هزيمة إخوان الأردن في انتخابات نقابة الأطباء تؤسس لهزائم سياسية أوسع
عمان - خسرت قائمة تمثل التيار الإسلامي في الأردن الانتخابات الخاصّة بنقابة الأطباء التي أعلنت نتائجها النهائية السبت، ما يعكس تحوّلات واضحة في المزاج النقابي والسياسي داخل البلاد، بعد المطالب بمحاسبة الجماعة إثر تورط أعضاء ينتمون إليها في خلية تستهدف أمن البلاد.
وبدأت الجمعة انتخابات نقابة الأطباء، في مجمع النقابات المهنية بعمان وفروع النقابة في المحافظات لاختيار نقيب وأعضاء مجلس النقابة الجديد، وشهدت تنافساً حاداً بين قائمة التيار الإسلامي مع قائمة وطنية متعددة الألوان وتمكّن الإسلاميون بالفوز فقط بمقعدين من أصل 12 مقعدا في مجلس النقابة التي تعتبر من أبرز النقابات المهنية في البلاد. كما خسر أيضا مرشح التيار لموقع نقيب الأطباء.
وحصدت قائمة الوطن التي تضم أطيافاً متعددة ومستقلة غالبية المقاعد، مؤكدة حضورها القوي ومشروعها القائم على الدفاع عن حقوق الأطباء وتحسين شروط العمل وتحصين النقابة من التسييس.
ويأتي تراجع قائمة الإخوان بشكل لافت، بعد أن كانت تحظى بنفوذ واسع في عدد من الدورات السابقة، ما اعتبره مراقبون مؤشراً على فقدان الجماعة جزءاً من قاعدتها النقابية، في ظل تصاعد النقد لأدائها وبرامجها لاسيما بعد التطورات الأمنية الأخيرة.
وقال أحد الفائزين من قائمة الوطن إن هذا الفوز "انتصار للإرادة الحرة وللنقابة كمؤسسة مهنية يجب أن تبقى بعيدة عن الاستقطابات السياسية"، مؤكداً أن المرحلة المقبلة "ستشهد خطوات فعلية لتحسين أوضاع الأطباء والدفاع عن استقلال النقابة".
وباتت انتخابات النقابات المهنية تحظى باهتمام سياسي ومجتمعي متزايد، نظراً لدورها الحيوي في تمثيل شريحة واسعة من المهنيين، وتأثيرها غير المباشر في الحياة العامة.
ويبدأ موسم الانتخابات النقابية تباعا في الشهرين الحالي والقادم حيث يترقّب الشارع النقابي حدة التنافس في نقابة المهندسين أضخم النقابات المهنية.
وتُعبّر النتائج عن أول هزيمة انتخابية مرصودة للإسلاميين بعد الكشف الرسمي عن تورّط عناصر من جماعة الإخوان المسلمين بمخطط للمساس بالأمن الوطني الداخلي. وتزايد الدعوات بمحاسبة أي حزب أو تنظيم مرتبط "بالجماعة"، ومن بينهم وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة الذي قال في منشور له على منصة إكس إن "أي تنظيم أو حزب تثبت علاقته بالتنظيم الإرهابي يجب أن يعاقب قانونيا بالحل والتصنيف كتنظيم إرهابي محظور".
وكشف السلطات الأمنية الأردنية "إحباط مخططات خلية لتصنيع الصواريخ تضم 16 عنصرا"، كانت "تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي"، بينهم أعضاء على صلة بجماعة الإخوان المسلمين.
وأظهرت اعترافات الخلية التي تتهمها السلطات الأردنية بالانتماء للإخوان المسلمين، عن تلقي أعضائها التمويل والتدريب في لبنان وأنهم خططوا لشن هجمات على داخل المملكة باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة. كما نقلت وسائل إعلام لبنانية عن معطيات أن حركة حماس هي التي قامت بتدريب عناصر الخلية في لبنان.
لكن جماعة الإخوان المسلمين نفت في بيان عبر حزبها جبهة العمل الإسلامي صلتها بهذه الخلية، وقالت أن ما أعلنته الحكومة "هي أعمال فردية على خلفية دعم المقاومة الفلسطينية لا علم لنا بها ولا صلة".
وفتحت هذه القضية ملف الجماعة في الأردن إذ أن الكشف عن الخلية يشكل نقطة تحول في علاقة هذا الحزب بمؤسسات الدولة، وهي العلاقة التي كانت تاريخياً ملتبسة ومرّت في فترات من التوتر، وتشير هذه القضية إلى التداخل التاريخي بين الإخوان المسلمين في الأردن وحركة حماس في غزة.
وقام الأردن فعلياً بحل تنظيم الإخوان المسلمين في العام 2020 لكنه سمح له بخوض الانتخابات بجناح سياسي هو حزب جبهة العمل الإسلامي، وقد حصد 31 مقعداً من أصل 138 في البرلمان الحالي.
ويرى محللون أن تراجع التمثيل السياسي للإخوان في الحياة البرلمانية والنقابية ساهم في دفع البعض منهم إلى خيارات أكثر تشددًا، أو على الأقل إلى الاقتراب من خطابات ذات طابع مقاوم تتماهى مع حماس وحزب الله.
وفي وقت تتراجع فيه جبهات المواجهة بين محور إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل وحلفائها من جهة أخرى، في لبنان وسوريا واليمن والعراق وقطاع غزة، وفي وقت تخسر فيه إيران أوراقها الإقليمية واحدة تلو الأخرى، يبدو أن العيون تتجه إلى الأردن كمسرح جديد يحاول المحور الإيراني استخدامه، وهذه المرة من بوابة الإخوان، وهي الجماعة التي تأسست قبل ما يقارب ثمانية عقود في الأردن، وتحديداً في نهاية العام 1945 امتداداً لحركة الاخوان المسلمين المصرية.
وتتواجد مجموعات الاخوان المسلمين المتفرعة من الأصل المصري في دول عربية عدة كما في تونس وسوريا ولبنان والأردن وقطر بالإضافة إلى قطاع غزة مع حضور خجول في العراق، فيما تحظر دول عربية أخرى أكثرها خليجية، الجماعة وتضعها على لوائح الإرهاب، كما هي الحال مع الإمارات ومصر.