هدأت المعارك في طرابلس لكن الأيادي لاتزال على الزناد

توقعات تشير إلى أن الوسيط الأممي غسان سلامة يتفاوض على اتفاق أوسع نطاقا لاقتسام السلطة يتم بموجبه ضم المزيد من المسلحين بهدف تأمين العاصمة الليبية بعد توسطه في هدنة هشّة على حافة الانهيار بين لحظة وأخرى.

الهدنة الهشة قد لا تصمد طويلا في طرابلس المضطربة
الجماعات المسلحة تبدو الحاكم الفعلي في العاصمة الليبية
مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يشعر بالإحباط مع تعثر خطة السلام

طرابلس/تونس - خرج سكان العاصمة الليبية طرابلس من منازلهم لانتهاز فرصة وقف إطلاق النار بين الجماعات المسلحة، لكنهم لاحظوا أمرا واحدا على الفور وهو أن الفصائل لم تسحب أسلحتها الثقيلة من المواقع الإستراتيجية في المدينة.

وصمدت إلى حد كبير الهدنة التي توسطت الأمم المتحدة فيها يوم الثلاثاء بعد أسبوع من المعارك بين جماعات مسلحة محلية.

ودارت تلك المعارك التي خلّفت عشرات القتلى بين أربع جماعات مسلحة كبرى في طرابلس وخصوم لها من بلدات أخرى.

وكانت تلك الجماعات قد توحدت للإطاحة بمعمر القذافي في 2011 لكنها رفضت بعد ذلك إلقاء أسلحتها واستخدمتها في التنافس على مصادر التمويل العامة.

وعلى الرغم من سريان وقف إطلاق النار استعد السكان وحتى الدبلوماسيون للمزيد من أعمال العنف.

وسحبت الفصائل المسلحة شاحناتها التي تحمل المدافع المضادة للطائرات وفككت نقاط التفتيش التي أقامتها على الطرق، لكنها احتفظت بأسلحتها الثقيلة في مواقع رئيسية مثل مطار معيتيقة وعند الوزارات وبعض الشوارع الرئيسية في العاصمة.

وقال محمد وهو أحد السكان فضل ذكر اسمه الأول فقط "من الجيد أنه لا يوجد اقتتال الآن ولكن الطرفين لا يزالان في تمركزاتهما... أخاف أن تندلع الاشتباكات مرة أخرى في أي وقت".

وتوعدت الجماعات المسلحة باستئناف القتال إذا لم تسفر المحادثات التي يستضيفها مبعوث الأمم المتحدة الخاص غسان سلامة عن تسوية دائمة.

وقال أحمد بن سالم المتحدث باسم قوة الردع، إحدى أقوى الوحدات المسلحة في طرابلس "نحن ملتزمون بوقف إطلاق النار طالما لم يتم اختراقه من الطرف الآخر".

وتابع "قوتنا ما زالت متمركزة في مكانها... ونحن ننتظر ما الذي يستجد بخصوص وقف إطلاق النار".

وأكد اللواء السابع وهو الجماعة المنافسة الرئيسية لقوة الردع أنه سيبقى في مواقعه أيضا.

وفي خطاب حاد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء قال سلامة إن الجماعات التي تنتهك وقف إطلاق النار يجب أن تحاسب وإن وقت الإفلات من العقاب انتهى.

ويحاول سلامة منذ نحو عام تمهيد الطريق لإجراء انتخابات عامة، لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل حول ما الذي يعتزم فعله إذا انتهكت الهدنة.

وقال طارق المجريسي وهو زميل زائر بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "من المشجع أنه قال صراحة إن الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي".

وأضاف "لكن كالمعتاد، تفاصيل التنفيذ غائبة... كيف ستُطبق إجراءات المراقبة والعقاب التي ذكرها عمليا؟"

وقال دبلوماسي غربي "ينبغي لسلامة أن يقوم بعمل جريء الآن، لكن ليس من الواضح ما الذي باستطاعته أن يفعله. إذا لم يحدث شيء ستكون تلك استراحة للميليشيات لاستجماع قوتها".

الميعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في لقاء سابق مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج
وساطة أممية أفضت الى هدنة هشة في العاصمة الليبية

وفي غياب جيش وطني أو قوات حفظ سلام أجنبية، فإن الحل الوحيد القصير الأمد هو السماح لبعض الجماعات المسلحة من خارج طرابلس بدفع رواتب مقاتليها من الأموال العامة.

وكان تحويل المسلحين الشبان إلى موظفين عموميين الهدف الأساسي للسياسات منذ 2011 لكنه لم ينجح على الإطلاق.

ومع تزايد شره الجماعات المسلحة واستنزاف الخزينة العامة لدفع رواتبها، لم يعد هناك ما يذكر من أموال لإصلاح المستشفيات والبنية التحتية المتداعية مما دفع الشباب المحبط إلى الانضمام لتلك الجماعات.

وتبحث الفصائل المسلحة بدورها عن مصادر جديدة للتمويل. وقال دبلوماسيون إن المسلحين الذين يوفرون الأمن للوزارات يجبرون المسؤولين على إصدار خطابات ائتمان موجهة للواردات.

ويستخدم المسلحون تلك الخطابات للحصول على عملة صعبة يمكن تغييرها في السوق السوداء بأسعار أعلى.

