هدوء حذر في العراق ينذر برفض المحتجين وعود الحكومة

الاحتجاجات في مختلف المدن العراقية خلفت أكثر من 100 قتيل فضلا عن آلاف الجرحى.

بغداد - خيم هدوء حذر على مناطق العاصمة العراقية المختلفة اليوم، الأحد، بعد خمسة أيام متواصلة من الاحتجاجات العنيفة التي خلفت أكثر من 100 قتيل وأكثر من 4 آلاف جريح.
وأعلنت حكومة عادل عبدالمهدي عن جملة من قرارات وصفتها بـ"المهمة" في محاولة لامتصاص غضب المتظاهرين بعد أن قابلت احتجاجاتهم بالرصاص الحي.

وقالت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) إن حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي عقدت جلسة استثنائية مساء أمس السبت، استجابة لمطالب المتظاهرين وعموم المواطنين.
وصدرت عن الجلسة "قرارات مهمة" أبرزها فتح باب التقديم على الأراضي السكنية المخصصة لذوي الدخل المحدود والفئات الأخرى في المحافظات كافة، واستكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية على المستحقين في محافظة البصرة (جنوب) خلال فترة زمنية لا تتجاوز 4 أسابيع.
وتضمنت القرارات إعداد وتنفيذ برنامج وطني للإسكان يشمل بناء 100 ألف وحدة سكنية موزعة على المحافظات، ومنح الأولوية للمحافظات والمناطق الأكثر فقرا، على أن يتولى المحافظون كافة تشكيل لجان لفرز أسماء العوائل الأكثر حاجة للسكن في محافظاتهم، ورفع الأسماء إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلال مدة أسبوعين.
ونصت القرارات أيضا على تولي وزارة المالية تعزيز رصيد صندوق الإسكان من أجل زيادة عدد المقترضين وتمكينهم من بناء الوحدات السكنية على قطع الأراضي التي ستوزع على المواطنين، وتضمين ذلك في موازنة 2020، وتكون القروض معفاة من الفوائد.
إضافة إلى منح 150 ألفا من العاطلين ممن لا يملكون القدرة على العمل منحة شهرية قدرها 175 ألف دينار (147 دولارا) لكل شخص ولمدة 3 أشهر.
وشملت القرارات إنشاء مجمعات تسويقية حديثة (أكشاك) في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات تتوزع على العاطلين الـ150 ألفا المذكورين خلال مدة 3 أشهر.
فضلا عن إعداد برنامج لتدريب وتأهيل 150 ألفا من الشباب الخريجين وغير الخريجين مع صرف منحة مالية خلال فترة التدريب البالغة 3 أشهر قدرها 175 ألف دينار ا لكل شخص، وتشغيل من يجتاز منهم الدورات التدريبية بنجاح في الشركات الاستثمارية العاملة في العراق، أو منحهم قروضا ملائمة لتأسيس مشاريع متوسطة أو صغيرة.
كما تضمنت القرارات أن تتولى وزارة الدفاع فتح باب التطوع للشباب، وقيام وزارتي الدفاع والداخلية باتخاذ الإجراءات الأصولية لإعادة المفسوخة عقودهم في المحافظات كافة، وتولى وزارة التربية اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعاقد مع المحاضرين المتطوعين، وتولى وزارة الزراعة اتخاذ الإجراءات الأصولية لإعفاء الفلاحين من مبالغ استئجار الأراضي الزراعية المترتبة بذمتهم سابقا ولغاية نهاية العام الجاري.
ويتولى المحافظون وبالتنسيق مع دوائر الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تهيئة قوائم بالعوائل المحرومة المستحقة لغرض منحهم رواتب الرعاية الاجتماعية وبعدد 600 ألف عائلة.

لكن هذه القرارات لا تبدو أنها ستثني المحتجين من استئناف المظاهرات، حيث احتشد عدد منهم الأحد، في مناطق ساحة الخلاني القريبة من المنطقة الخضراء وسط بغداد ومناطق مدينة الصدر والأعظمية والشعلة والزعفرانية استعداداً لمواصلة الاحتجاجات، بحسب ناشطين.

وتنتشر قوات مكافحة الشغب بالقرب من تجمعات المتظاهرين وسط وشمال وشرق بغداد، فيما لا تزال العديد من الشوارع الرئيسة مغلقة ويتعذر حتى على الكثير من الموظفين الذهاب إلى وظائفهم، حسب مصادر صحفية ببغداد.

وقال الناشط أيهم صادق إن "الاحتجاجات ستتواصل ولا تراجع عنها إلا بإبعاد جميع الأحزاب السياسية عن السلطة، احتجاجاتنا هذه المرة تختلف عن سابقاتها التي رفعت شعار إسقاط النظام".

وأضاف صادق أن "ما أصدره مجلس الوزراء يوم السبت لا يعنينا نحن المتظاهرون، نعلم جيدا هذه فقط وعود غير متحققة كما كان في السابق"، لافتا إلى أن "المتظاهرين قرروا استئناف احتجاجاتهم هذا اليوم أيضا".

تأتي قرار حكومة عبدالمهدي تزامنا مع ارتفاع حصيلة ضحايا الاحتجاجات إلى 4 قتلى و18 جريحا.

وأعلنت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، اليوم الأحد، أن 4 متظاهرين قتلوا فيما أصيب 18 آخرين في العاصمة بغداد بإطلاق النار الليلة الماضية.

وقال عضو اللجنة، هريم كمال آغا، في تصريح صحفي إن القتلى والجرحى سقطوا نتيجة اطلاق نار وليس قذائف الهاون كما يشاع.
ومن بين قرارات مجلس الوزراء اعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية "شهداء"، وشمولهم بالقوانين النافذة، ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة على ذلك.
وتعهد بأن تتولى وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية وتوفير كامل الاحتياجات على نفقة الحكومة بما في ذلك العلاج خارج العراق إن تطلب ذلك.
وقالت "واع" إن مجلس الوزراء وجه الوزارات والجهات المعنية الأخرى بتنفيذ هذه القرارات بحسب الاختصاص.
كما قرر المجلس مناقشة الحزمة الثانية من القرارات المتعلقة بالإصلاحات ومطالب المتظاهرين في الجلسة المقبلة، والاستمرار باتخاذ القرارات اللازمة في الجلسات اللاحقة.
ويشهد العراق احتجاجات عنيفة منذ الثلاثاء بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب والوسط ذات أكثرية شيعية.
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم وباتوا يدعون لاستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي؛ إثر لجوء قوات الأمن للعنف لاحتواء الاحتجاجات ما أوقع أكثر من 100 قتيل فضلا عن آلاف الجرحى.
ويتهم المتظاهرون قوات الأمن بإطلاق النار عليهم، فيما تنفي الأخيرة ذلك وتقول إن "قناصة مجهولين" تطلق الرصاص على المحتجين وأفراد الأمن على حد سواء لخلق فتنة.