلامية"، وفق ما أعلنت السلطات التونسية حينها.

وقتل في هجوم مارس/اذار 13 عنصرا من قوات الأمن والجيش وسبعة مدنيين، في حين قتل 55 ارهابيا على الأقل.

ولا تزال حالة الطوارئ سارية في تونس منذ الاعتداءات الدامية التي وقعت في 2015، عندما استهدفت هجمات متحف باردو في العاصمة ومنتجعا سياحيا في سوسة مخلفة ستين قتيلا بينهم 59 سائحا أجنبيا.

وقطع هجوم عين سلطان الأخير الهدوء والاستقرار الأمني الذي شهدته تونس خلال العامين الماضيين.

وكان رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد قد تحدث مرارا عن تحقيق الاستقرار الأمني كواحد من أهم الانجازات، في الوقت الذي أعلنت فيه الداخلية التونسية في أكثر من مناسبة عن تفكيك خلايا جهادية وإحباط العديد من الهجمات الإرهابية.

ويأتي الاعتداء الإرهابي الدموي أيضا فيما تشهد تونس أزمة سياسية حادة في ظل خلافات وانقسامات ودفع شديد من قبل شق من حزب نداء تونس (الذي ينتمي له الشاهد) وأيضا من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية تتمتع بنفوذ اجتماعي وسياسي قوي) لإقالة رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

الهجوم يأتي في ذروة الاسترخاء الأمني وعقب إقالة وزير الداخلية لطفي براهم المتحدر من سلك الأمن

وأرخت الأزمة السياسية في تونس بظلال ثقيلة على المشهد العام في تونس في ظل التحركات الرامية لإقالة الحكومة.

وكان لافتا أيضا أن الاعتداء الإرهابي جاء بعد فترة قصيرة من إقالة وزير الداخلية التونسي لطفي براهم من منصبه في 6 يونيو/حزيران على خلفية غرق مركب للمهاجرين في ما بات يعرف إعلاميا بكارثة قرقنة التي هلك فيها أكثر من 60 مهاجرا معظمهم تونسيون.

وحملت الحكومة قوات الأمن المسؤولية عن الحادث، مشيرة إلى وجود تقصير أمني، لكن قراءة للمشهد التونسي في الفترة التي سبقت إقالة براهم تشير إلى حسابات ومساومات سياسية بين نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية الشريكين في الحكم، حيث كشفت مصادر سياسية حينها أن النهضة عرضت على النداء التخلي عن منصب شيخ مدينة تونس الذي فازت به سعاد عبدالرحيم في الانتخابات المحلية مقابل إقالة لطفي براهم وهو شخصية أمنية تتدرج في المناصب إلى أن تم تعيينه وزيرا للداخلية وعرفت تونس في فترة ادارته للداخلية استقرارا أمنيا ملحوظا.

وعين الشاهد وزير العدل غازي الجريبي وزيرا للداخلية بالنيابة مع احتفاظه بمنصبه الأول (وزيرا للعدل) في ازدواجية مهام متضاربة وفي مهمة تحتاج للتفرغ لا لإدارة منصبين في الوقت ذاته.

ويعتقد أن إقالة لطفي براهم خلقت إرباكا في التماسك والحضور واليقظة الأمنية المطلوبة خاصة وأن كل هدوء العمليات الإرهابية لم يكن أبدا مؤشرا على نهاية الإرهاب في تونس.

وزير الداخلية التونسي المقال لطفي براهم
اقالة لطفي براهم هل اربكت عمل الاجهزة الأمنية

وكان لطفي براهم بدوره قد أقال 10 مسؤولين أمنيين على خلفية كارثة قرقنة.

وسبق العملية الإرهابية الأخيرة، إحباط هجومين كبيرين بحسب ما سبق وأن أكدته مصادر أمنية.

ويعني ذلك أن خطر الإرهاب كامن ومنتظر في أي لحظة وكانت المؤشرات على وقوع اعتداءات إرهابية تفترض في حدّها الأدنى متابعة دقيقة وإجراءات استباقية.

ويبدو أيضا أن تونس دخلت خلال أقل من عامين حالة من الاسترخاء الأمني استغلها الإرهابيون لتنفيذ اعتداء عين سلطان.

وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن تستثمر تونس الهدوء الأمني لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية، شهدت نزالات سياسية  استباقا لانتخابات 2019 ما عطل عمل مؤسسات الدولة.

ويقول محللون إن الحديث أو الدفع لإقالة الحكومة أو رئيسها أو إجراء تعديل وزاري موسع يؤثر بشكل سلبي جدا على عمل أجهزة الدولة، حيث لا يعرف هذا المسؤول أو ذاك ما إذا كان سيستمر في منصبه أو لا وبالتالي لن يواصل مهامه بالشكل المطلوب.