
هجوم بثمانية صواريخ يستهدف السفارة الأميركية في بغداد
بغداد - نددت السفارة الأميركية في العراق بتعرض مجمعها في المنطقة الخضراء ببغداد اليوم الأحد لهجوم بثمانية صواريخ، قائلة إنه تسبب في أضرار طفيفة ولم يسفر عن سقوط قتلى أو مصابين.
وهذا الهجوم هو الأحدث في سلسلة هجمات قرب مجمع السفارة الأميركية ويأتي في خضم توتر متصاعد بين إيران والولايات المتحدة قبل أقل من شهر على مغادرة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب للبيت الأبيض.
ويأتي الهجوم كذلك وسط استعدادات عراقية وإيرانية لاحياء الذكرى الأولى لمقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في غارة أميركية بطائرة مسيرة في الثالث من يناير/كانون الأول.
ويضم الحشد الشعبي ميليشيات موالية لإيران تضغط عسكريا حتى قبل مقتل سليماني والمهندس بانسحاب القوات الأميركية من العراق وهو مطلب لطالما رددته طهران.
وتحولت الساحة العراقية إلى ساحة حرب بالوكالة حيث تتهم واشنطن ميليشيات عراقية موالية لإيران بشن هجمات على قواتها ومصالحها في العراق.
وسبق أن هددت تلك الميليشيات باستهداف القوات الأجنبية على الأراضي العراقية باعتبارها قوات احتلال، لكن رئيس الوزراء العراقي أوضح بعد قرار البرلمان العراقي الداعي لسحب تلك القوات، أنها جاءت للعراق بطلب من الحكومات المتعاقبة للمساعدة في الحرب على الإرهاب.
ودعت السفارة الأميركية في بيان "جميع القادة السياسيين والحكوميين العراقيين إلى اتخاذ خطوات لمنع مثل هذه الهجمات ومحاسبة المسؤولين عنها"، فيما كان وزير الخارجية مايك بومبيو قد لوح سابقا بإغلاق السفارة إذا استمرت الهجمات، لكن هذا القرار مستبعد خاصة وأن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة انتقال للسلطة.

وقال الجيش العراقي في وقت سابق اليوم الأحد إن ثمانية صواريخ أصابت المنطقة الخضراء مما أسفر عن إصابة جندي عراقي وألحق أضرارا بالمباني عندما انفجرت صواريخ أطلقت دفعة واحدة قرب السفارة الأميركية في بغداد.
وسمعت في شرق العاصمة العراقية ما لا يقل عن دوي خمسة انفجارات تبعها اطلاق صفارات الإنذار. وبعد لحظات، سمع صوت إطلاق نيران متتالية وشوهدت أعمدة من التوهجات الحمراء أضاءت سماء المنطقة، ما يشير إلى أن نظام الدفاع الصاروخي "سي-رام" الخاص بالسفارة الأميركية تم تفعيله.
وأصدرت قوات الأمن العراقية بيانا ذكرت فيه أن الهجوم أحدث أضرارا مادية لكنه لم يسفر عن سقوط ضحايا. وقال مصدر أمني إن ثلاثة صواريخ سقطت قرب مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية فيما أصاب صاروخان آخران أحياء سكنية منفصلة.
وقال عراقي يعيش في مجمع سكني محصّن في الطرف الآخر من الشارع حيث مقر السفارة، إن مبناه أصيب بأضرار، مضيفا دون الكشف عن هويته "الجميع يبكون ويصرخون. زوجتي فقدت أعصابها من كل تلك الأصوات المروعة".
واستُهدفت السفارة الأميركية وغيرها من المواقع العسكرية والدبلوماسية الأجنبية بعشرات الصواريخ والعبوات الناسفة منذ خريف العام 2019.
وحمّل مسؤولون غربيون وعراقيون جماعات متشددة بينها كتائب حزب الله العراقي الموالية لإيران مسؤوليتها.
ووافقت هذه المجموعات في أكتوبر/تشرين الأول على هدنة مفتوحة، لكن يبدو أن هجوم الأحد يُشكّل ثالث خرق لها.
ووقع الأول في 17 نوفمبر/تشرين الثاني وشهد سقوط وابل من الصواريخ على السفارة الأميركية وأجزاء مختلفة من العاصمة العراقية، ما أسفر عن مقتل امرأة.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول، تم استهداف قافلتين تنقلان معدات لوجستية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمساعدة القوات العراقية في محاربة الجهاديين بعبوات ناسفة.
وأعلنت جماعات يعتبرها مسؤولون أميركيون وعراقيون واجهة لفصائل مسلحة معروفة متحالفة مع إيران مسؤوليتها عن الهجمات، لكن في خطوة غير عادية، أدانت عدة فصائل هجوم الأحد.
وقال رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على تويتر "ليس من حق أحد استعمال السلاح خارج إطار الدولة". وحتى كتائب حزب الله الجماعة التي تم تحميلها مسؤولية هجمات أخرى، أصدرت بيانا على الإنترنت جاء فيه أن "قصف سفارة الشر في هذا التوقيت يعد تصرفا غير منضبط وعلى الجهات المختصة متابعة الفاعلين وإلقاء القبض عليهم. ندين الرمي العشوائي للثكنة العسكرية في السفارة لما تسببه من تهديد حقيقي على حياة المدنيين".
ولعل الهدف من البيان تهدئة التوتر قبيل الذكرى السنوية الأولى لضربة أميركية بطائرة مسيرة في 3 يناير/كانون الثاني الماضي في بغداد التي قتل فيها سليماني والمهندس.
وقال مسؤولون غربيون وعراقيون إنهم يعتقدون بأن إيران تسعى للمحافظة على الهدوء قبيل مغادرة ترامب للبيت الأبيض الشهر المقبل.
وانتهج الرئيس الأميركي سياسة "الضغط القصوى" على إيران التي ضغطت أيضا على حلفائها في العراق المجاور.
وصرح مسؤولان عراقيان كبيران في وقت سابق من هذا الشهر بأن البعثة الدبلوماسية الأميركية سحبت بالفعل موظفيها جزئيا بسبب المخاوف الأمنية. ووصفا الخطوة بأنها خفض صغير لأعداد الموظفين بناء على تحفظات أمنية من الجانب الأميركي لا قطيعة في العلاقات الدبلوماسية.