وبعد سقوط القذافي حاولت القوى الغربية تدريب جيش ليبي، لكن تلك الخطة توقفت في 2014 عندما انقسم حكم البلاد بين إدارتين متنافستين في الشرق والغرب.

وغيرت تلك القوى منذ ذلك الحين من أساليبها مما سمح للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس بإضفاء الشرعية على جماعات مسلحة كبرى ودفع أموال عامة لها ومنحها ألقابا من أجل الاستقرار.

ومن المتوقع الآن أن يتفاوض سلامة على اتفاق أوسع نطاقا لاقتسام السلطة يتم بموجبه ضم المزيد من المسلحين بهدف تأمين العاصمة.

وتأتي هذه التطورات فيما يخطط قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر للتحرك لإعادة الاستقرار إلى طرابلس في ظل عجز حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج مرارا في لجم إفلات السلاح.

ونقلت وسائل إعلام ليبية عن حفتر قوله الخميس "تحرير العاصمة طرابلس وفق خطة مرسومة يعد خيارا لا مناص منه".

وأضاف أن الأزمة في طرابلس يجب أن تنتهي في أسرع وقت، مشيرا إلى أنه لا يمكن السكوت على الوضع الراهن هناك.

ومنذ اندلاع القتال في طرابلس ساندت قنوات تلفزيونية موالية لحفتر اللواء السابع القادم من بلدة ترهونة جنوبي العاصمة، لكن قوات ترهونة تتعاون مع قائد إسلامي هو صلاح بادي المعارض لحفتر.

وتوضح تلك التحالفات الهشة مدى صعوبة مهمة سلامة، سادس مبعوث من الأمم المتحدة إلى ليبيا منذ 2011، في البناء على وقف إطلاق النار.

إدارة الجهاز الحكومي الذي يمد كامل ليبيا بمياه الشرب يحذر من توقف ضخ المياه في العاصمة طرابلس ومدن غربي البلاد مع استمرار انهيار شبكة الكهرباء الناجم عن مواجهات مسلحة شهدتها طرابلس

وقال من التقوا به في الآونة الأخيرة إنه محبط من عدم تحقيق تقدم منذ الكشف قبل نحو عام عن خطة سلام تشمل صياغة دستور جديد وتشكيل حكومة وطنية.

وقال دبلوماسي إن نجاح سلامة سيعد "انتصارا مفاجئا" بالنسبة له، لكن إن لم ينجح فإن مكانته في ليبيا سوف تتضرر.

وعادت حركة الملاحة الجوية لمطار معيتيقة الدولي بالعاصمة الليبية طرابلس اليوم الجمعة، بعد توقفها أسبوعا نتيجة لسقوط قذائف عشوائية بجانب المطار ما تسبب في إغلاقه بحسب مسؤول بالمطار.

وقال لطفي الطبيب مدير المطار، إن حركة الملاحة الجوية عادت صباح اليوم الجمعة باستئناف عدد من الرحلات بعد توقف دام أسبوعا.

وأضاف الطبيب أن "المطار استقبل أول رحلة صباح اليوم قادمة من المدينة المنورة وتقل عددا من الحجاج الليبيين وهناك رحلة أقلعت قبل قليل متجهة لتونس".

وأشار الطبيب إلى أن شركات النقل الجوية لم ترجع بشكل كامل، هناك بعض الشركات فقط استأنفت رحلاتها من مطار معيتيقة وهناك شركات أخرى سترجع تدريجيا لاستئناف عملها خلال الساعات القادمة.

وكانت السلطات الليبية علقت الجمعة الماضية حركة الملاحة الجوية بشكل كامل في مطار معيتيقة (غرب)، إثر سقوط قذائف عشوائية بجانب المطار.

وتم تحويل جميع الرحلات الدولية والداخلية إلى مصراتة (غرب)، نظرا لإغلاق المطار.

ولليوم الثالث على التوالي، يسود الهدوء الحذر العاصمة الليبية طرابلس بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار الثلاثاء برعاية أممية، فيما ارتفع عدد قتلى المواجهات المسلحة إلى 66 شخصا.

وفي تطور آخر حذرت إدارة الجهاز الحكومي الذي يمد كامل ليبيا بمياه الشرب الجمعة، من توقف ضخ المياه في العاصمة طرابلس ومدن غربي البلاد حال استمرار انهيار شبكة الكهرباء الناجم عن مواجهات مسلحة شهدتها طرابلس.

جاء ذلك في بيان لجهاز إدارة وتنفيذ مشروعات النهر الصناعي الليبي (مزود البلاد بمياه الشرب)، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك.

وقال البيان إن "حقول آبار المياه بمنظومة الحساونة- سهل الجفارة (شبكة أنابيب لنقل المياه)، تعرضت منذ أمس (الخميس) وحتى اليوم (الجمعة)، إلى انقطاع كامل للتيار الكهربائي".

وأضاف "سيوثر ذلك (انقطاع التيار)علي تدفق المياه عبر الخطوط الرئيسية".

وأكد أنه مع استمرار الانقطاع "سيكون هناك توقف كامل لضخ المياه (غربي البلاد)".

والخميس حدث انهيار كامل في الشبكة العامة للكهرباء جنوبي وغربي ليبيا، نتيجة تضرر خطوط نقل الطاقة جراء المواجهات المسلحة التي شهدتها العاصمة مؤخرا، ما أدى إلى دخول المنطقة في حالة ظلام تام قبل أن يعود التيار اليوم الجمعة لبعض المناطق.