هدنة هشة في قره باغ لترميم الصفوف واستئناف الهجمات

أذربيجان وأرمينيا تتبادلان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار في ناغورني قره باغ وسط مخاوف من عودة الاقتتال وتدويل الصراع في منطقة تتداخل فيها مصالح الروس والأتراك وإيران والغرب.
روسيا: الهدنة في قره باغ ترجع إلى دواع إنسانية
طرفا الصراع في قره باغ سيتبادلان الأسرى وجثث القتلى

ستيباناكرت - أعلن طرفا الصراع في ناغورني قره باغ وقف إطلاق النار فجر السبت، في خطوة على ما يبدو أنها مناورة من كلا الطرفين لترميم الصفوف المنهكة من اشتباكات عنيفة استمرت لنحو أسبوعين والتجهيز لعمليات عسكرية جديدة في حرب من المرجح أن تتواصل في ظل التدخلات الأجنبية خصوصا التركية.

وتبادلت أرمينيا وأذربيجان السبت اتهامات بشن هجمات جديدة على الرغم من دخول الهدنة حيز التنفيذ والتي تم التوصل إليها إثر مفاوضات طويلة جرت في موسكو بعد أسبوعين من المعارك الكثيفة في إقليم ناغورني قره باغ الانفصالي.

والاتفاق الذي تم التوصل إليه السبت ودخل ظهرا حيّز التنفيذ، يبدو ساريا نسبيا إذ شهدت مدينة ستيباناكرت عاصمة الإقليم هدوء بعد معارك عنيفة استمرت أياما.

وأفادت مصادر إعلامية مختلفة بتوقف المعارك وبعدم سماع الصفارات التي كانت تنذر بهجمات وشيكة، لكن الأحياء خلت من المارة باستثناء بعض السكان الذي خرجوا للتموّن.

ووافق وزيرا خارجية أرمينيا وأذربيجان بوساطة روسية، على وقف إطلاق النار في مفاوضات استمرت أكثر من عشر ساعات وانتهت في وقت متأخر من ليل الجمعة السبت.

ويفترض أن يسمح وقف إطلاق النار الانساني بتبادل أسرى حرب وأشخاص آخرين وجثث القتلى، وفق الخارجية الروسية.

وانفصل إقليم ناغورني قره باغ ذات الغالبية الأرمنية، عن أذربيجان بعد حرب أوقعت 30 ألف قتيل في تسعينيات القرن الماضي.

وتتّهم باكو يريفان باحتلال أراضي الإقليم الذي شهد مرارا أعمال عنف.

وأسفرت المواجهات التي اندلعت في 27 سبتمبر/أيلول بين الانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ وأذربيجان عن مقتل أكثر من 450 شخصا، بينهم نحو 50 مدنياً. لكن الحصيلة الحقيقية للمعارك قد تكون أكبر بكثير، وفق ما أكدته عدة تقارير إعلامية.

وبعيد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، أكدت وزارة الخارجية الأرمينية أن أذربيجان اتخذت من محادثات وقف إطلاق النار ستارا للتجهيز لعمل عسكري.

بدورها اتهمت وزارة الدفاع الأرمينية القوات الأذربيجانية بأنها "شنت هجوما عند الساعة 12:05".

من جهتها أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن "أرمينيا تنتهك بشكل صارخ وقف إطلاق النار"، وتبادل الجانبان الاتّهامات بشن هجمات قبيل دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.

وذكر وزير خارجية أذربيجان جيهون بايراموف أن وقف إطلاق النار سيستمر فقط خلال الفترة التي يستغرقها الصليب الأحمر في ترتيب تبادل جثث القتلى.

وأضاف الوزير خلال مؤتمر صحفي في باكو أن الوضع الراهن على الأرض في الجيب الجبلي لا يناسب بلاده وتوقع أن تسيطر أذربيجان على المزيد من الأراضي بمرور الوقت، مؤكدا أن باكو "لا تنوي التراجع" عن مساعيها لاستعادة السيطرة على المنطقة."

مدن ناغورني قره باغ تعرضت لقصف مستمر لأسبوعين متتالين
مدن ناغورني قره باغ تعرضت لقصف مستمر لأسبوعين متتالين

تعرضت ستياباناكرت التي قصفت مراراً في الأيام الماضية، للقصف مرة أخرى صباح السبت، بحسب تقارير إعلامية، لكن بعد الظهر، كان الوضع أكثر هدوءاً باستثناء سماع دوي الانفجارات من بعيد، فيما أعرب عدد قليل من السكان عن قناعتهم بوجود فرصة لنجاح الهدنة.

وأعرب كثر في أذربيجان عن معارضتهم للهدنة. في باكو، وعبرت سيتارا ماميدوفا وهي طالبة تبلغ من العمر 20 عاماً عن "خيبة أملها" إزاء الخطوة، قائلةً "لا لوقف إطلاق النار! إما أن يغادر العدو أرضنا وإما أن يقتل فيها".

وفي بيان صدر في الساعات الأولى من صباح السبت بعد محادثات استمرت عشر ساعات، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي ساهم في الوساطة بين الجانبين، إن "اتفاق وقف إطلاق النار يرجع إلى دواع إنسانية".

وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر استعدادها لتسهيل تسليم جثث من سقطوا في القتال وتبادل المحتجزين.

وأضاف لافروف أن أرمينيا وأذربيجان اتفقتا على إجراء ما وصفها بمحادثات سلام جوهرية، مشيرا إلى أن المحادثات ستُجرى تحت رعاية مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وقالت أذربيجان إنها تريد تغيير شكل المحادثات وتحدثت عن رغبتها في ضم تركيا، واتهمت فرنسا اليوم السبت بأنها ليست وسيطا محايدا.

روسيا توسطت في مفاوضات وقف إطلاق النار في قره باغ
روسيا توسطت في مفاوضات وقف إطلاق النار في قره باغ

أما المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول، فقد شددت على "ضرورة استئناف المحادثات الجوهرية، دون شروط مسبقة".

وأجرى السبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً بالرئيس الإيراني حسن روحاني تباحثا فيه حول جهود الوساطة الروسية، وفق الكرملين.

وأشارت وزارة الخارجية التركية السبت إلى ان وقف إطلاق النار هو "أول خطوة مهمة، لكنه لن يحل مكان الحل الدائم".

وأضافت أنقرة حليفة باكو، أن اذربيجان منحت أرمينيا "الفرصة الأخيرة للانسحاب من الأراضي التي تحتلها"، مؤكدة أن "أذربيجان اثبتت لأرمينيا وللعالم انها تستطيع استعادة أراضيها المحتلة".

يأتي ذلك فيما يُخشى من تدويل الصراع في هذه المنطقة حيث لدى الروس والأتراك والإيرانيين والغرب مصالح، وتشجع أنقرة باكو على الهجوم فيما تلتزم موسكو بمعاهدة عسكرية مع يريفان.

وتتهم تركيا بتأجيج الصراع في ناغورني قره باغ بالمشاركة في القتال إلى جانب أذربيجان، وهو ما تنفيه أنقرة. وأفادت تقارير عدة عن إرسال مقاتلين موالين لتركيا من سوريا للقتال في قره باغ.