هجوم باب المندب يسلط الضوء على إرهاب الحوثيين وإيران

اعتداء الحوثيين على ناقلتي نفط سعوديتين في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر يأتي بعد تهديد إيران بوقف صادرات النفط من منطقة الخليج ردا على حملة أميركية تستهدف خفض إيرادات النفط الإيرانية إلى الصفر.

هجوم باب المندب فرصة لتحرك دولي ضد الحوثيين
دور إيراني وراء تصعيد الحوثيين في باب المندب
تراخي دولي في التعامل مع خطر بات يمثله الحوثيون على الملاحة البحرية
الإمارات والسعودية حذّرتا مرارا من إرهاب الحوثيين
الاعتداء على الناقلتين السعوديتين يؤكد أهمية تحرير الحديدة ومينائها

دبي - أعاد الاعتداء الحوثي على ناقلتي نفط سعوديتين في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر تسليط الضوء على الخطر الذي بات يشكله المتمردون المدعومون من إيران على الملاحة والتجارة البحرية الدولية عبر هذا الممر الاستراتيجي.

وقد يشكل الهجوم الحوثي فرصة لدول نفطية كالسعودية والإمارات لاستقطاب المزيد من الاهتمام الدولي بهذه المسألة الملحة.

 وسبق للسعودية والإمارات أن حذّرتا من الخطر الذي يمثله المتمردون الحوثيون على الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر، لكن مستوى التجاوب الدولي مع التحذيرات السابقة لم يرق إلى مستوى المطلوب.

 ويأتي تصعيد الحوثيين بعيد تهديد الرئيس الإيراني حسن روحاني في الثالث من يوليو/تموز بإيقاف صادرات منطقة الخليج النفطية في حال وقف صادرات بلاده على ضوء حملة أميركية تستهدف خفض إيرادات النفط الإيراني إلى الصفر.

ويشير توقيت الاعتداء الحوثي إلى أن دور إيراني في تأجيج التوتر بباب المندب ضمن ضغوط تمارسه طهران لكبح الحملة الأميركية لخفض إيرادات النفط الإيرانية للصفر.

ويرى خبراء أن هجوم المتمردين اليمنيين على ناقلتي النفط في مضيق باب المندب في البحر الأحمر يوفّر للسعودية والإمارات فرصة للعمل على استقطاب دعم دولي أكبر لحربهم ضد المتمردين الحوثيين ولمعركة تحرير ميناء الحديدة.

ويحذّر الخبراء من أن الهجوم، ورغم أن تأثيره على أسواق النفط سيكون محدودا، إلا أنه قد يدفع دولا كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا للانخراط بشكل أكثر مباشرة في النزاع المستمر في اليمن منذ سنوات.

وعقب هجوم الأربعاء، أوقفت السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، بشكل مؤقت كل شحنات النفط عبر الممر المائي الرئيسي.

باب المندب في مرمى نيران الحوثيين
تغافل دولي عن خطر الحوثيين يضع مضيق باب المندب في مرمى الإرهاب الإيراني

وأعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في بيان نشرته وسائل الإعلام الرسمية "تعليق جميع شحنات النفط الخام عبر مضيق باب المندب بشكل فوري مؤقت...إلى أن تصبح الملاحة خلاله آمنة".

وبحسب شركة ارامكو، عملاقة النفط السعودي، فإن ناقلتي النفط العملاقتين تابعتان للشركة الوطنية السعودية "البحري". وكانت كل منهما تحمل مليوني برميل من النفط لدى تعرضهما للهجوم في مياه البحر الأحمر.

وأضافت الشركة أن إحدى الناقلتين تعرضت "لأضرار طفيفة دون أن تقع أية إصابات".

إلا أن المتمردين زعموا عبر قناة "المسيرة" المتحدثة باسمهم، أنهم استهدفوا بارجة سعودية "بصاروخ مناسب"، من دون أن يشيروا إلى ناقلتي النفط.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي إن تعليق شحنات النفط "يوفر للسعودية والإمارات فرصة لدفع المجتمع الدولي نحو التركيز على إيجاد حل للحرب الأهلية" في اليمن.

وتابع "تعليق شحنات النفط قد يؤدي إلى تصاعد النزاع مع احتمال تدخل قوى خارجية لمساندة السعودية".

وتقود السعودية منذ مارس/آذار 2015 تحالفا عسكريا دعما للقوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومدينة الحديدة ومناطق أخرى. والإمارات شريك رئيسي في التحالف.

ويشن التحالف منذ 13 يونيو/حزيران هجوما على ساحل البحر الأحمر، تقوده الإمارات، باتجاه مدينة الحديدة لتحرير مينائها.

وعلق التحالف هجومه بعدما وصل إلى مشارف المدينة، مطالبا المتمردين بالانسحاب منها وتسليم مينائها ضمن قرار يستهدف إعطاء فرصة لجهود المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث لإحياء مفاوضات السلام اليمنية المجمدة ولتجنب التصعيد العسكري.

ويقول التحالف إن الميناء يشكل منطلقا للهجمات التي يشنها المتمردون في البحر الأحمر. كما يتهم إيران، الخصم اللدود للسعودية في المنطقة، بتهريب السلاح للحوثيين عبره.

وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على حسابه على تويتر الخميس إن "استهداف ناقلتي النفط السعوديتين في البحر الأحمر يؤكد ضرورة تحرير الحديدة من ميليشيات الحوثي. الاعتداء الممنهج على الملاحة البحرية تصرف إرهابي أهوج".

وكان المتحدث الرسمي باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي قال في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الأربعاء إن "الهجوم الإرهابي يشكل تهديدا خطيرا لحرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر".

وتابع أن "استمرار هذه المحاولات يثبت خطر هذه الميليشيا ومن يقف خلفها على الأمن الإقليمي والدولي، ويؤكد استمرار استخدام ميناء الحديدة كنقطة انطلاق للعمليات الهجومية الإرهابية".

وتزامن الهجوم وإعلان السعودية تعليق شحنات النفط مع وصول المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث إلى صنعاء لإجراء محادثات مع المتمردين بهدف استئناف عملية السلام وتجنيب مدينة الحديدة الحرب.

ويربط باب المندب في البحر الأحمر ببحر العرب ويعتبر أحد أبرز مسارات النفط والتجارة في المنطقة والعالم.

وتعبر ناقلات النفط الخليج عبر المضيق للدخول إلى البحر الأحمر متوجهة نحو أوروبا عبر قناة السويس.

ويعبر نحو 4.8 ملايين برميل نفط الممر يوميا، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وتمثل كمية النفط هذه 8 بالمئة من إمدادات النفط العالمية، مقارنة بـ30 بالمئة تمر عبر مضيق هرمز.

وارتفعت أسعار الخام بشكل طفيف بعد هجوم الأربعاء، لكن خبراء في قطاع النفط استبعدوا أن تستمر هذه الزيادة لوقت طويل.

وقال الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي إن "التعليق السعودي المؤقت سيدفع نحو زيادة الأسعار لمدة محددة".

وأوضح أن القرار "سيتسبب بتأخير شحنات النفط لمدة 15 يوما إذ سيتوجب على ناقلات النفط التوجه نحو جنوب القارة الإفريقية".

ويرى الحرمي أن التأثير الأكبر سيكون "عسكريا"، إذ أن الهجوم قد يصبح "سببا في تواجد بحري أكبر للعديد من الدول، وخصوصا الولايات المتحدة وروسيا، ما قد يدفع نحو المزيد من التوترات" المتصاعدة أصلا مع محاولة واشنطن التضييق على قطاع النفط الإيراني.