هدنة الأضحى تريح الأفغان ولا تطمئنهم

وقف إطلاق النار في أفغانستان سيكون في حال تطبيقه الثالث منذ اندلعت الحرب في 2001، وقد لا يصمد طويلا إذا لم تفرج حكومة أشرف غني عن كل سجناء طالبان.  
الأفغان يطالبون بوقف دائم لإطلاق النار قبل مباحثات السلام
هدنة عيد الأضحى قد تعيد عملية السلام المتعثرة إلى مسارها
اتفاق الدوحة يؤمن خروج القوات الأجنبية ولا يؤمن السلام للأفغان

كابول - رحّب الأفغان الأربعاء بوقف إطلاق للنار مدته ثلاثة أيام، لكنّهم طالبوا بأن يكون دائما وذلك بعدما أعلنت الحكومة وحركة طالبان عن هدنة لبدء مفاوضات مباشرة خلال أسبوع.

وأعلن الغريمان الثلاثاء وقفا مؤقتا لإطلاق النار يبدأ أول أيام عيد الأضحى الجمعة ويستمر خلال العطلة في ثالث هدنة فقط خلال الحرب المستمرة منذ 19 عاما.

وقال صاحب متجر في كابول يدعى علي إنّ ثلاثة أيام ليست كافية، مضيفا "نريد سلاما إلى الأبد. لنا الحق في العيش بسلام مثل باقي البلاد. نريد أن يتقدم بلدنا. جميعنا من كبار وصغار، مرهقون من هذه الحرب".

وعرضت طالبان التي رفضت لسنوات بحزم دعوات الحكومة لوقف إطلاق النار وضاعفت هجماتها حتى بعد توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة، الهدنة بعدما تحدث الرئيس الأفغاني أشرف غني عن تحقيق تقدم في عملية تبادل السجناء التي عرقلت بدء المحادثات.

وقال غني أثناء خطاب أدلى به في القصر الرئاسي "للتعبير عن التزام الحكومة بالسلام، ستستكمل جمهورية أفغانستان الإسلامية قريبا إطلاق سراح 5000 سجين من طالبان"، في إشارة إلى عدد متمردي الحركة المحتجزين لدى السلطات والذي كان من المفترض أن يتم الإفراج عنهم بموجب اتفاق أبرمته طالبان مع واشنطن في فبراير/شباط. وتعد عملية تبادل السجناء حاسمة لجهة إطلاق المفاوضات.

وأضاف غني "نتطلع عبر هذه الخطوة لبدء المفاوضات المباشرة مع طالبان خلال نحو أسبوع"، في الوقت الذي أكد فيه المتحدث باسم الرئاسة صديق صديقي أن كابول ستلتزم بوقف إطلاق النار، لكنه حذّر من أن الهدنة ليست كافية.

وقال "يطالب الشعب الأفغاني بوقف دائم لإطلاق النار وبدء محادثات مباشرة بين طالبان والحكومة الأفغانية".

وأعربت فوزية كوفي الناشطة الحقوقية البارزة وعضو فريق التفاوض الحكومي على تويتر عن "أملها التوصل لإطلاق نار دائم". وتمنى المهندس المدني احمد جاويد احمدي وقفا دائما لإطلاق النار يتبعه "سلام للأبد".

ورحب كبار المسؤولين الأميركيين بهذه التطورات بما فيهم المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاده والذي من المتوقع أن يلتقي الأربعاء بمسؤولين حكوميين في كابول.

وألمحت الحركة الجهادية المسلحة الأسبوع الماضي أنها مستعدة أيضا للتفاوض بعد عطلة العيد. وأمر المتحدّث العسكري باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في بيان عناصر الحركة "بالامتناع عن تنفيذ أي عمليات ضد العدو خلال أيام عيد الأضحى الثلاثة حتى يقضي السكان العيد باطمئنان وسعادة"، لكنه أضاف أن أي هجوم "يشنّه العدو" سيقابل بالقوة.

وستكون الهدنة حال تطبيقها ثالث وقف رسمي لإطلاق النار منذ اندلعت الحرب في أفغانستان عام 2001. وتم وقف إطلاق النار في يونيو/حزيران 2018  ومايو/مايو هذا العام.

وأثار وقف إطلاق النار سابقا ارتياحا في جميع أنحاء أفغانستان، لكنه لم يدم طويلا إذ استأنف المتمردون بعد ذلك مباشرة الهجمات شبه اليومية.

ونصّ الاتفاق الذي أبرمته طالبان مع واشنطن في 29 فبراير/شباط على مغادرة جميع القوات الأجنبية لأفغانستان خلال الأشهر القادمة مقابل عدة تعهّدات أمنية قدّمها المتمردون.

كما نص على بدء طالبان وكابول محادثات سلام مباشرة في العاشر من مارس/اذار بعد استكمال عملية تبادل السجناء.

لكن الموعد انقضى وسط سجالات سياسية في كابول وخلافات بشأن تبادل السجناء، إذ أشارت السلطات الأفغانية إلى أن بعض سجناء طالبان الذين أطلق سراحهم عادوا للقتال.

وسلط غني الضوء على حصيلة المدنيين والعسكريين الذين لقوا حتفهم منذ أبرم الاتفاق، مؤكدا مقتل أكثر من 3500 جندي أفغاني. كما أفاد بأن 775 مدنيا قتلوا بينما أصيب 1609 آخرون بجروح.

وحمّلت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان حركة طالبان المسؤولية عن نحو نصف الضحايا المدنيين خلال النصف الأول من 2020، وحمّلت القوات الأفغانية المسؤولية عن نحو ربعهم.

ويقول مراقبون إن إراقة الدماء الأخيرة تسلط الضوء على تصميم طالبان على الضغط من أجل الحصول على سيطرة واسعة النطاق في أفغانستان وتؤكد ضعف ما تستطيع الولايات المتحدة فعله لوقفها.

وقال نيشانك موتواني نائب مدير وحدة البحث والتقييم في أفغانستان إن الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان "لم يكن يستهدف إحلال السلام في أفغانستان، بل تسهيل خروج يحفظ ماء وجه القوات الأميركية. تعتقد طالبان بشكل أساسي أنها حققت انتصارا".