هذا ما ينتظر العرب والمسلمين بعد فوز اليمين المتطرف في إيطاليا

الزعيمة اليمينية جورجيا ميلوني تهتف "لا للهجرة الجماعية والعنف الإسلامي، تحيا إيطاليا، وتحيا أوروبا للوطنيين."
مسلمو إيطاليا يصوتون لليمين المتطرف رغم معاداته لهم
زعيمة اليمين المتطرف الإيطالية تتخلى عن فكرة الخروج من اليورو
ميلوني "نعم للعائلة الطبيعية ولا للوبي مجتمع الميم"
روما

بعد السويد في أقصى القارة الأوروبية يجد تيار اليمين المتطرف متنفسا جديدا في أقصى جنوب القارة بعد أن حقق حزب "فراتيلي ديطاليا" ذي الجذور الفاشية الجديدة بزعامة جورجيا ميلوني فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية في إيطاليا، الأمر الذي يحيي هواجس الأوروبيين بمدى ضمان سلامة منظومة حقوق الإنسان الكونية والتي تدخل ضمنها هواجس تتعلق بالإسلاموفوبيا ووضعية المهاجرين خاصة من العرب والأفارقة الذين يدخلون إيطاليا بالآلاف سنويا عابرين البحر المتوسط خلسة.
وبعد تأكد حصول التحالف اليميني أغلبية قوية في البرلمان، أعلنت ميلوني أنها ستترأس الحكومة المقبلة وأن حزبها سيحكم " لجميع" الإيطاليين  لـ"توحيد الشعب"، بينما أعلن الحزب الديمقراطي الذي يمثل يسار الوسط انضمامه لصف المعارضة في البرلمان. 
وأفاد المركز الإيطالي للدراسات الانتخابية أن حزب "فراتيلي ديطاليا" (إخوان إيطاليا) بزعامة ميلوني والرابطة اليمينية المتطرفة بقيادة ماتيو سالفيني سيحصلان على "أعلى نسبة من الأصوات التي سجلتها أحزاب اليمين المتطرف على الإطلاق في تاريخ أوروبا الغربية منذ عام 1945 إلى اليوم".
ولا تخفي التيارات اليمينية المتطرفة مشاريعها التي تركز على مسألة القومية الضيقة وبالتالي تقصي المهاجرين خاصة من غير الأوروبيين وتدعو إلى دول أوروبية وطنية متجانسة اجتماعيا وثقافيا ودينيا، الأمر الذي يحيل على معاداة المسلمين في المشروع اليميني المتطرف.
وهو مشروع بنت عليه زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان حملاتها الانتخابية السابقة متخلية "إلى حين" عن فكرة الخروج من اليورو.
وعلى خطى لوبان، تخلت ميلوني هي الأخرى عن مشروعها الداعي للخروج من اليورو، لكنها تطالب بـ "مراجعة قواعد ميثاق الاستقرار" المعلقة بسبب الأزمة الصحية والتي تحدد سقف العجز في ميزانية الدول وديونها بـ3 بالمئة، وديونها بـ60 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي.

المفوضية الأوروبية تقول إن لدى الاتحاد الأوروبي أدوات لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة

وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن في أول تعليق خارجي على نتائج الانتخابات "إنها لا تريد التعليق على الخيارات الديمقراطية للشعب الإيطالي"، لكنها "ترغب في التأكيد أن لدى الاتحاد الأوروبي قيما محددة يتمسك بها مثل حقوق الإنسان".
وتخشى منظمات غير حكومية من أن يؤدي وصول الفاشيين الجدد بزعامة ميلوني إلى السلطة إلى إغلاق حدود البلد الذي يقصد سواحله سنويا عشرات آلاف المهاجرين غير النظاميين القادمين من الضفة الجنوبية للبحر المتوسط بحثا عن حياة كريمة لم تتوفر لهم في بعض بلدان إفريقيا البائسة.
وغردت ميلوني على تويتر قائلة "في أوروبا، إنهم قلقون جميعاً لرؤية ميلوني في الحكومة.. انتهى العيد، ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية".
وهتفت ميلوني في يونيو/ حزيران الماضي في إطار الإعلان عن مشروعها "نعم للعائلة الطبيعية، لا للوبي مجتمع الميم، نعم للهوية الجنسية، لا لأيديولوجيا الجندر، ولا للهجرة الجماعية والعنف الإسلامي. تحيا إيطاليا، وتحيا أوروبا للوطنيين".
ومع تنامي المخاوف من أن "تعبث" التيارات اليمينية المتطرفة بالقيم الأوروبية قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن لدى الاتحاد الأوروبي "أدوات لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة".
ويتذكر مسلمو إيطاليا جيدا سالفيني المتحالف مع ميلوني عندما أعلن في انتخابات 2018 عن نيته ترحيل نصف مليون مهاجر غير نظامي، فضلا عن ذكره الإسلام بسوء في مناسبات عديدة أبرزها تعليقه بأن "التطرف الوحيد الذي ينبغي التفطن إليه هو التطرف الإسلامي"، وذلك تعليقا على مذبحة المسجدين في نيوزيلندا عام 2019.
وفي أغسطس/ آب 2021 أثار سالفيني مشاعر الغضب لدى المسلمين عندما قال إن "القراآن لا يتوافق مع الديمقراطية".

اليمين المعادي للأجانب وللمسلمين يضع على قائمة مرشحيه امرأتين مسلمتين

وعندما كان وزيرا أوقف السماح ببناء مساجد جديدة ، وطالب بتخصيص مقاعد في وسائل النقل بمدينة ميلانو (شمال) يحتكرها "السكان الأصليون" دون غيرهم.
وأعلن سالفيني في وقت سابق أنه سينقل سفارة إيطاليا من تل أبيب إلى القدس في حال فوزه بانتخابات 2022.
ولا يخفي الضلع الثالث في التحالف اليميني المتطرف في إيطاليا، حزب "فورزا إيطاليا" بزعامة رجل الأعمال والسياسي المخضرم سيلفيو برلسكوني، انزعاجه من تدفق المهاجرين.
وعمل برلسكوني كثيرا في السابق على قطع طريق البحر أمام قوارب المهاجرين وطالب بضرورة إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، لكنه وعد المسلمين في 2018 بأنه لن يغلق المساجد والمراكز الإسلامية.
وتكمن المفارقة حسب استطلاعات الرأي في أن نسبة كبيرة من مسلمي إيطاليا صوتوا لصالح اليمين المتطرف، إذ يعتبر الكثير منهم أن تصريحات اليمينيين ضد المهاجرين مجرد دعاية انتخابية، متمسكين بفكرة أن الأجانب يمثلون رقما صعبا في التوازن الاجتماعي وفي الدورة الاقتصادية بإيطاليا التي تفتقر بالأساس للقوة العاملة، وتعاني من ظاهرة ارتفاع متوسط عمر السكان، التي يُعبر عنها بالتهرم السكاني. 
والمفارقة الأخرى في الانتخابات الإيطالية هي أن اليمين المعادي للأجانب وللمسلمين وضع على قائمة مرشحيه امرأتين مسلمتين، هما سعاد سباعي عن حزب سالفيني، وسارة كيلاني عن حزب ميلوني.