
هدنة تاريخية تدخل حيز التنفيذ في أفغانستان
كابول - بدأ الأفغان يومهم السبت وسط آمال بتطبيق هدنة في أعمال العنف تستمر أسبوعا وتشكل شرطا مسبقا لتوقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في نهاية فبراير/شباط الجاري.
وقال سائق سيارة الأجرة في كابول حبيب الله "إنه صباح أول يوم يمكنني أن أخرج فيه بلا خوف من أن أُقتل بقنبلة أو بهجوم انتحاري وآمل أن يستمر ذلك دائما".
أما قيس حقجو وهو حداد في الثالثة والعشرين من العمر فقد بدا أقل تفاؤلا. وقال في ورشته في العاصمة الأفغانية "أعتقد أن الأميركيين يهربون ويفتحون الطريق لعودة طالبان وتوليهم الحكم كما حدث في منتصف تسعينات" القرن الماضي، مضيفا أن "السلام لن يأتي أبدا إلى هذا البلد".
وتهدف هذه الهدنة الجزئية أو "خفض العنف" إلى إثبات حسن نية المتمردين قبل أن يوقعوا في نهاية الشهر الجاري اتفاقا تاريخيا مع واشنطن حول انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من البلاد مقابل ضمانات أمنية. وتريد واشنطن تجنب أن تصبح أفغانستان من جديد ملاذا للإسلاميين المتطرفين.
ويفترض أن يفضي الاتفاق أيضا إلى بدء مفاوضات أفغانية تهدف إلى تقرير مستقبل البلاد، بينما كانت حركة طالبان قد رفضت طوال 18 عاما التفاوض مع السلطة الحاكمة معتبرة أنها "دمية" تحركها واشنطن.
وحُدد موعد تطبيق الهدنة التدريجية اعتبارا من منتصف ليل الجمعة السبت (19.30 ت غ الجمعة). أما الاتفاق بين الطرفين، فيفترض أن يتم توقيعه بالأحرف الأولى في 29 فبراير/شباط شرط تراجع الهجمات على كل الأراضي الأفغانية، كما تشترط واشنطن مسبقا.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "ما إن يتم تطبيقه (خفض العنف) بنجاح حتى يسير الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان قدما". ويشير بومبيو إلى الوعد الذي قطعه الرئيس دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية في 2016 بسحب الجيش من هذا البلد الذي يشهد أعمال عنف ولم يعد الوجود الأميركي فيه يحظى بشعبية.
من جهته صرح وزير الدفاع الأميركي مايك اسبر في تغريدة أنه إذا لم تبرهن طالبان على "التزامها بخفض حقيقي للعنف"، فإن الولايات المتحدة "تبقى مستعدة للدفاع عن نفسها وعن شركائها الأفغان".
وأكد بومبيو في بيان بعد زيارة إلى السعودية "نستعد للتوقيع في 29 فبراير/شباط"، بينما أفادت طالبان في بيان أن الأطراف المتحاربة ستخلق "وضعا أمنيا مناسبا"، مؤكدة أن الجانبين "اتفقا بعد مفاوضات طويلة توقيع الاتفاق الذي أنجز بحضور مراقبين دوليين في الموعد".
من جهته قال الرئيس أشرف غني إن "خطواتنا المقبلة بشأن عملية السلام ستعتمد على تقييم أسبوع خفض العنف وقوات الأمن الأفغانية ستبقى في وضع دفاع نشط خلال هذا الأسبوع".

وذكرت الأمم المتحدة السبت أن حوالى 3500 مدني قتلوا وجرح سبعة آلاف آخرين في 2019 بسبب الحرب في أفغانستان. وأكد الممثل الخاص للبعثة في أفغانستان تاداميشي ياماموتو "تأثر جميع المدنيين في أفغانستان شخصيا بطريقة أو بأخرى من العنف الجاري".
من جانبها رحبت موسكو على الفور "بالحدث المهم" للسلام بينما عبر حلف شمال الأطلسي عن ارتياحه لاتفاق يمهد الطريق إلى "سلام دائم". لكن يبدو أن هناك خلافا، فقد كتب المتحدث السياسي باسم طالبان سهيل شاهين في تغريدة أن "الاتفاق" سيعني رحيل "كل" القوات الأجنبية من أفغانستان.
وينتشر بين 12 و13 ألف عسكري أميركي في أفغانستان حيث خاضت الولايات المتحدة أطول حرب في تاريخها. كما تنتشر قوات لدول أجنبية أخرى في هذا البلد.
وصرح أحد أعضاء طالبان في إقليم مايوند بولاية قندهار (جنوب) "تلقينا أوامر من قادتنا تطلب منا الاستعداد لخفض أعمال العنف اعتبارا من السبت".
لكن حافظ سعيد هدايت القيادي الآخر في الحركة في قندهار، أكد أن خفض المعارك لن يطبق سوى "في المدن والطرق الرئيسية"، موضحا أن "هذا يعني أن العنف قد يستمر في بعض الأقاليم" الريفية.
وطرد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة حركة طالبان من السلطة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. وخاض المتمردون الذين كانوا يحكمون كابول منذ 1996 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2001، حملة متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أميركي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية.
وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في هذه الحرب التي قُتل فيها أكثر من عشرة آلاف مدني أفغاني منذ 2009، حسب أرقام الأمم المتحدة.